التصعيد في حرب الطائرات بدون طيار بين حزب الله وإسرائيل
ترجمة وإعداد: حسن سليمان
منذ بداية حرب “سيوف حديدية”، استخدم حزب الله في الحرب ضد إسرائيل طائرات بدون طيار بهدف جمع المعلومات والهجوم. وفي الآونة الأخيرة، أصبحت الهجمات باستخدام الطائرات بدون طيار المتفجرة بشكل يومي أيضاً، إلى جانب صليات الصواريخ والصواريخ المضادة للدبابات وكذلك المحلقات.
وبينما تم اعتراض بعض الطائرات بدون طيار، اخترقت العديد منها دفاعات الجيش الإسرائيلي وتسببت في أضرار بالأرواح والممتلكات. يستخدم حزب الله بشكل أساسي طائرات بدون طيار انتحارية إيرانية، وقد استخدم مؤخراً لأول مرة طائرة بدون طيار تحمل صواريخ. بالإضافة إلى ذلك، يقوم التنظيم بشكل دوري باعتراض الطائرات الإسرائيلية بدون طيار.
إن الاستجابة العملياتية الحالية، والتي تشمل استخدام أنظمة الدفاع الجوي التقليدية والحرب الإلكترونية والاعتراض باستخدام الطائرات المقاتلة، غير كافية. إلى جانب عمليات الشراء المكثفة لمختلف أنظمة الدفاع التي نفذتها إسرائيل مؤخراً، هناك حاجة لتطوير إجراءات مضادة للتهديدات الناشئة. وقد يشمل ذلك كميات كبيرة من طائرات بدون طيار FPV (سباقات) وطائرات بدون طيار موجهة بالذكاء الاصطناعي، والتي تمّ عرض تشغيلها بالفعل اليوم في الحرب الروسية الأوكرانية. وبالإضافة إلى الاستجابة للتحدي، فإن هذا التطور يتضمن فرصة لتعزيز الحلول الروتينية والطارئة، الأمر الذي قد يجعل إسرائيل رائدة في هذا المجال ومحط الاهتمام والطلب الدولي.
زيادة وتطوير استخدام حزب الله للمسيرات ضد إسرائيل
في الوقت الذي ينجح فيه الجيش الإسرائيلي في اعتراض جزء كبير من الطائرات بدون طيار التي تطلق نحو إسرائيل، عدد كبير من الطائرات بدون طيار لم يتم اعتراضها، ومعظمهم يصل من لبنان، وتسببت بأضرار في الممتلكات والأرواح. من بين جملة أمور أصابت الطائرات بدون طيار قاعدة قيادة المنطقة الشمالية في صفد، قرية عرب العرامشة والمطلة. إلى جانب الطائرات بدون طيار التي تصل من لبنان نفسه، تطلق نحو إسرائيل أيضاً طائرات متفجرة من أماكن أخرى في الشرق الأوسط، من قبل حلفاء إيران، حيث الجزء البارز منهم يتم اعتراضهم بنجاح من حين لآخر. أبرز الطائرات التي يستخدمها حزب الله هي طائرات بدون طيار من نوع “أبابيل” و”شاهد”، ولكل واحدة منهم عدة نماذج. في الأغلب يتعلق الأمر بطائرات بدون طيار يبلغ طول جناحيها حوالي 2 إلى 3.5 متر، والتي يتم توجيهها إلى أهدافها عن طريق التوجيه البشري عن بعد أو الملاحة الأوتوماتيكية الموجهة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS). الطائرات بدون طيار قادرة على حمل عشرات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة وغالباً ما تنتحر على الأهداف.
إلى جانب الطائرات الانتحارية، فإنه وفقاً للتوثيق الذي نشره حزب الله في السادس عشر من شهر أيار، ضمن إطار الهجوم في منطقة المطلة استخدمت المنظمة للمرة الأولى طائرة بدون طيار تحمل صواريخ S5. في الفيلم الذي نشر وانتشر بسرعة، تظهر الطائرة بدون طيار تطلق الصواريخ نحو سيارة وأهداف أخرى، وهي تصور وتوثّق أيضاً لحظة الإصابة وبعد ذلك تنتحر في المنطقة. الصواريخ التي أطلقت من الطائرات بدون طيار قديمة من إنتاج الاتحاد السوفييتي سابقاً ولا يتعلق الأمر بصواريخ موجهة. طول الصواريخ، الذي يزيد قليلاً عن المتر، لا يسمح بحملها على طائرة صغيرة بدون طيار أو محلقة، بل يتطلب منصة كبيرة نسبياً. ويقدّر أن هذه طائرة بدون طيار إيرانية من نوع “HESA Ababil” والتي يوجد منها عدة نماذج وأغلبها يمكن إطلاقها من قاذفة موضوعة فوق شاحنة ولا تحتاج إلى مدرج. ويبلغ طول جناحي النموذج الشائع “أبابيل 2” حوالي 3.25 متر. وعلى الرغم من أن هذا هو الاستخدام الأولي لحزب الله لطائرة هجومية بدون طيار باستخدام الصواريخ، إلا أنه ليس مفاجئاً نظراً لوجود أدلة على استخدام التنظيم لهذه الطريقة في العمل منذ عام 2014، كجزء من الحرب الأهلية في سوريا.
