إقليميات

مُعادلةُ صِراعٍ جديدة بين اليمن والسعودية!

بقلم:  زينب عدنان زراقط

هل يبقى لإعلان التطبيع من حاجة بعد مُناصرة السعودية لإسرائيل بالإمعان في اعتداءاتها على اليمن، كي تلجم الأخيرة من فرض سيطرتها على البحر الأحمر وصدّ السُفن المُتجهة نحو كيان العدو؟.

يسير النظام السعودي بكل حماقة خلف الإملاءات الأمريكية التي ألزمته بتفجير الأوضاع من جديد في صنعاء من خلال إغلاق ميناء الحديدة ومطار صنعاء، ونقل البنوك وشركات الصرافة إلى عدن، ونقل المقر الرئيسي للخطوط الجوية اليمنية إلى عدن إن هي لم توقف مناصرتها لغزة!. فما هي معادلة الصراع الجديدة التي حدّدها اليمن، رداً على التصعيد السعودي المستمر الذي يستهدف الاقتصاد اليمني، ويهدف إلى إضعاف موقف صنعاء المُناصر للشعب الفلسطيني، تنفيذاً للأجندة الأمريكية الصهيونية الهادفة إلى تقويض مقاومة العدوان على غزة؟، وما الذي سيحِلُّ بالسعودية ويجنيه “اليمن” إذا ما وقعت الواقعة وتدحرجت الأحداث نحو مواجهةٍ مُباشرة بين الطرفين؟!

التصعيد السعودي يعني مُناصرة إسرائيل

تكمن خطورة القضية في أنّ أي تحرّك اليوم ضدّ اليمن من أي دولة، يندرج في سياق التحالف مع كيان العدو الإسرائيلي، وهو ما سيفرض على القوات المسلحة اليمنية الرّد عليه، وفق معادلة المعاملة بالمثل. وذلك ما حدّده السيد عبد الملك الحوثي عن خطوط حمراء جديدة لا يُمكن تجاوزها، وشدّد على أن أي تصعيد من جانب السعودية سيقابل بتصعيد أقوى، وأوضح أن الرّد اليمني سيكون بالمثل بل وأعظم تجاه كل خطوة عدوانية على اليمن. حيث أن معادلة “المطار بالمطار، والميناء بالميناء، والبنك بالبنك” تُشير إلى تغيير في قواعد اللعبة، وإلى أن صنعاء مستعدة للرد على أي استهداف للاقتصاد اليمني باستهداف المصالح السعودية المُماثلة، وهذا يُمكن أن يُؤدي إلى تصعيد خطير، ويُعرّض المنطقة لخطر اضطرابات أكثر شدة. السعودي يعي أن مسألة الاستقواء بالأمريكي والاعتماد على حمايته لم تعد مجدية على الإطلاق، فالأمريكي وجد نفسه في ورطة، ويريد الآن توريط السعودية مساندة ودعماً لإسرائيل، وهي مسألة ستجعل من السعودية مسرحاً للعمليات العسكرية البحرية اليمنية، كونها ستصبح حليفاً لهذا العدو بصورة علنية، بعد أن ظلت حليفاً سرّياً لسنوات عديدة، وعليها أن تتحمل تبعات حماقتها، ورعونتها، وذهابها خلف الإملاءات الأمريكية.

هلاكٌ وهّابي ونصرٌ يمني!

هذا وتُواجه السعودية خيارات صعبة بعد خطاب السيد القائد، قد تُصّر السعودية على التمادي في عدوانها والتدخل في شؤون اليمن، وهذا سيُؤدي إلى تصعيد جديد، ومُواجهة شاملة، وسيُعرّض السعودية لخسائر فادحة إضافية. في حين أن الشعب اليمني يمتلك من أسلحة الردع الاستراتيجية ما يُمكنه من توجيه ضربات قوية للعدو، وتدرك السعودية أن انشغال اليمن بقواته المسلحة في إسناد غزة لن يُؤثر على استعدادهم للمواجهة حسب ما أكّد السيد قائد القوات المسلّحة اليمنية، وأن أمريكا لن تُؤمن الحماية للسعودية من الرد اليمني. فقد تصبح السعودية فقيرة في لمحة بصر واحدة، وقد تصبح محاصرة براً وجواً وبحراً، في لمحة بصر، وقد تضطرب الحياة الاجتماعية وتموج حركة الناس لتصريح تحذيري واحد يصدر من ناطق القوات المسلحة اليمنية، وقد تصبح أرامكو والمؤسسات المالية والموانئ البحرية والجوية كـ “طللٍ” كأنه لم يغن بالأمس.

الدلالات لا تُبشر باعتدال نيةٍ لدى ساسة السعودية، فيما قد بدى ذلك بما صرّح به الرئيس الأمريكي جو بايدن في مقابلة أجراها معه برنامج “360 مع سبيدي” – هذا الأسبوع -، بأن السعودية تريد تطبيع العلاقات مع إسرائيل بشكل كامل مقابل حمايتها من دولة عربية مجاورة بشكل مباشر منها، في إشارة إلى اليمن، في تأكيدٍ منه بأنه تلقى مكالمة هاتفية من السعوديين “أكّدوا فيها أنهم يريدون الاعتراف الكامل بإسرائيل”، في المُقابل ضمان قيام الولايات المتحدة بتزويدها بالأسلحة “إذا تعرضت لهجوم من قبل دول عربية أخرى – واقعة على مقربة مباشرة منها”، مُعتبراً أن ذلك سيُمثّل تغييراً كبيراً في قواعد اللعبة في المنطقة بأكملها خصوصاً بعد “قيام واشنطن بإنشاء منشأة نووية مدنية في أراضي السعودية، يُديرها الجيش الأمريكي”!.

على الرغم من أن قرار الحرب تأباه المقاومة إلا إذا ما فُرِضَ عليها وإن كان النّصر مُحتّماً وقريباً جداً!. فماذا سيكسب اليمن إذا قصف آبار نفط السعودية وبنوكها ومطاراتها وموانئها رداً على عدوانها الاقتصادي؟ بدايةً، قصف السعودية سيجبر النظام السعودي على إنهاء كل أشكال عدوانه على اليمن، وسيجعله يعيش ما عاشه اليمنيون خلال سنوات عدوانه ويُرغِمُه على دفع رواتب اليمنيين من عائدات النفط اليمني المتكدسة في البنك الأهلي السعودي. يليها ازدهار متجدد بالبلاد بفتح مطار صنعاء وبقية موانئ اليمن وتُبتر يد الابتزاز عن سرقة بترول اليمن. والمفروغ منه أن النظام السعودي سيُجبر على الجلوس إلى طاولة التوقيع على السلام المستدام وليس المفاوضات، وينتهي بذلك الدور الخبيث لنظام بني سعود في زعزعة أمن واستقرار اليمن الداخلي، ويعيش اليمن في أمن واستقرار وسلام.

أخيراً، إن قرار قصف السعودية سيساعد شعب نجد والحجاز على التخلص من لوثة العائلة الحاكمة النجسة، حتى إن كان في القصف معاناة لهم بسبب نظامهم. وقد تُدرك السعودية خطورة الموقف وتُقبل على التراجع عن العدوان والتدخل في شؤون اليمن، وهذا سيُساهم في إنهاء العدوان وإيجاد حل مستدام للأزمة في اليمن. ويبقى على السعودية أن تُقرّر ما ستفعله، فهل ستُدرك خطورة الموقف وتُعيد حساباتها، أم أنها ستُصّر على التَمَادِي في عدوانها وتُواجه تبعات ذلك؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *