يا قمرَ الدعاءْ!.. يا سيِّد الأنبياء الرحلةُ ابتدأتْ من تجمُّعٍ أنت مولودهُ النبيّ
بقلم غسان عبد الله
من بين ثنيات الوداع طلع بدرُهُ علينا ليُؤنس وحشةَ الإنسان بآياتٍ أوحى له بها ربُّ العالمين.. فكانت قرءانَ البشر وناموسَهم عبر التاريخ إلى آخر الدهر..
قمرٌ يهبُّ على بساتين الصباحْ..
وغزالٌ، كالشُّهْبِ، يعبُرُ في فضاء القلب..
أشرعةٌ تهيّئ دربَ أحلامي أمامي،
مطرٌ من المَرْجانِ.. سنبلةٌ تُسرِّحُ في مهبِّ الضوءِ غيمةَ شَعْرِها الذهبيّ..
زنبقةٌ تنام على دمي جمراً.. وتصحو عند مفترقِ الظلامِ..
أيقونةٌ بيضاءُ.. ملاكٌ من حريرِ الحلمِ…
يكفي أن أُجَاهرَ باسمهِ الربانيِّ..
حتى ينجلي حلمي وأبْصِرَ في مدى الرؤيا عصافيرَ الضياءِ..
وصورةَ الأفلاكِ تضحك في منامي..
هو شرفةٌ للروحِ.. نافذةٌ تطلّ على مرايا القلبِ..
فيروزُ المساءِ لهُ.. وترجيعُ اليمامِ..
ولهُ الأماسي كلُّها.. مطرُ الخريف لهُ.. عزيفُ الرّيحِ..
ينبثقُ النهارُ أمام صورتِهِ وتأتلِقُ الأسامي..
تتحدّرُ الأقمارُ.. ينفطر الفضاءُ..
الأرضُ تأخُذُ من تفجِّر كوكبين على رخامِ وجههِ زينتَها،
وتنشقُّ السماءُ.. عن وردةٍ حمراء في روضِهِ..
لهُ الوَهَجُ المؤبّدُ بالتمنّي، والدعاءُ..
تتكسَّرُ الأمواجُ فوق جبينِهِ القدسيّ..
تنبجسُ القصيدةُ من أصابِعِهِ.. ويندلعُ الضياءُ..
وعلى يديهِ تكبُرُ الأطيارُ…
يجهشُ بالظلالِ الزيزفونُ.. ولوجههِ النورانيِّ تبتهلُ الفصولُ…
ويحتفي بربيع عينيهِ السنونو..
عينان أغنيتان..
هل في العشق مُتّسعٌ لينزف بالمواويل المغنّي؟..
ويدان نيسانانِ..
أسألُ عن ربيعهمَا الحقولَ.. وتسألانِ الليلَ عنّي..
عبثاً أحاول أن أهَدّئ في دمي شغبَ الرياحِ..
وثورةَ المطرِ العنيفِ يدقُّ أوردتي لأعرفَ أيَّ ريحٍ سيّرت سفني إلى جزرِ الأقاحِ..
وأيّ ريحٍ شرّدتني.. الرحلةُ ابتدأتْ في تجمُّعٍ أنت مولودهُ النبيُّ..
وأنتَ رسولُهُ العظيم..
سلاماً للذي أسرى ببراقِ القلبِ على سرادق الروحِ
مولوداً ليس كباقي البشر..
إلى انفجار الفجرِ في أَلَقِ الغيوم المطفأة!
يا نبيَّ اللهِ قلبي الآنَ واحةُ أفراحٍ..
وروحي كالملاكِ يؤمُّ روضكَ بالرؤى!
ويرفّ فوق جبينكَ النبويّ،
يقطُفُ من ضحى خدّيكَ أزهارَ السنا المتلألئةْ
ويلملِمُ الأعنابَ عن وجنتيكَ..
يومئ للعصافير التي ازدحمتْ بباب الجمرِ.. أنْ حانَ الحصادُ..
الآنَ تبتدئُ الحياةُ نشيدَها المسحورَ.. ينكسرُ الزمانُ المرُّ..
ينحسرُ السوادُ عن فضةِ الزمنِ المضيء،
وتلتقي بنقيضها الأضدادُ، يطوي ليلَ موسِمِهِ الحِدادُ..
كموائدِ الأعيادِ تُبْصِرُ نفسَها في غمرةِ الألقِ البلادُ..
هذا يومُكَ.. ويومُ الربيعِ الجميل
لا شيء فيّ وفي خلايا جسميَ الضوئيِّ إلا عاشقٌ حتى الثمالةِ..
فاشهدْ أنا بُعثْنا على ميلادِ نورِكَ في فلكِ الزمان..
وأججْ دعاءَكَ يا قمرَ الدعاءْ!.. يا سيِّد الأنبياء..