دليل آخر على التصعيد في حرب الطائرات بدون طيار هو نجاح المنظمة في استخدام طائرة بدون طيار متفجرة لضرب بالون المراقبة الكبير “تل شمايم” بالقرب من تقاطع غولاني في 15 من أيار، وهو ما يعكس تحسناً في الدقة وقدرات المراوغة مقابل الدفاعات الجوية الإسرائيلية. وتعتبر المنظومة في البالون التي أصيبت، وهي من إنتاج مشترك إسرائيلي أمريكي، من الأكبر من نوعها في العالم. واعترف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأن الطائرة بدون طيار أصابت البالون الذي كان على الأرض كجزء من إجراءات الاستيعاب العملياتية، وادّعى أن الأضرار التي لحقت به لم تضعف قدرة الجيش الإسرائيلي على بناء صورة جوية. وفي البيان نفسه، ذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أيضاً أن سلاح الجو يعترض الطائرات بدون طيار التي تدخل ليس فقط من لبنان، ولكن أيضاً من العراق وسوريا واليمن مرة كل بضعة أيام. ويظهر مقطع فيديو لحزب الله تم نشره بعد وقت قصير من إصابة البالون مراقبة استخباراتية طويلة وناجحة لعمله.
التآكل في التفوق الإسرائيلي – عملية مستمرة وغير مفاجئة
استخدام حزب الله للطائرات بدون طيار لا يفترض أن يفاجئ إسرائيل. في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين بدأ التفوّق الإسرائيلي في تشغيل الطائرات بدون طيار في التآكل. على سبيل المثال، في حرب لبنان الثانية، استخدم حزب الله ثلاث طائرات بدون طيار من نوع “أبابيل”، والتي اعترضها سلاح الجو. منذ ذلك الحين، من بين جملة أمور في أعقاب التغيرات العالمية في توزيع الطائرات المسلحة بدون طيار والاستخدام الواسع النطاق لهذه الأدوات في مختلف الصراعات في العالم، فمن الواضح أن ساحة المعركة المعاصرة ليست كما هو متوقع في معظم الدول الغربية؛ لأن التفوق التكنولوجي لم يعد يقتصر على الدول المتطورة التي تملك قوة عسكرية ضخمة. على مرّ السنين، قام حزب الله بشكل دوري باستخدام طائرات بدون طيار ضد أهداف إسرائيلية، مع إطلاق ثلاث طائرات بدون طيار نحو منصة الغاز الإسرائيلية “كاريش” في تموز 2022 (والتي تم اعتراضها بواسطة منظومة “باراك 1” الموجودة على السفن البحرية وطائرات F- 16 من القوات الجوية) كان مثالاً على العديد من محاولات الدخول التي تم تسجيلها. وتباهى الأمين العام لحزب الله، أكثر من مرة، باستخدام المنظمة للطائرات بدون طيار، وبقدرة الإنتاج الذاتي التي طورها التنظيم بمساعدة إيرانية.
ومن المظاهر الأخرى لتآكل التفوق الإسرائيلي بالنسبة لحزب الله، يتجلى في نجاح محاولات التنظيم إسقاط الطائرات الإسرائيلية بدون طيار، بما في ذلك طائرات “زيك” و”كوخاف” – التي تشهد على قدراته الدفاعية الجوية وإمكانية إلحاق الضرر الكبيرة بحرية النشاطات الجوية للجيش الإسرائيلي في لبنان.
