عبرة الكلمات

عبرة الكلمات 437

بقلم غسان عبد الله

إلى الحاج رضوان

أقول: وداعاً.. وداعاً.. ويا زورقَ العمر امخُرْ عبابَ انتظاري، وفُجَّ مياهَ التصبّرِ، كي تصلَ الجزرَ المستحيلةَ.. والدساكرَ المحروثةَ بالصواريخِ.. بين دمي ورحيلكَ ـ رضوانُ ـ وطنٌ لا يباعدنا أو يقرّبنا.. حلمٌ عالقٌ تحت أجفاننا.. زمنٌ ينتهي دائماً.. بانتصاراتِنا.

القصيدة‏

اقتربتِ النارُ من الماءِ وقالتْ: يا سرَّ الأحياء.. ثمّ عادتْ إلى مسكنها تحت الرّماد.. سبحَ الماءُ قرب جذرِ النبات وصاح: يا لَلْموسيقى التي يعزُفُها النّباتُ النامي وكرنفالُ الألوان… ثمَّ عادَ الماءُ إلى النهْرِ والينابيع.. غرّدَ الطائرُ في الحقولِ، وتنقّل بين الأغصانِ الطافحةِ بالأزهارِ الغائمةِ… ثمّ عاد إلى عشّهِ فرحاً…‏ صاحتِ القصيدةُ: أنا كلُّ هذا… لكن ليس لي بيتٌ لأعودَ إليه!!.

حبقٌ وألق

حبقٌ يفتحُ بابَ الَّليل للشّعرِ… وهذا القلبُ كأسٌ كُسِرَتْ أمسِ، وجاء الحَبَقُ المبدعُ يُحْيي كِسَرَ القَلْبِ، ينيرُ الأفُقَ السَّاقطَ في بئر الغَسَقْ.. فدعائي لكَ مولاي الحبقْ.. يا منِ الأرضُ له سجَّادةٌ منسوجةٌ بالعطرِ باركني، وسامحني إذا أخطأتُ في الحضرةِ.. فالشَّاعرُ خيَّالُ القَلَقْ… يا مضيء الغيبِ نوّرْ جوهَرَ الوَقْتِ.. أنا الأمّيُّ.. علِّمْني الألَقْ!!.

حضور

إذا رَفَع الَّليلُ خيمتَهُ في طريق المَطَرْ.. ولم ينتبهْ لمروري خفيفاً كأحلامِ كهلٍ ينامُ ليصحوَ في قدمَيْهِ الغَمَامُ فشكراً لهذا الحضورِ الرَّقيقِ يعلِّق في ظلماتي ظلالاً ويفتَحُ لي باب أسراره ويقولُ: تعلَّمْ!… وما ليس لي صار لي، غير أنّي غريبُ الشّتاءِ كثيرُ الضِّياءِ، وحيدُ الضَّجَرْ.

غرَق

غرَقٌ.. غرق.. البحرُ يهرَمُ في عروقي متعباً من هذه الفوضى الَّتي تنتابُ زورقَهُ اليتيمْ.. البحرُ يأكُل موجَهُ جوعاً.. ومفتقراً إلى الياقوت والحجر الكريمْ.. حوتٌ من الأحزان يبلعُني، تمرّ عليَّ أجيالٌ من الأمواج متروكاً بجوف الحوتِ، لم تفطَنْ سلالاتٌ النَّوارس بي فهل أسمعتُ – لو ناديتُ- بحَّاراً؟!! وهل ما زلتُ منذوراً لقبطانٍ عجوزٍ كرِّسَتْ كلُّ البحار على اسمِهِ.. فطغى وظنّ كؤوسَهُ تكفي لتفريغ البحارْ.