بعد أن حاولت مبادرات الداخل تجاوز الرئيس بري لا وجود لحلٍّ رئاسيٍّ في المدى المنظور
بقلم: محمد الضيقة
لم يطرأ أي جديد على صعيد ملء الفراغ الرئاسي لأن عجقة المبادرات التي تناقشت فيما بينها، فشلت في إيجاد مساحة مشتركة بين المكونات السياسية تساهم على الأقل في ربط النزاع الدائر بين القوى السياسية بانتظار ما سترسو عليها التوازنات في الإقليم والداخل بعد انتهاء العدوان الصهيوني على غزة ولبنان.
أوساط سياسية متابعة تساءلت، على ماذا تراهن القوات اللبنانية حتى ترفض كل أشكال الحوار أو التشاور من أجل إيجاد تسوية لرئاسة الجمهورية، واعتبرت أن رهان قوات جعجع هو على الكيان الصهيوني، ومن أن هذا الكيان سيحقق انتصاراً على محور المقاومة، وهذا ما يظهر بين سطور مواقف قادة القوات اللبنانية وحلفائهم، إلا أن اللافت حسب هذه الأوساط أن هذا الفريق المرتبط بالسياسات الأمريكية والخليجية في الإقليم، كما يبدو لا يقرأ جيداً تداعيات المواجهات على الكيان الصهيوني حيث أدت هذه المعارك الدائرة منذ شهور إلى زلزلة الركائز التي استخدمتها الحركة الصهيونية من أجل إقناع يهود العالم من أن فلسطين هي الأرض التي سينعمون بها بالسلام والأمان، هذه الركيزة انهارت، وبدأت الهجرة المعاكسة عنواناً يقلق قادة العدو، خصوصاً بعد نزوح الآلاف من جنوبي غزة وشمال فلسطين المحتلة إلى منطقة الوسط في كيان العدو، وهذا ما أربك العدو الذي فشل وسيفشل في إقناع هؤلاء بالعودة إلى مستعمراتهم، وهذا يعني حسب هذه الأوساط أن هؤلاء مرشحين أيضاً إلى الهجرة والعودة من حيث أتوا.
وأضافت أيضاً هذه الأوساط أن هناك إجماعاً لدى مراكز الأبحاث الدولية وحتى الصهيونية من أن الجيش الصهيوني عاجز عن شن حرب واسعة على لبنان، وهذا يقود إلى أن هؤلاء المستوطنين سيبقون في الأماكن التي نزحوا إليها، وهذا سيشكل أزمة لدى قادة العدو المنقسمين على أنفسهم في كل الملفات، بدءاً من مسألة المفاوضات مع المقاومة الفلسطينية من أجل تحرير أسراهم أو على صعيد تجنيد المتدينين “الحريديم” الذين هددوا بالرحيل فيما لو فُرض عليهم التجنيد.
وأشارت الأوساط إلى أنه على الرغم من حالة الكيان الذي بدأ ينحدر نحو الانهيار، إلا أن فريق القوات اللبنانية ما زال يراهن على انتصاره، إضافة إلى رهانه على مواقف بعض دول الخليج التي قد تدفع أثماناً غالية عندما ينتصر محور المقاومة في هذه المعركة.
ودعت هذه الأوساط القوات اللبنانية وحلفاءها إلى الإقلاع عن رفض الحوار لأنه حسب رأي هذه الأوساط أن عملية التعطيل التي تقوم بها القوات لا تتعلق بالخلاف الدائر حول موقف الثنائي الوطني الداعي للحوار والتشاور، بل الخلاف يكمن حول المضمون وحول هوية الرئيس المقبل ومواقفه وآرائه من كل الملفات الساخنة سواء الداخلية أو في الإقليم.
وأكّدت الأوساط أن لا حل للشغور الرئاسي في المدى المنظور ولا انتخاب رئيساً للجمهورية من دون توافق، وهذا ما ترفضه القوات اللبنانية وحلفاؤها، وهذا الرفض يعني أنها لا تريد رئيساً على الرغم من البروباغندا التي قد تستخدمها والاختباء وراءها ووراء المبادرات التي تم إطلاقها في الأشهر الأخيرة، الأمر الذي يطرح الكثير من الأسئلة، هل أن كل هذه المبادرات تريد فعلاً إيجاد حلٍ لأزمة الرئاسة أم أنها لتسجيل المواقف أو تقطيع الوقت في انتظار توافر الظروف الإقليمية المناسبة لذلك؟.
وتؤكد الأوساط أنه وبغض النظر عن الفريق الذي سينتصر في الحرب الدائرة على غزة ولبنان، حتى لو انتصر الكيان الصهيوني لا يعني أبداً أن السبيل بات مفتوحاً أمام القوات اللبنانية وحلفائها في الداخل والخارج لفرض مرشحهم لأن التوازنات الداخلية بين المكونات السياسية وحتى الطائفية ستبقى على حالها ومن أن محور المقاومة في الداخل قادر على إجهاض أي محاولة خارجية بالتنسيق مع القوات وحلفائها لتنفيذ أجندتهم على صعيد تركيب السلطة اللبنانية.
تتابع الأوساط في ظل غياب أي مبادرة خارجية وفشل المبادرات الداخلية وفي ظل عدم وجود برنامج للجنة الخماسية أو غيرها أي تحرك في المدى المنظور، فعلى القوات اللبنانية وحلفائها تلقف دعوة الرئيس بري للحوار لبلورة توافق داخلي على انتخاب رئيساً للجمهورية، وغير ذلك يعني أن لبنان سيبقى بدون رئيس لفترة ليست قصيرة كما يتصور بعض المرتبطين بأجندات الخارج.