إعرف عدوك

فقط مسألة اختيار: حزب الله شخص نقطة إعماء الجيش الإسرائيلي وكل الشمال موضوع أمامه

ترجمة وإعداد: حسن سليمان

وقد بنى استخدام هذه الطائرات بشكل ممنهج. في البداية فحص طبيعة الرد الإسرائيلي، واختبر مدى دقة المنظومات في الكشف والاعتراض، وبعد ذلك، حاول أن يفهم ما هي أوقات ردّ سلاح الجو. عبر إطلاق الطائرات بدون طيار إلى مديات مختلفة، في مرحلة متقدمة أكثر بدأ بإصابة منظومات مراقبة وتحكّم تابعة للجيش الإسرائيلي القريبة منها والبعيدة. الهجوم الممنهج على وحدة الرقابة في جبل ميرون وضد الوسائل على الصواري على طول الحدود هو جزء من معركة المنظمة الشيعية.

منذ بداية المعركة استخدم حزب الله مئات الطائرات بدون طيار ضد إسرائيل. عدد مهم منهم دخل، انفجر وأصاب بنية تحتية، قوات عسكرية ومنازل مدنية.

يمكن القول اليوم إن حزب الله شخَّص نقطة ضعف الجيش الإسرائيلي بالدفاع، وهجماته على منظومات الرصد والانذار ليست صدفة. وفي سياق مباشر لذلك، وقعت إصابة في منشأة الجيش الإسرائيلي الذي يشغِّلون منها بالون المراقبة الضخم “طال شمايم”. يتعلق الأمر بخطوة أخرى القصد منها إعماء سلاح الجو في الدفاع أمام تهديدات تصل من لبنان ومن سوريا، وأيضاً من مناطق أخرى أبعد بكثير.

على الرغم من العناوين التي صدرت عن إصابة طائرة بدون طيار لمنشأة عسكرية غير بعيدة عن مفترض غولاني، يجب التأكيد أن الأمر لا يتعلق بأول حادث من نوعه. قبل أربع سنوات دخلت طائرة بدون طيار بأسلوب مشابه إلى هذه المنطقة في أعقاب خطأ مهني من الجيش الإسرائيلي، بل إن هذه الطائرة عادت إلى لبنان. منذ ذلك الوقت، خلال الحرب، نجح حزب الله بإدخال طائرات بدون طيار إلى عكا، كريوت، أربل ولتفور.

هذا المسار السلبي المستمر منذ سنوات يشير إلى العمى والسُبات العميق، لكي لا نقول المفهوم – الذي اتسمت به المؤسسة الأمنية في كل ما يتعلق بفهم التهديدات القادمة من الشمال. هذا، وخصوصاً عندما تطرح أسئلة مثل: هل أن المنظومات لم تفعل ما يجب، هل نجح حزب الله بالتشويش عليهم؛ هل أن الهجوم الممنهج لحزب الله على منظومات الكشف والمراقبة والسيطرة والإنذار أضعف سلاح الجو؛ وما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لقدرة الجيش الإسرائيلي وللدفاع عن المنشآت الاستراتيجية.

من المهم أن نفهم بأن حزب الله يحافظ على معادلة واضحة على الرغم من مهاجمة المنشأة العسكرية غير البعيدة عن مفترق غولاني. وفي اللحظة التي يدمر له الجيش الإسرائيلي منظومات دفاع جوي تابعة له فإنه يرد بهجوم له في المنطقة، في التوقيت والهدف الواضحين جداً. وذلك حتى لا تفسر إسرائيل نشاطاته بأنه حرب أو تحطيم للأواني.

إسرائيل وصلت إلى وضع “بينغ بونغ”، وهو لا يختلف بالضرورة عما يحصل في قطاع غزة. لذلك، فقد حان الوقت لاختيار أدوات جديدة. هل يعتقد الجيش الإسرائيلي أنهم ينهكون العدو مع مرور الوقت، أم أن الجانب الإسرائيلي يُنهك أيضاً؟ الجواب واضح.

هناك خيارات لتغيير هذه المعادلة وهي تتضمن الهجوم، الدفاع، ودمج العمل السياسي. وهذا ينطبق أيضاً على الساحة الجنوبية، ومن سمع وزير الأمن يوآف غالانت يتحدث أمس (الأربعاء) يفهم جيداً أننا أقرب إلى الحرب في الشمال من الحل. مطلوب من الحكومة الإسرائيلية التوقف عن المراوحة السياسية اتخاذ قرارات مؤلمة وشجاعة، وإضافة سطر آخر حول موضوعات تحقيقات الحرب: ماذا فعل سلاح الجو بشكل خاص والجيش الإسرائيلي بشكل عام للتحضير لتهديد الطائرات بدون طيار التابعة لحزب الله؟.