اصطفاف يمني واسع مع لبنان وحزب الله.. دم واحد مصير واحد
بقلم نوال النونو
يتابع اليمانيون باهتمام كبير مستجدات العدوان الصهيوني على لبنان، وتماديه في سفك دماء الأبرياء، ونقل المعركة إلى العمق اللبناني، معبرين عن تضامنهم ووقوفهم الكبير مع المقاومة الإسلامية في لبنان.
وخلال الأيام الماضية عبرت القيادات اليمنية عن موقفها بوضوح لا غبار فيه، مؤكدة أن الوقوف مع لبنان والمقاومة الإسلامية هو واجب ديني وانساني وأخلاقي، وأن اليمن لن يكون إلا مع حزب الله ومقاومته، وسيدعمه بكل ما يستطيع.
وأوضح المكتب السياسي لأنصار الله أن العدو الإسرائيلي يمعن في انتهاك سيادة واستقرار لبنان بدعم وضوء أخضر أمريكي، لافتاً إلى أن الغطرسة الصهيونية تعبر عن فشل حقيقي في المواجهات العسكرية البشرية، وأن هذه الغطرسة تؤكد مدى نجاح ضربات حزب الله الأخيرة في الوصول إلى عمق الكيان في مواقع حساسة في حيفا وما بعد حيفا.
وإلى جانب بيان سياسي أنصار الله، صدرت بيانات متعددة من قبل الحكومة، والأحزاب السياسية، وعلماء اليمن، كما خرجت مسيرات شعبية، كلها عبرت عن موقف واحد هو التضامن مع لبنان، واستنكار الجرائم الصهيونية المتنوعة في لبنان، بدءاً من تفجيرات “البيجر” و”الأجهزة اللاسلكية”، مروراً باغتيال قادة من حزب الله في الضاحية الجنوبية في العاصمة بيروت، وصولاً إلى العدوان الغاشم على جنوب لبنان، وكل المناطق اللبنانية.
هذا الاصطفاف اليمني الواسع مع لبنان يؤكد على أن الشعب اليمني يحتفظ بمشاعر جميلة، واحترام لا نظير له للمقاومة الإسلامية في لبنان، والتي كانت المبادرة والسباقة للوقوف مع اليمن في محنته أثناء العدوان السعودي الإماراتي على اليمن الذي بدأ في 26 مارس آذار عام 2015م.
جميل لا ينسى
وفي هذا السياق يقول مدير تحرير صحيفة “المسيرة” اليومية أحمد داود إن الشعب اليمني مدين لسماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بالكثير، فاليمنيون ينظرون إلى سماحته بأنه جزء منهم، حيث وقف معهم عند الشدائد، وساندهم، ونصرهم حين خذلهم الآخرون.
ويضيف: “لا ينسى الشعب اليمني وقوف السيد حسن نصر الله ولبنان مع اليمن ضد العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، فالسيد حسن هو أول من أعلن موقفه بوضوح، مسانداً الشعب اليمني في محنته، حتى أنه قال إن أعظم خطاب في حياته هو ذلك الذي ألقاه للتضامن مع اليمن في ثاني يوم من العدوان الغاشم على اليمن”.
ويواصل داود حديثه: “في ذلك اليوم تابعت خطاب السيد حسن نصر الله، وغارات العدوان تتوالى علينا في العاصمة صنعاء وعندما قال سماحته: إذا لم يكن الشعب اليمني من العرب، فمن العرب.. ذرفت دموعي، وأنا أستمع لرجل يمدح ويشيد بالشعب اليمني، ويقف إلى جانبنا، في حين خذلنا الصديق والقريب، بل وتكالبوا علينا”، مشيراً إلى أن السيد حسن نصر الله كان مع الشعب اليمني في محنته خطوة بخطوة، وكان يفرح لانتصارات اليمنيين، ويأسى لمصائبهم، متسائلاً: كيف لا يتضامن الشعب اليمني وكل حر في اليمن اليوم مع لبنان في محنته ومصيبته، فالدم واحد، والمصير واحد. ويشير إلى أن الشعب اليمني كان يستمد الصمود والعزيمة من خطابات السيد حسن نصر الله، ولهذا فإن اليمن قيادة وشعباً لن يبخلوا في تقديم كل ما يستطيعون للمقاومة الإسلامية في لبنان، مؤكداً أن السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي سيكون له خطاباً تضامنياً قوياً مساندة لحزب الله وللشعب اللبناني، وأن المسيرات الجماهيرية المليونية في اليمن ستتواصل في صنعاء وبقية المحافظات دعماً لغزة ولبنان.
