آخر الكلام

الطرقُ المسدودة!

بقلم غسان عبد الله

هذا الدَّرْبُ تُلاحِقُهُ أَمْطَارُ الخَوْفِ‏

وهذا الدَّرْبُ يُوَارِي بِتُرابِ الزَّمَنِ المُتَيَبِّسِ قَبْرَهْ!..‏

فَلِمَاذَا الحُزْنُ؟‏ يَقُولُ العَابِرُ في نَشْوَتِهِ..‏

ماذا تَجْنِي‏ مِنْ هذا التَّرْتِيلِ العَذْبِ‏ على رَغْمِ مَرَارَتِهِ؟..‏

وَأَخُوضُ..‏ وَأَنْسَى بَيْنَ مَحَطَّاتي‏ ما أَكْرَهُ ذِكْرَهْ…‏

مَنْ يَعْبَأْ مِثْلي‏ بِتَفَاصِيْلِ السَّرْدِ المُتَراكِمِ‏ مُنْذُ البَوْحِ‏

فَلَنْ يَتَجَاوَزَ هَذِي الشُّطْآنَ المُمْتَدَّةَ‏ وَالصَّحْرَاءَ‏

وَلَنْ يَقْفِزَ فَوْقَ الجُدْرَانِ الأَثَرِيَّةِ‏

لَنْ يَدَعَ المَاءَ المُتَفَجِّرَ‏ مِنْ بَيْنِ صُخُورِ التَّارِيْخِ‏

يُغَافِلُ نَظْرَتَهُ العَطْشَى..‏

لَنْ يَقْطَعَ أَشْجَارَ الغَابَةِ حينَ يُرَاوِدُهَا‏

فَيُسِيْء العَزْفَ على أَوْتَارِ الخُضْرَةِ..‏

يَحْزَنُ‏ حَتَّى يَنْكشِفَ الفَرَحُ الآخِذُ لَونَ اللَّذَّةِ..‏

يَبْكي‏ حَتَّى يَتَجَسَّدَ مِلْءَ العَيْنَينِ الطَّيْفُ‏

وَيَسْكُنَ مِنْ بَعْدِ سِنيِّ الغُرْبَةِ صَدْرَهْ! ..‏

هذا بَعْضٌ مِمَّا أمْلاهُ الوَهَّابُ عَلَيَّ‏

وهذا عِطْرٌ يَسْتَغْرِقُني‏

كَمْ أَتَمَنَّى أَنْ تَكْلأني الأَلْطافُ‏ فَأُصبِحَ زَهْرَهْ!..‏

أَو تُرْسِلَنِي تحتَ عَرائِشِها‏ أتَدَرَّجُ في تَخْمير ِالرُّوحِ‏

وفي شُرْبِ الكَأْسِ المَخْبُوءَةِ‏ في أَصْداءِ النَّشْوَةِ..‏

في إِقْناعِ بُحَيراتِ الأُنسِ المَنْسيَّةِ‏ أنِّي أَقْدِرُ أنْ أَسْكُنَهَا‏

جَذْرِي في العُمْقِ‏ وَوَجْهي‏ يَطْفُو فَوْقَ مَرَايَاهَا‏ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ‏

وَلا ظُلْمَةَ تَذْهَبُ بِالرَّوْنَقِ‏ حِيْنَ تُضَمِّخُنِي وَجنَاتُ الوَحْيِ‏

فَأَسْقِي النُّدَمَاءَ‏ الصِّرْفَ النَّادِرَ مِنْ كَلِمَاتي‏

أُغْرِقُهُمْ في بَحْرِ الفِكْرَةْ!..‏

وَيَقُولُ العَابِرُ:‏ إِنَّ قَلِيْلَ الصَّحْوِ مُفِيْدٌ‏

حِيْنَ نُوَاجِهُ ما تُدْنِيْهِ الدُّنْيَا‏ تَحْتَ مَنَازِلِنَا..‏

وَمُفِيدٌ حِيْنَ نُحِسُّ‏ بِظُلْمِ المَحْرُوْمِيْنَ مِنَ الإِحْسَاسِ..‏

أَنَاْ لَنْ أَغْرَقَ حِيْنَ الظُّلْمِ‏

وَلَنْ أُلْقِيَ نَحْوَ المَسْتُورِ‏ مِنَ اليخْضُورِ اليَانِعِ نَظْرَهْ..‏

لا يُدْرَكُ هذا بِالأَبْصَارِ‏ وَهَا بَصَرِي يَرْتَدُّ إِلَيَّ الآنَ حَسِيْرَاً‏

يَا لَلضَّعْفِ‏ أُوَاصِلُ تَجْوَالي ما بَيْنَ الطُّرُقِ المَسْدُوْدَةِ‏

وَجْهِي لا يَعْرِفُ إِلاَّ الغَيْمَ‏

يُوَلِّي شَطْرَهْ..‏ وَكَذَلِكَ نَهْرِي‏ لا يَلْقَى مِنْ بَعْدِ تَشَرُّدِهِ في المُطْلَقِ‏ بَحْرَهْ!.‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *