إعرف عدوك

الحرب التي يفضل الجميع ان ينساها

ترجمة وإعداد: حسن سليمان

على الرغم من موجة الأحداث – القتل المروّع للمختطفين الستة في غزة، الهجمات في الضفة الغربية، العملية العسكرية في جنين، المظاهرات بمئات الآلاف والإضراب القصير – كل هذا لا يبرر تجاهل الواقع اليومي في الشمال.

لكن دعونا نضع ذلك جانباً للحظة. ظهر رئيس الوزراء هذا الأسبوع، للمرة الأولى منذ أشهر، أمام الجمهور الإسرائيلي باللغة العبرية وأجاب على الأسئلة. استغرق الأمر ما يزيد قليلاً عن 25 دقيقة قبل أن يذكر الشمال، والسكان الذين تم إجلاؤهم قبل 11 شهراً، وإطلاق الصواريخ دون توقف، والطائرات بدون طيار والقذائف. وماذا سمعنا؟ شعارات؛ “نحن مدينون للحدود الشمالية بتغيير الواقع”، و”الاختبار أمامنا”، وبالطبع “يمكن أن يتم ذلك بطريقة سياسية، وإذا لم يحدث، فبطريقة أخرى، لكني لن أشارك (أكشف) الجداول الزمنية”.  دقيقتان إجماليتان من المرجع العام وغير المتبلور دون أي أفق في النهاية.

قبل ساعات قليلة فقط من نفس اليوم، صوتت لجنة المالية في الكنيست على اقتطاع 400 مليون شيكل من الميزانيات المخصصة لإعادة تأهيل الشمال في مجالات التجديد الحضري وميزانيات إعادة التأهيل وحتى من جامعة كريات شمونة التي وعدوا بإنشائها. وتهدف هذه الأموال بالمناسبة إلى تمويل عملية الإخلاء المستمرة للسكان الذين لا يستطيعون العودة إلى منازلهم. وحتى الميزانيات الموجودة لا تستخدم، وهي تنتظر “إدارة الشمال” برئاسة اللواء إليعازر تشياني، الذي لم يظهر بعد ثمانية أشهر على الأرض.

الحقيقة يجب أن تقال بوضوح: الشمال ليس على جدول أعمال دولة إسرائيل. لا في المجال السياسي ولا في المجال الأمني. إن “الهجوم الكبير” الذي قام به حزب الله، قبل أسبوعين، كشف لنا أن الجيش الإسرائيلي كان لديه خطة هجومية مكونة من 100 طائرة خلال ساعة واحدة ضد أهداف كثيرة في جنوب لبنان. متى خرجت للعمل؟ عندما كان هناك تهديد بإطلاق النار نحو وسط البلاد. لماذا اضطررت إلى الانتظار 11 شهراً لتنفيذ مثل هذا الإجراء؟. هناك العديد من الخطط المماثلة لتدمير آلاف الأهداف الأخرى لحزب الله تنتظر في الدرج بينما تم بالفعل إخلاء الشمال جزئياً من السكان وتراكمت الأضرار. هناك الكثير من الإسرائيليين الذين يعتقدون أن نصر الله شخص جدير بالثقة، لذا انتبهوا إلى ما قاله بعد هجومنا الضخم: “ضربنا وسط البلاد. لقد انتهينا من الرد على اغتيال رئيس الأركان لدينا، فلننهي الحدث الكبير ونعود إلى إطلاق النار بالقرب من الحدود فقط”. بمعنى آخر، حزب الله يريد مواصلة حرب الاستنزاف في الجليل.

في الوقت الحالي، الخوف الأكبر لكل ساكن في الشمال هو أن يتوقف حزب الله عن إطلاق النار ذات يوم، لأن الحكومة ستقول حينها إن السلام والأمن قد عادا وستطلب من السكان أن يصدقوا أن شيئاً ما قد تغير بالفعل. حتى الآن تظهر بيانات المجالس المحلية هجران مئات العائلات من الجليل، خصوصاً تلك التي لا تملك منزلاً أو مزرعة زراعية تحتاجها لمواصلة كسب عيشها. في الواقع الحالي، ستزداد الأعداد وسيبقى الجليل منطقة يسكنها فقط أولئك الذين لا يستطيعون توفير بديل أكثر أماناً. في كل يوم يمر، تخسر دولة إسرائيل شمالها، ولم يعد هذا كلاماً مبتذلاً. لقد سئم السكان من الشعارات والتصريحات الجوفاء. لقد حان وقت الشمال، وحان الوقت لمن يتحمل المسؤولية أن يتعامل مع الوضع وعدم الاستمرار في تأجيل العلاج إلى أجل غير معلوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *