في الوقت الذي تراقب فيه طهران عن كثب والجبهة قد تتوسع.. الولايات المتحدة تحذر – ولا يجب الاستخفاف بذلك
ترجمة وإعداد: حسن سليمان
أصبح التهديد الأمريكي بالحد من شحنات الأسلحة إلى إسرائيل قضية أكثر مركزية هذه الأيام ويظهر بشكل خاص في الحوار بين البلدين. سلسلة المنشورات في وسائل الإعلام الأميركية في الأيام الأخيرة ليست إشارة تحذير: إنها ضربة من إدارة بايدن لإسرائيل، والحقيقة الصعبة هي أن الضربات القادمة قد تكون أكثر إيلاماً بكثير.
إن محاولات تقزيم القصة على سبيل المثال – من خلال التذكير بما حدث أثناء عملية الجرف الصلب، عندما أخر رئيس الولايات المتحدة آنذاك باراك أوباما شحنات صواريخ “هيلفاير” – لا تجدي نفعاً. مع كل الاحترام لما حدث قبل عقد من الزمن تقريباً، فإن حرب السيوف الحديدية طويلة ومتعددة الساحات، مع إمكانية التوسع إلى جبهة كاملة في الشمال.
وبالفعل، وبسبب تركيز الجهود في بداية المعركة على غزة والتأهب مقابل حزب الله، فهذه هي الحرب التي أتخم فيها الأمريكيون الجيش الإسرائيلي أكثر من أي معركة أخرى بأكثر من 370 طائرة و65 سفينة وصلت إلى إسرائيل، معظمهم يحملون العلم الأمريكي. هذا المعطى لوحده يشير إلى أي حد بناء قوة إسرائيل لا يتوافق مع خريطة التهديدات.
وكما نشر هنا سابقاً، أصدر المستوى السياسي تعليماته للجيش الإسرائيلي ببناء قدراته على الحسم في ساحة واحدة فقط (لبنان) ودفاعياً في الساحات الأخرى. تعلمنا هذه الحرب مدى النقص في تقدير الوضع، ومن الصعب أن نتصور أين كنا سنكون لولا الالتزام الكامل للولايات المتحدة بقيادة الرئيس جو بايدن.
ولكن الآن، وكما هو متوقع، أتت كلمة “إلى هنا”. الرسالة الأمريكية واضحة جداً: إذا لم تلتزموا بمسألة رفح، وعملتم على احتلال المدينة، فلن تحصلوا على المساعدات الحيوية ليس فقط لرفح، بل أيضاً للتطورات المحتملة في الشمال.
صحيح أن إسرائيل احتفظت بالذخائر للحرب ضد حزب الله، وأيضاً الآن هي تنتظر يوم صدور الأمر، لكن مثل هذه الحرب ضد عدو أكثر تدريباً وتجهيزاً من حماس، لن تكون قصيرة. ولذلك يتعاطون في المؤسسة الأمنية مع التهديد الأمريكي بكامل الجدية ويتعاملون معه بقدر كبير من الحذر والحساسية.
حتى الآن دارت مناقشات بين البنتاغون والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية – التي عكس رؤساؤها الوضع الى المستوى السياسي – وقد قرر الأمريكيون أن الوقت قد حان لإخراج الغسيل القذر إلى الخارج. وبحسب المعلومات التي نشرت في وسائل الإعلام الأمريكية، فإن تأخير شحنات الأسلحة المتجهة إلى إسرائيل يصل إلى أسبوعين على الأقل، وتشمل الشحنات، من بين أمور أخرى، آلاف القنابل للطائرات المقاتلة التي تصنعها شركة بوينغ، إلى جانب قطع تحول القنابل الى أكثر دقة. في الجيش الإسرائيلي، تسمى القنابل من هذا النوع بـ “البرد الثقيل”، ويستخدمها سلاح الجو في جميع ساحات القتال، من غزة وحتى سوريا.
هناك من يخطئ أو مضلل بأن القصة هي أهواء “مسؤول” أو آخر. وفي الواقع، فإن مثل هذا القرار الحساس، الذي يمس جوهر الحوار الاستراتيجي بين البلدين، تتم الموافقة عليه في المكتب البيضاوي وليس أقل من ذلك. هناك يعلمون أن تأخير الشحنة حتى ولو لمدة خمس دقائق يشكل تطوراً إقليمياً دراماتيكياً، يختبر من خلاله اللاعبون في الشرق الأوسط مستوى الردع الإسرائيلي. الأنظار في طهران، مثلاً، تتابع كل تقلُّب في العلاقات بين واشنطن والقدس. وهذا هو بالضبط ما قيل في التحذير الشهير الذي وجهته شعبة الاستخبارات لنتنياهو خلال الاضطرابات المحيطة بالإصلاحات القضائية: الصدع بين الولايات المتحدة وإسرائيل يزيد من احتمالات الحرب.
الرسالة الأمريكية مرتبطة بشكل مباشر بصفقة المخطوفين، التي تعتمد مرة أخرى على الكبح. ويستغل الجيش الإسرائيلي ذلك في عملية محدودة وحتى رمزية، والتي لم تصل حتى الآن إلا إلى معبر رفح. ومن المثير للاهتمام أيضاً ملاحظة خطاب وزير الامن يوآف غالانت، الذي زار الحدود الجنوبية: “العملية في رفح لن تتوقف حتى القضاء على حماس – أو عودة الأسير الأول إلى إسرائيل”. بهذه الكلمات لا يستبعد غالانت المرونة، بل إنه، على عكس نتنياهو، يشير إلى الأمريكيين بأن من الممكن منع عملية واسعة النطاق في رفح.
كالعادة، الأمر يعتمد بشكل أساسي على السنوار: إذا كان الخوف من العمل الإسرائيلي سيقوده إلى صفقة مختلفة عن تلك التي تمت مناقشتها في الأيام الأخيرة. وبناءً على ذلك، ستصل إسرائيل إلى لحظة قرار دراماتيكية: فإما أن تلتزم بالإملاءات الأمريكية وتتصرف بشكل محدود في رفح، أو تذهب إلى أبعد الحدود وتخاطر بسيناريو قد يتركها مكشوفة ومعزولة.
صحيفة يديعوت أحرونوت – يوسي يهوشع (كاتب ومحلل في الشؤون العسكرية)