حول مفاوضات القاهرة
عقدت الهيئة الإدارية في تجمع العلماء المسلمين اجتماعها الدوري وتباحثت في الأوضاع المستجدة في لبنان والمنطقة وخاصة ما يحصل في غزة وفي جنوب لبنان وصدر عنها البيان التالي:
ماْئة وثلاثة وخمسون يوماً والمجزرة تتكرر في غزة، والعدو الصهيوني يعاني من الفشل تلو الفشل ويتعرض لخسائر كبيرة، إلا أنه لا يجد مجالاً للتعويض عن خسارته هذه سوى بارتكاب المجازر بحق المدنيين وسط صمت عالمي مشبوه وعميل ومتآمر، ووصل إلى حد أنه حتى المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وتلك المعنية بإصدار قرارات لحفظ السلام والأمن الدوليين، لا تقوم بواجبها على هذا الصعيد، وتوفر غطاءً ولو بطريقة مواربة للعدو الصهيوني للقيام بما يقوم به من مجازر، فهي شريكة معه شاءت أم أبت. إن ما يحصل اليوم هو بإدارة الولايات المتحدة الأمريكية، وهي وحدها تتحمل المسؤولية الإنسانية والتاريخية عما يحصل، وسيسجل العالم أن الشيطان الأكبر ليست صفة مفتراة على هذه الدولة الغاصبة والدولة الظالمة والدولة المستبدة والدولة المستكبرة، بل هي فعلاً أكبر شيطان على وجه الأرض، وفي النهاية سيكون مصيرها الزوال كما مصير ربيبتها الكيان الصهيوني. إن الولايات المتحدة الأمريكية التي تأتينا اليوم بثوب الوسيط من خلال عاموس هوكشتاين إلى لبنان من أجل طرح أفكار تصب جميعها في مصلحة الكيان الصهيوني، لن يكون لها أي مجال للقبول في لبنان، وأن المقاومة ستكون على أهبة الاستعداد لتفويت الفرصة على أي محاولة من أجل إضعاف التماسك الوطني في مواجهة العدو الصهيوني. إننا نعيش اليوم مرحلة خطيرة وخطيرة جداً، والقرارات التي ستتخذ ستكون قرارات مصيرية، لذا لا بد من احتشاد جماهير العالم الإسلامي والعالم الحر خلف المقاومة لمساعدتها على الصمود الذي سيعقبه الانتصار بإذن الله تعالى.
إن الهيئة الإدارية وبعد دراستها الوافية للأوضاع المستجدة في لبنان وفلسطين تعلن ما يلي:
أولاً: أتى إلينا عاموس هوكشتاين يحمل أفكاراً قال إنها أفكارٌ أمريكية ولكنها في الواقع هي أفكارٌ صهيونية تريد أن تُخرج العدو الصهيوني من مأزقه الذي يعيش فيه، وهو يعاني من ضربات المقاومة. وكل ما يهم هوكشتاين هو أن تكون قوات الرضوان بعيدة عن الحدود بمسافة لا يكون فيها لسلاحها أي تأثير، وهذا لا يمكن أن يحصل أبداً، أولاً لأن قوات الرضوان هم أهل المنطقة، وثانياً لأننا بالنهاية لا يمكن لنا أن نتخلى عن سلاحنا في مواجهة العدو الصهيوني، إذا أرادوا منطقة آمنة لهم فلينسحبوا هم إلى مسافة لا تصل إليها هذه الصواريخ المباشرة. ولكنهم لن يكونوا في منأى عن الصواريخ الاستراتيجية الكبرى، ففي النهاية هذا الكيان مصيره الزوال والولايات المتحدة الأمريكية لن تستطيع الدفاع عنه.
ثانياً: يرى تجمع العلماء المسلمين أنه ليس في مصلحة الوطن إثارة أي خلافات في وقت المعركة قد يكون هناك اختلافات على عدة صعد ولو على صعيد حتى المقاومة، إلا أن ذلك لا يعطي الحق لأي فئة أو أي طائفة أن تقوم اليوم بإظهار خلاف يضعف من جبهتنا مع العدو الصهيوني، وإن هذا سيخدم الكيان الصهيوني بشكل كبير، ولا أعتقد أن فئة في لبنان مستعدة لأن تقف إلى جانب الكيان الصهيوني من حيث تدري أو لا تدري، لذلك فإن تجمع العلماء المسلمين يدعو إلى وحدة الصف الوطني في هذه المعركة.
ثالثاً: يتوجه تجمع العلماء المسلمين بالتحية لسرايا القدس على الكمين الكبير الذي نفذته بحق أرتال من الآليات العسكرية الصهيونية المتوغلة جنوب شرق حي الزيتون والتي أوقعت فيها عدداً كبيراً من القتلى والجرحى في صفوف العدو الصهيوني، وهذا يؤكد أن المقاومة في فلسطين ما زالت على جهوزية كاملة، وأن كل ما فعله العدو الصهيوني إنما كان انتقاما من المدنيين، إلا أنه لم يستطع ولن يستطيع أن يفت من عضد المقاومة التي ستكون في النهاية هي المنتصرة في هذه الحرب، والمطلوب هو الصبر والصمود وإن شاء الله سيكون النصر حليف المقاومة.
رابعاً: يرى تجمع العلماء المسلمين أن هناك معركة اليوم كبيرة تُخاض على صعيد المفاوضات لعلها في مستوى المعركة العسكرية التي تُخاض على الأرض، وأن وفد حركة حماس الذي عاد من القاهرة من دون الوصول إلى أي اتفاقات نتيجة تصلب العدو الصهيوني ورفضه للاقتراحات التي تمثل بالنسبة لحركة حماس الحد الأدنى المقبول، فإن هذا يؤكد على أنه لا بد من مرور وقت تصمد فيه المقاومة وترفض التنازل عن أي بند من البنود التي وافقت عليها سابقاً، لأنه لا مجال للتنازل أكثر مما حصل، وبالتالي إذا كان العدو لا يريد التراجع ويريد الاستمرار في الحرب، فإن مصير هذه الحرب سيكون الفشل، ولن يستطيع العدو الصهيوني تحقيق أهدافه. وبالنهاية فإن المطلوب هو دعم المقاومة ووقوف جماهير العالم الإسلامي والعالم الحر إلى جانبها، والخروج في مسيرات كبرى نهار السبت لدعم هذه المقاومة ودعم صمودها.