حبر على ورق

حبر على ورق 444

بقلم غسان عبد الله

وحدة

حينما تظنُّ أنّكَ الوحيدُ الذي يحسُّ في هذا العالم، لا تبتئس.. ولا تخف.. ستشعر كثيراً أنكَ وحدك.. ستشعرُ أن العالمَ أصبح يتسلى بالموتِ وبالفَقْد.. أصبحَ العالمُ صورَ موتى يتناقلها الجميع.. تمرُّ عليهم مرور الكرام.. وينتقلون بعدها لمقطعٍ مضحك.. يتبادلونه كما تبادلوا قبله صور الموتى والموجوعين.

لا تبتئس

حينما تكون أكثر إحساساً.. لا تبتئس.. سيقول عنك أهلُك إنك “حساس زيادة عن اللزوم” وفي أفضل الحالات سيقول أصدقاؤك أنك “متخّنها” و “معقد الدنيا”.. لا تبتئس ولا تخف.. هناك الكثيرون أمثالك.. ممن يراهنون على قلوبهم وعلى الإحساس.. وعلى الإنسانية.. هناك أمثالك كثيرون – مثلك تماماً – تسقط دموعهم على وساداتهم ويستيقظون وهم منهكين ويتألمون.. ومن ثم يمضون إلى مزيدٍ من الدنيا.. إلى مزيدٍ من الحياة. لا تبتئس.. فلست وحدك.. هناك من يشعر بك.. ولكنه في منطقة لا تعرفها وفي زمن لا تعرفه.. يمضغ آلاماً ويبتلع حكايا وتسقطُ دمعتهُ لأنه لم يفلح في إنقاذ أحدهم.

اغتراب

أُطِلُّ على الزمان من انحناءٍ في مفاصله.. وأكتبُ للرياح شجى انفلاتي في الرحيل‏.. أنا المخيِّم في فيافي حزني المقرور‏.. أهرب على مدى صوت القصيدة‏.. أهرب عن وجه أبيات مُقَفَّاةٍ‏.. وأدفن في الرمال مواجعي.. وأحول بين أصابعي وحروف أشعاري الجديدة‏.. أصبحت كل القصائد غير قادرة على تعبي‏.. خانتني المدائن والورود.. فعدت مغترباً إلى ذاتي.

كن إنساناً

لا تفقد إحساسك بالآخرين.. فحينها ستخسر قلبك.. وستكون آلة في هذه الدنيا وسيصيبك المزيد منها!!.. كن إنساناً حقيقياً بقدر ما تستطيع.. فذلك فقط ما يجعلك حياً وليس غير ذلك.. وليس غير ذلك أبداً!!.

زمانٌ مُرٌّ

ها أنذا أشاهد ذاتي الأخرى‏.. وأدخل في عوالمها‏.. فتذهلني‏!!.. وأخرج من رداء الحزن ملتحفاً‏ بشوق طفوليتي اتنسم الأخبار‏ في خوف‏.. وأعرف في الزمان مشرداً مثلي‏.. تكبله الحدود فينثني‏.. ويغيب في ظلي‏.. في هذا الزمان المر جردني الهوى مني‏.. فعدت أجرجر الخيبات‏.. أسأل أضلعي عني‏.. وغادرني الصحاب‏.. وضاع بي زمني‏.. وعن عينيَّ ضاعت لوحة الوطن‏.. وأقفر داخلي مني‏.