ويبدو أن الاستعداد لمواجهة التحدي لم يكن كافياً، وأن تنوّع التهديد الجوي لم يكن مفهوماً بعمق أو لم يحظَ بردٍّ كافٍ في بناء قوة الجيش الإسرائيلي. هذا، إلى جانب السياسة الإسرائيلية الفاشلة في مواجهة استخدام التنظيمات الإرهابية للمسيرات، والتي حظيت على مر السنين بردود فعل ضعيفة، الأمر الذي سمح، على سبيل المثال، بحرية العمل لحركة حماس باستخدام هذه الوسائل قبل 7 ت1، على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة. واليوم، يتعامل الجيش الإسرائيلي مع تهديد المسيرات بشكل رئيسي من خلال أنظمة الدفاع الجوي التقليدية والطائرات المقاتلة والبوارج، وجميعها مسلحة بالصواريخ، إلى جانب أنظمة مختلفة في مجال الحرب الإلكترونية. ومع ذلك، فإن استخدام الصواريخ مكلف للغاية وقد لا يكون كافياً أيضاً في مواجهة أسراب مسيّرات كبيرة، أو تنفيذ هجوم مشترك لمجموعات مسيرات إلى جانب إطلاق وسائل جوية متفجرة أخرى.
ومن الأمثلة على مثل هذا الهجوم المشترك هو الهجوم الجوي الإيراني الواسع النطاق على إسرائيل في الليلة بين 13 و14 نيسان، والذي شمل مئات الصواريخ والمسيرات من مختلف الأنواع، والذي تطلّب التصدي له تعاوناً إقليمياً ودولياً إلى جانب جهود كبيرة من جانب الجيش الإسرائيلي.
استعداد ورد – تحدي إلى جانب فرصة
تتحدث وسائل الإعلام عن محاولات شراء متسارعة من قبل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تصل إلى مئات الملايين من الشواقل، في كل ما يتعلق بأنظمة الدفاع ضد المسيرات المتفجرة والمسيرات الانتحارية. وبحسب أحد التقارير، فإن هدف الشراء الرئيسي هو أنظمة الحجب أو تعطيل الترددات التي تعمل على أساسها المسيرات، إلى جانب المدافع بمختلف أنواعها. وهذا، في نفس الوقت الذي يتوقع فيه تسلم الجيش وتشغيله لنظام اعتراض ليزر يسمى “ماغن أور” من شركة رافائيل بحلول نهاية عام 2025. لكن السؤال الذي يطرح نفسه، بالتوازي مع التهديدات الموجودة اليوم، هو، هل يستعد الجيش الإسرائيلي لمواجهة تهديدات الغد التي تظهر الآن في ساحات مستقبلية أو في المختبرات.
وبالنظر إلى المستقبل، واستناداً إلى ما يحدث، على سبيل المثال، في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، يجب على الجيش الإسرائيلي أن يستعد للتعامل مع أعداد كبيرة من المسيرات والأنواع الأخرى من المسيّرات المتفجرة، والتي يُقدّر حالياً أنها الوسيلة الهجومية الرائدة لضرب الأهداف في كلا الطرفين المتقاتلين. بالإضافة إلى ذلك، من المرغوب فيه أن يستعد الجيش الإسرائيلي أيضاً للتعامل مع المسيّرات والمسيّرات الموجّهة بواسطة أنظمة قائمة على الذكاء الاصطناعي، والتي توجّه المسيرات بناءً على الصور، من أجل التغلب على تشويش نظام تحديد المواقع العالمي جي بي أس وأنواع أخرى من الحرب الإلكترونية، كما هو موضح، على سبيل المثال، في الهجوم الأوكراني على منشآت الطاقة الروسية أو في الهجوم الأوكراني على الدبابات الآلية الروسية الصغيرة، على الرغم من أن هذا لا يزال مفهوماً يظهر في تجارب البلدان المتقدمة جداً، إلا أنه يستحق أيضاً الدراسة والاستعداد لتهديد الأسراب المستقلة ذاتياً. على الرغم من أن هذه تحديات تكنولوجية وميزانية وعملية مهمة، إلا أن تطوير ردود على الموضوع قد يكون أيضاً فرصة لإسرائيل – الوسيلة المتقدمة للرد سيكون عليها أيضاً طلب كبير خارج حدودها.
يلمس اهتمام دولي في هذا المجال في ضوء فهم وضع المكانة المتصاعدة للتهديد غير المأهول إلى إحدى المكانات في ساحات القتال المستقبلية في جيلنا. ثمة أهمية للاستعداد بعيد النظر، ملائم لليوم الذي تريد فيه إسرائيل، مثل أية دولة أخرى، التمكين من روتين التشغيل المدني الآمن، في الروتين كما في حالة طوارئ للمسيرات للاستخدامات المدنية والتجارية مع إمكانات اقتصادية هائلة، جنباً إلى جنب مع الحماية ضد استخدامها في أعمال الجريمة والإرهاب.
معهد أبحاث الأمن القومي – ليران عنتابي (باحثة في معهد أبحاث الأمن القومي ومديرة برنامج “التقنيات المتقدمة والأمن القومي”)