وإلى جانب البيانات المؤيدة والمناصرة للمقاومة الإسلامية في لبنان، أظهرت منشورات الشخصيات اليمنية البارزة عبر مواقع التواصل الاجتماعي غضبها تجاه الصلف الصهيوني تجاه لبنان، وطالبت بما هو أكبر من عبارات الشجب والإدانة، وذلك من خلال جمع التبرعات المالية وسرعة إرسالها إلى لبنان، كما طالب بذلك وزير التعليم العالي السابق الشيخ حسين حازب.
وقال حازب: “صحيح إن اليمن يمر بأزمة اقتصادية خانقة جراء العدوان لكن هذا لا يمنعا من تقديم العون والمساعدة لأشقائنا في لبنان، وأقترح على الجهات المختصة، الترتيب لفتح باب التبرع مع لبنان، وفتح حسابات لذلك، والقليل مع القليل كثير، وهذا واجب علينا أن نؤديه”.
كلمة الفصل للقوات المسلحة
يدرك اليمنيون أن الموقف اليمني سيكون كبيراً وعظيماً خلال المرحلة المقبلة، مواصلة لإسناد غزة، ودعماً للمقاومة الإسلامية في لبنان، وأن التعويل في ذلك سيكون على القوات المسلحة.
المؤشرات على هذا التعويل، ظهرت قبل أيام، فقيام القوات المسلحة اليمنية بقصف ما يسمى “تل أبيب” بصاروخ فرط صوتي، كان استباقاً لكل هذه الأحداث، حيث جاء القصف بالتوازي مع تحركات كبيرة لجيش الاحتلال الإسرائيلي وتصريحات بنقل الثقل العسكري من قطاع غزة إلى جنوب لبنان، حيث كانت التحضيرات للعدوان على لبنان واضحة.
وفي هذا الجانب يقول مدير تحرير صحيفة المسيرة أحمد داود إن القوات المسلحة اليمنية لديها الكثير من المفاجآت التي تحتفظ بها في مواجهة العدو الصهيوني، فهي وعلى الرغم من نجاح العمليات في البحرين الأحمر والعربي، والكشف عن أسلحة استراتيجية ونوعية، إلا أنها لا تزال تحتفظ بالمزيد.
ويضيف داود: “دخول القوات المسلحة اليمنية لمناصرة المقاومة الإسلامية في لبنان سيكون استثنائياً، ولا نستبعد أن يتم قصف تل أبيب بدفعة من الصواريخ الفرط صوتية، لإيقاف العدوان الهمجي على لبنان”، موضحاً أن حزب الله هو الآخر يمتلك الكثير من أوراق الضغط على الصهاينة، وأنه سيخرج منتصراً من هذه المعركة، كما انتصر في حرب تموز عام 2006.
وللتأكيد على ذلك، فقد توعد بيان صادر عن القوات المسلحة اليمنية بمناسبة احتفالات الشعب اليمنية بثورة 26 سبتمبر مساء الأربعاء الماضي الكيان الصهيوني بضربات قادمة تصيبه في مقتل”.
صحيح أن القوات المسلحة لم تفصح عن نوعية هذه الضربات، أو كيف يمكن أن تصيبه في مقتل، لكن ما حدث من إطلاق صواريخ فرط صوتية، وطائرات مسيرة اخترقت تل أبيب في الفترات الماضية، قد يدفع اليمنيين إلى توجيه المزيد من هذه الضربات، وربما بكميات أكبر، تزيد من الوجع الصهيوني، وتجبره على التفكير بخطورة حماقاته في لبنان وغزة.
تبقى كل السيناريوهات متاحة في ظل الجنون الصهيوني والدعم الأمريكي الغربي اللامحدود، لكن غزة ولبنان واليمن والعراق قد اختاروا طريق المقاومة، وهذا الطريق رغم متاعبه ووعورته إلا أنه سيثمر في النهاية نصراً كبيراً مؤزراً، والخزي والعار سيكون من نصب المتخاذلين، والعملاء المطبعين.