“هُدهد حزب الله” خطرٌ أمنيّ جسيم على “إسرائيل”
بقلم: زينب عدنان زراقط
أمريكياً قد يُظنُّ أن شعب المقاومة المُهجّر من جنوب لُبنان قد استُنزفَ وخاصرةَ لُبنان أُتعِبتَ، وفي مُحاولةٍ مُكررة من فشلٍ سابق، لظن الأمريكي بأنه قد يستطيع أن يستغل – الحكومة اللبنانية – في وقت الضعف لتحقيق مطلبه، تنفيذاً للقرار 1701 مُقابل وقف النار في غزة، مُعتمدين أسلوب التهديد والقوة!.
كعادتها المقاومة، – الحكيمة بفنون الرّد وبرويّة – تصفع جنون العدو كلما تمرّد بجبروتها، كاشفةً هذه المرّة عن – غيض من فيض – مما بحوزتها من تفاصيل دقيقة عن أخطر المناطق العسكرية الحساسة وغيرها، على لسان “الهدهد”!. تذكيراً ومصداقاً لقول أمين عام المقاومة الإسلامية السيد “حسن نصر الله”، “نحن نعرف ميناء حيفا أفضل بكثير من ميناء بيروت… ميناء حيفا هو جزء من استراتيجية لبنان الدفاعية.” – عام 2020 -. فما الذي أحاط به هدهد “حزب الله” وبأيّ نبأ يقينٍ أتى حتى بات العدوّ مُرتعباً؟.
أمريكا تُهدد وصبرُها قد نفذ!
وصل المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين إلى المنطقة مرة أخرى في محاولة لمنع تصعيد إضافي في الجبهة اللبنانية والانزلاق الواعي أم غير الواعي إلى حرب شاملة لاعتبارات سياسية قبيل الانتخابات في تشرين الثاني. وتتوّجت مساعي الإدارة الأمريكية لمنع تصعيد إقليمي شامل، بينما الحرب في الجنوب متواصلة وبقدر كبير، حتى وإن لم يعترف أحد بذلك، وإن لم تكن بكامل شدتها إلاّ أنه واضح للجميع بأن الجبهة اللبنانية لن تهدأ قبل أن يتحقق وقف للنار وإنهاء للقتال، في غزة. وعندها يكون ممكناً تنفيذ المرحلة الأولى/الفورية في خطوة التسوية في لبنان. وهذا يتضمن، حسب جملة من التقارير الإعلامية، انسحاباً لقوات حزب الله الى مسافة 10 كيلومترات عن الحدود – إلى هذا الحد أو ذاك -، انتشار أضاف للجيش اللبناني في الجنوب وبداية خطوة لتنفيذ قرار 1701 بما في ذلك المفاوضات حول مسألة الحدود البرية. فهل هذا سيؤدي الى تنفيذ فوري لقرار 1701؟ بالطبع لا، لكن ستبدأ مسيرة في مفاوضات مركبة بين الطرفين. وعليه، فما الذي يمكن للإدارة الأمريكية، ومبعوثها أن يفعلاه بينما يُشكّل “حزب الله” خطراً جسيماً وتهديداً مُباشراً على وجود كيان العدو؟ في وقتٍ يترتب على إسرائيل أن تفكر استراتيجياً – عسكرياً وسياسياً – في نفس الوقت، فهل تستطيع؟.
بما نطق “الهدهد” وأعجز العدو؟
في هذه الأثناء، شغلَ “الهدهد” الأوساط السياسية، وهو يعود لاسم مسيرة تجسسية لحزب الله مسحت شمال الكيان – بدقة واحترافية تامّة – وعادت، فحكماً جاء نشر “حزب الله” الفيديو مرتبطاً بزيارة المبعوث الأمريكي هوكشتاين إلى لبنان في إطار مهمة طبيعتها إسرائيلية حتى لو كان شكلها الوساطة، كان كفيلاً بالرّد المناسب على الإدارة الأمريكية! مُخلّفاً الرُعب في نفس الكيان الإسرائيلي، لما أُثبِتَ من عجزٍ في راداراته، وانكشافٍ شامل لمناطقه الحساسة والعسكرية…! نلفت النظر بدايةً إلى خصائص طائر الهدهد في لبنان، التي من ميزاته السُرعة الفائقة بالطيران وتحمّله الظروف الصعبة، ذكي ومراوغ لديه قابلية تخفي ودفاع عن النفس بشكل رائع، ولعلّ هذه المواصفات تنطبق على مُسيرة “حزب الله” الهدهد التي أثارت ذُعر العدو وردعته!.
