آخر الكلام

سُبحانَ مَنْ سَوَّى ملامِحَ وجهكَ!…‏

بقلم غسان عبد الله

سِربٌ مِنَ البَجَعِ المُسافِرِ في دمي‏… صَمْتُ البَراري حينَ يغمُرُكَ السكونْ‏

أنتَ حَقْلُ قَمْحٍ… غابَةٌ مِنْ سِندِيانٍ‏.. شَفَةٌ لَثَمَتْ جَبينْ‏

أنتَ بَدءُ حَدٍّ فاصِلٍ بينَ البَلاغَةِ والجنونْ‏

أنتَ أنْ أكونَ مُتَيَّماً أو لا أكونْ‏

وتَجِيئُنا دعاءً… فينسَكِبُ الرَّحيقُ على الأصابعِ والخواتِمِ والعيونْ‏

ويُغَرِّدُ الشَّهدُ احتِفالاً بالضيوفِ‏

وَتُعْلِنُ الأرضُ الحزِينَةُ مِهرَجانَ العاشِقِينْ‏

وتَجِيئنا لحظةً لِمَوعِدِنا…‏ فَتَبْتَهِلُ السماءُ…‏ وَيَفرَحُ الفُقراءُ في الزمَنِ الحزينْ‏

مَنْ ذا يُصَدِّقُ بَعدَ ذَلِكَ أنَّكَ‏ خُلِقْت كباقي الناسِ مِنْ ماءٍ وطينْ؟!‏

وتَجِيئُنا لهفةً لِتُطلقَ عَزمنا..‏

لا شَيءَ أجمَل مِنْ يَدَيكَ حِينَ تُمْسِكُ بنا‏ وتَلُمُّنا.. فنغفو على الصَّدرِ الحَنونْ‏

سيّدٌ بكُلِّ فُصولِكَ.. قائدٌ تلاحِقكَ العيونْ‏

جبهةٌ مِنَ العاجِ المُرَصَّعِ بالندى…‏ وجْهٌ ملائكيٌّ أمينْ. ‏

روحٌ تُقَدِّرُ نَفسَها ويُجِلُّها الملاكُ..‏ خدَّانِ مِنْ لَوزٍ وتينْ‏

قلبٌ يُهاجِرُ كالسنونو نَحوَ رقَّةِ خفقكَ ويدانِ مِنْ وردٍ تعملَقَ منذُ آلافِ السِّنينْ‏

مَنْ ذا يُصَدِّقُ بَعدَ ذلِكَ أنّكَ…‏ خُلِقَتَ كباقي الناسِ مِنْ ماءٍ وطينْ؟!‏

تمشي فيضحكُ الزيزفونُ إذا يُلامِسُ كعبَكَ.. يا حُسنَ حظِّ الزيزفونْ‏

أوْ ترفعُ يدكَ…!!‏ فيحُطُّ رَفٌّ مِنْ حَمامٍ فوقَ أوراقِ الغصونْ‏

ملأى برائحَةِ البحارِ إذا أتَيتْ.. ملأى بأفلاكِ الملائكِ إنْ مَضيتْ‏

ملأى بأحداقِ العيونْ‏

مَنْ ذا يُصَدِّقُ بعدَ ذلِكَ أنَّكَ…‏ خُلِقَتَ كَباقي الناسِ مِنْ ماءٍ وطينْ؟!‏

وتُطِلُّ سيِّداً أبياً فيغار الزيزفون…‏

سُبحانَ مَنْ سَوَّى ملامِحَ وجهكَ!…‏ نجماً دليلَ السائرينْ‏

سبحانَ مَنْ أعطى لِعينيك رُموشاً‏ تقتلُ الأحياءَ… تُحْيي الميِّتينْ‏

ورمى لِضَيِّ عيونِك لونَ الدُّنا‏ وسبى لسَبْلِ جفونِك عتمَ السجونْ‏

آمَنْتُ بالبَحْرِ الذي يَغْفو بعَينيك…‏ وَلَمْ أُشْرِكْ برَبِّ العالَمينْ‏

مَنْ ذا يُصَدِّقُ بعدَ ذلِكَ أنَّك…‏ خُلِقْتِ كباقي الناسِ مِنْ ماءٍ وطينْ؟!!‏.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *