آخر الكلام

تعودُ الحياةْ.. وتشتعلُ الصلاةْ

بقلم غسان عبد الله

صَمْتٌ كموسيقى الفَضاءِ الرَّحْبِ‏

صلصالٌ يَئِنُّ على ضِفافِ الماءِ‏..

ينبثقُ الضِّياءُ مِنَ الجبينْ.‏

وَطيفٌ في غلالةِ نجمةٍ‏ نزلتْ من الأُفُقِ المكينْ.‏

تلكمُ فاطمةُ تبدأ رحلة العارفينْ..

****‏

الوقتُ يبدأُ،‏ والزَّمانُ يُرتِّبُ الآنَ الجنائنَ،‏ في شَغَافِ العاشقين‏..

ومِنْ دقائِقَ،‏ أشْعَلَ الخَلاّقُ فتنةَ همسٍ مِثْلَ ضراعةٍ فأضاءَ..

عاجَت نوافذي بالنورِ،‏ والطَّمْيِ المُضَمَّخِ بِالحَنينْ.‏

****‏

أُنسٌ.. ليلٌ.. وعشقٌ موؤودٌ بنار العاشقينْ..‏

نوافذُ.. كَما بدَأتْ تكونُ‏.. للدعاءِ.. وللصلاةْ..

علامةً بيضاءَ‏ فوقَ جبينِ أوّلِ مهرةٍ غَجَريةٍ‏

وإشراقةً قدسيةً هَبَطَتْ مِنَ الغيمِ الشتائيِّ الخصيبِ‏ إلى الحَياةْ.‏

****‏

مَنْ يُمسِكُ الألوانَ‏ إنْ عَبَرَتْ سَحابَةُ ظِلِّها القُزَحِي

واندَفَعتْ رُؤىً..‏ صَبَواتِ‏.. أشكالاً‏.. وآلافاً؟!‏

تَشابَكَتِ المياهُ بأنسِ أدعيةٍ‏ تَكادُ تُلامِسُ الحُلُمَ المُبينْ.‏

إذْ ذاكَ ينتفضُ السّكونْ.‏. مِنْ صمتِهِ الوَقْتيِّ‏..

يلبسُ حُلّةً أخرى‏ ويبتدئُ الصّلاةْ.‏.

مَنْ يمسكُ السحُبَ المطيرةَ‏ في ظهيرةِ لَيْلي؟؟‏..

عَصَفَتْ بها الأنواءُ‏.. أَنْشَدَ في عُذوبةِ مائِها‏ ونخيلِها‏ الشعراءُ‏ والعشاقُ‏ والنُّساكْ..‏

أجمَلَ ما تَنَزَّلَ مِنْ أغاني الريحِ‏

إذْ مَلَكَ الفَضاءَ بِها‏ وأَحْكَمَ قُفْلَها‏ صَقَرٌ سَماوِّيٌ‏ وأمسَكَ بالفَلاةْ.‏

****‏

عشقٌ.. صلاةٌ.. أنسُ النوافذِ الجذلى..

صِراطٌ بينَ مملكتينِ‏.. بينَ السِّرِّ والإِفصاحِ‏..

بينَ بدايةٍ مقفولةٍ‏ ونهايةٍ مفتوحةٍ‏

غيثٌ وقطراتٌ تهمي..

هطلٌ حميمٌ على شَفَةِ النهارِ‏

وحِكمَةُ الدَّمْعِ المُؤَجَّلِ في مآقينا..‏ المكفّنِ بالمحبةِ‏ والمُغطَّى بالأنينْ.‏

****‏

هذا هُوَ الليلُ الجليلُ‏ يا أحبتي..

تظلُ النوافذُ مشرعةً على مسائها الشغفيِّ‏

لَنْ تتراجَعَ الأنهارُ للأعلى‏ ولَنْ يَقِفَ الزَّمانْ.‏

فليَهْدَأِ القلقُ الحَزينْ..

وليقنعِ الآخر الذي يعصف بنا خوفَ إثمٍ..‏

فالروحُ النديةُ في الأعالي‏..

وغيوم السماءِ الهاطلاتْ.. تعودُ جميعُها إلى الأرضِ..

ومن الأرضِ تعودُ إلى حياتها الكائناتْ..

أنسٌ.. عشقٌ.. وصلاةُ ليلٍ.. ونوافذُ على الأسى والأفراحِ مشرعات..

موتٌ.. وذكرى ميلادٍ.. وأجسادٌ تَعودُ ثانيةً‏ رُفاتْ.‏.

وشفاهُ شجيراتٍ شققها ظمأ الحنينِ..

ترفعُ للباري سيلَ الدعاءات..

فيرتوي يبابُها.. وتعودُ إلى السواقي حياةُ الحياةْ..

غيثٌ يَدُقُّ على فُؤادِ الأرضِ في رِفْقٍ‏ ويهمِسُ للمياهِ،‏ وللنَباتْ.‏.

أنا طيَّ الغمامِ أنشودتي.. فاكتبوا على نوافذكم في المساءِ..

تعودُ الحياةْ.. وتشتعلُ الصلاةْ..

وبالصلاةِ.. تنهلُ الحياةُ من الغيث قطراتْ.