“هدهد” – حزب الله – عادَ بتصويرٍ دقيق لمناطق من أشدّها حساسية وهو منطقة المجمع العسكري الصناعي التابع لشركة رفائيل – التي تمتنع الشركات والمواقع المتخصصة بالصور الجوية وبالصور الصناعية بنشر أي صور محدثة عنها بطلب من الحكومة الإسرائيلية نظراً لحساسيتها – ما شكّل “فضيحةً أمنيّة” مُنتزعة كامل السرّية لهذه الأماكن الحساسة وجعلها أهدافاً مكشوفة.
الفيديو يتضمن ثلاثة أنواع من الأهداف المحتملة، عسكري – مجمع الصناعات العسكرية وقاعدة حيفا العسكرية -، مدني – منطقة الكريوت – واستراتيجي – ميناء حيفا والمنشآت الموجودة فيه -، كما عدّدت بنك أهداف استراتيجية عسكرية واقتصادية بالإضافة إلى تجمعات المستوطنين.. وبشكلٍ تفصيلي تناولَ مجمع الصناعات العسكرية لشركة “رفائيل” – وهي التابعةِ لأجهزة الدفاع المتطورة التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية – “وهي المعنية بشكل مُستمر على إيجاد حل لمكافحة المشاكل العسكرية” -، فعرضوا منصات القبة الحديدية التابعة لها، ونفق اختبار المحركات الصاروخية، مخازن المحركات الصاروخية، مخازن صواريخ الدفاع الجوي، منشآت تصنيع المكونات الصاروخية، منصات مقلاع داوود، مصانع أنظمة التحكم والتوجيه، المباني الإدارية الخاصة بالشركة، ورادارات التجارب الصاروخية.
أبعاد ما حقّقه “الهُدهد”:
1- أنواع التهديد لأهداف على صُعد ثلاثة من شأنها أن تنشئ توازن ردع ثلاثي الأبعاد تجاه “إسرائيل.
2- اعتبار جميع الأهداف التي عرضتها المقاومة تحت الخطر وفي مرمى إصاباتها يمكن للمقاومة أن تستهدفها.
3- أراد حزب الله القول إن العسكري بالعسكري، المدني بالمدني والاستراتيجي بالاستراتيجي.
4- الصاروخ المرسوم إلى جانب بطاقة الهدف له زعانف توجيه في مقدمته، وهذا دلالة على كونه يرمز إلى صاروخ دقيق، وهي رسالة أراد حزب الله إيصالها أيضاً في الفيديو.
5- الصاروخ المرسوم إلى جانب بطاقة التعريف بميناء حيفا لونه أحمر، في دلالة إلى أن الحزب يتعاطى معها بمستوى أعلى من الجدية في الاستهداف.
6- الفيديو هو حلقة أولى في سلسلة ستُظهِر فيها بقية الحلقات إلى أين وصلت طائرات الاستطلاع الخاصة بالمقاومة في لبنان.
7- ما ختم بها الفيديو من عبارة “والطير صافات” أوحى أنّ طائرات الحزب لا تزال تحلق في سماء فلسطين وتنفذ مهام الاستطلاع المطلوبة منها.
خلاصة القول، أثبتت المقاومة أن السماء لا تُعدّ حٍكراً على كيان العدو بل المقاومة لها حصّة في سلاح الجو، كاشفةً عن قدرة جديدة ضمن عملية الردع، في رسالة للعدو بأن كل ما صوّره الهدهد يقع تحت مرمى نيرانها. وقد اعتُبِرت أنها أقوى خطوة تصعيدية من قبل المقاومة منذ بداية طوفان الأقصى تأكيداً على ما تستطيع المقاومة القيام به تِبعاً لنوع الأهداف التي صوّرها “الهدهد” وما يحمله من رسائل مهمة للكيان. واستكمالاً لفنّ الحرب النفسية، قالت المقاومة إنّها نشرت الحلقة الأولى فقط، فهل سيستدعي الوضع نشر الحلقات التابعة أم يلجم الإسرائيلي حماقته ويوقف الحرب على “غزة”؟!.