إعرف عدوك

نتنياهو سيدخل التاريخ كمن جلب على إسرائيل أفظع كارثة منذ المحرقة

ترجمة وإعداد: حسن سليمان

 ووفقاً لكلام مسؤولين سياسيين رفيعي المستوى، فإن سيطرة الجيش الإسرائيلي على معبر رفح من المفترض أن تكون بمثابة الترويج للدخول إلى المدينة التي أصبحت “حماس ستالينغراد”، بعد أن تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الأشهر الأخيرة من على كل منصة ومقابل أي ميكرفون بأن الجيش الإسرائيلي سيدخل إلى رفح بكامل القوة، وأثار بذلك شعوراً لدى شعب إسرائيل أن دخول الجيش الإسرائيلي إلى رفح سيؤدي إلى انهيار كامل لحماس، إعادة المخطوفين، وسيجعل الشمس تشرق من جديد بين رفح وغزة.

حاول يحيى السنوار الماكر في اللحظة الأخيرة إيقاف دبابات الجيش الإسرائيلي التي كانت تتقدم من منطقة كرم أبو سالم باتجاه شرقي رفح، عندما أصدر إعلاناً دراماتيكياً: “أنا أوافق”. أي أنه مستعد لقبول الاقتراح الإسرائيلي بإعادة المختطفين ووقف إطلاق النار وفق الخطوط العريضة الأخيرة التي قدمتها إسرائيل. السنوار كان يعلم مسبقاً أن إسرائيل لن تصدقه، وسوف تتحقق منه وتفهم أنه قام بالفعل بتغيير وتعديل بنود الاتفاق التي تعارضها إسرائيل. لكنه في المقابل أدرك بحيله أن موافقته على وقف إطلاق النار وإعادة المختطفين ستثير المزيد من الغضب ضد إسرائيل في العالم، حيث سيتم تقديم إسرائيل على أنها معارضة للاتفاق ووقف إطلاق النار.

السنوار كان يعلم بالطبع أن ذلك سيؤدي أيضاً إلى تفاقم التوترات بين حكومة نتنياهو والإدارة الأمريكية ومصر، وفوق كل شيء سيخلق ضغطاً هائلاً وفوضى داخل دولة إسرائيل، عندما تكثف عائلات المختطفين ومؤيديهم النضال من أجل اتفاق وإطلاق سراح المختطفين مقابل من يدعم استمرار الحرب. إن صح التعبير، فهو انتصار آخر للسنوار ضد السلوك الفاشل وغير المسؤول للحكومة الوهمية، التي لا تزال لا تعرف إلى أين تقود البلاد. هي تحاول بمساعدة الشعارات والوعود الكاذبة خلق شعور أننا قبل “لحظة من الانتصار”.

وهنا، في الحقيقة، وبعد سبعة أشهر من الحرب بلا هدف ولا نتائج، نقترب من لحظة الحقيقة لهذه الحكومة، وهي حقيقة ستنكشف قريباً، عندما ينهي الجيش الإسرائيلي مناورته في رفح، حيث لم يتضح بعد ما إذا كان الجيش سينفذ فعلاً وعد نتنياهو وسيدخل رفح بكامل قوته ويسيطر عليها.

الأمر الواضح هو أنه بعد ملحمة رفح، ستنكشف هذه الحكومة برمتها. الاحتمال الأول هو أنه على الرغم من المناورة في رفح والضرر الدولي، مع كل ما يعنيه ذلك، عندما لا يكون هناك إطلاق سراح للمخطوفين ولا تصفية للسنوار، عندما يتمكن معظم عناصر حماس من الفرار والاختباء في شمال ووسط القطاع، سيضطر الجيش الإسرائيلي إلى السيطرة على القطاع بقوات كبيرة. وهكذا، في الواقع، ستبدأ حقبة “اللبننة” داخل قطاع غزة بتكلفة دموية باهظة، مع استمرار إطلاق الصواريخ باتجاه المستوطنات المحيطة كما كان الحال قبل 7 تشرين الأول.

ستستمر الساحة الشمالية في “النزيف”، ولن يعود عشرات الآلاف من النازحين إلى منازلهم وسيتحول شمال البلاد إلى منطقة مهجورة ومقفرة. إن اقتصاد دولة إسرائيل، الذي كان نموذجاً للازدهار والنجاح، سوف يتدهور إلى واقع مقلق سيشعر به كل بيت في إسرائيل. علاقاتنا الدولية ستصل إلى حضيض لم نعرف مثيلاً له. ستصل معاداة السامية إلى ذروتها، وسيتدهور الوضع الداخلي في إسرائيل إلى مستوى ينذر بالخطر، ما سيؤدي إلى شرخ اجتماعي وطني. باختصار، واقع محزن ومقلق للغاية، وسيؤدي إلى زعزعة استقرار الحياة في دولة إسرائيل بكل المفاهيم. واقع سيعيد دولة إسرائيل إلى التسعينات.

من ناحية أخرى، إذا حصلت الحكومة على موافقة حماس على إطلاق سراح المختطفين، وذلك أساساً بسبب الضغوط الأمريكية، فإنها ستسقط. سيسقطها الوزيران بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، اللذين لن يستطيعا، بسبب أيديولوجيتهما الوهمية، أن يوافقا على اتفاق يعتبرانه استسلاماً لحماس. على الرغم من أنه لن يكون من السهل عليهما أن الانفصال عن القاعدة، من الحكم، مع العلم أنهما ربما لن يعودوا أبداً إلى هذا الوضع. وهذا يعني أن هذه هي نهاية مسار رئيس الوزراء نتنياهو، الذي سيذكره التاريخ باعتباره الشخص الذي جلب على شعب إسرائيل أفظع كارثة منذ المحرقة.