إقليميات

رِجالُ الله في الميدان يا سيّد المقاومة سلامٌ لآية الله الشهيد الأقدس

بقلم زينب عدنان زراقط

رحلت عنا إنما والله قد أوفيت بكل وعودك، وأنجزت كل ‏ما جئت لأجله،‎ ‎وتركت من بعدك إرثاً كبيراً من القوة لمن يريد الاستمرار، ‏وإرثا ثقيلاً من المسؤولية وفراغاً واسعاً سنفتقده لكن ما تركت خلفك هو الأمل الباقي وهو السبيل الذي رسمته طوال عمرك الشريف.

بدايةً يعزُّ علينا والله يا مولانا يا صاحب الزمان أن نعزّيك بأبينا الحنون وقائد مسيرة المقاومة والأمين العام لـ “حزب الله”، فهنيئاً له أقصى ما تمنّى وهنيئاً لروحه الجنّة والدرجات الرفيعة قرب محمد وآله الأبرار. أطال الله بعمر السيد القائد علي الخامنئي وحفظه الله وصبّر الله قلبه على هذا الفقد العظيم وجعلنا الله من المحتسبين بقضاء الله وقدره، على نهجٍ كل قادته كما أئمته أهل البيت (ع) الذين قضوا فيه شهداء في سبيل نصرة الحق وإحياءً للدين في وجه كل ظالم ومستبدّ. جاءونا بورقةٍ عزاءٍ فرنسية عبر مبعوثها إلى لُبنان ينعون فيها المقاومة بعد اغتيالك، على اعتقاد أنّه إن قتلوك، دمّروا موقفك حينما وقفت وحيداً تُناصرُ “غزة” – ومن قبلها كان لكَ وقفة عِزٍ أُخرى والتي اعتبرتها أعظم موقفٍ في حياتك بمُناصرة “اليمن” العزيز مُباشرةً بعد بدء العدوان الأمريكي الغاشم عليه عبر السعودية والإمارات منذ عام 2005 إلى يومنا – فبدأ إعلام العدو الصهيوني الترويج لما يُسميه “مساعي لوقف إطلاق النار لأغراض المفاوضات”..، وكانت الحقيقة أن نية العدو الصهيوني هو الضغط على حزب الله أمام الرأي العالمي والمحلي حتى يرضخ لشروط يُرفع عليها راية استسلام المقاومة، ولكن هيهات!. فما أظهرته المقاومة من مواقف بدا راسخاً “أن حزب الله لن يقبل بأي مقترح لا يشمل وقف الحرب على غزة” وما من تراجع لشماليّ الليطاني، والرّد كان واضحاً بلسان سيد المقاومة ولا يزالُ صداهُ مُزلزِلاً، “والله لا أُعْطِيكُمْ بِيَدِي‌ إعطاءَ الذليل؛ ولا أُقِرُّ لَكُمْ اقرارَ الْعَبِيدِ”.

هو الحالُ عينه عندما اغتالوا السيد عباس الموسوي سنة 1992 وانتاب البعض الريبة من أن المقاومة ستنتهي، فرزقنا الله “السّيد حسن نصر الله”، واليوم كُلّنا يقين بأنّ “كُلّه خير من الله”، وبنية “حزب الله” لم يمسسها سوء، وكلمة الفصل كانت للميدان الذي قلب كُل الموازين عندما أُعمي على بصر الجيش الإسرائيلي وأُقفِلَ على قلبه وأعلن انتقاله إلى مرحلة التوغّل البري، – وهذا ما تمنّاه السّيد في كلمته الأخيرة – ليواجهوا “رجال الله” على الأرض ،”لا بالطائرات الأمريكية وعشرات الأطنان من المتفجرات والصواريخ”؛ فكانوا لهم بالمرصاد – ليوثاً كجدّهم حيدرة – وأردوهم ما بين قتيلٍ ومعطوب..

أيامٌ دموية على العدو في الجنوب اللبناني

أيام تشبه حرب تموز عام 2006، عند تخوم المعركة وفي آخر أيامها، ما بين أن يدخلوا برّاً، أو لا، وما بين أنهم يريدون الدخول إلى الليطاني، في عملية محدودة، لإبعاد حزب الله عن الحدود. حصل ذلك على مدى أيام عدة، ثم بدأوا الدخول براً، من مناطق محدّدة جداً، وحاولوا إحداث خرق كبير بإنزال الغندورية الشهير. فكانت النتيجة، مجزرة دبابات في الحجير، وقف إطلاق نار، وانسحاب. واليوم الخطيئة عينها يكررها الإسرائيلي، والهدف الأساس من أي عملية برية جنوب لبنان هو إعادة احتلال مناطق في الجنوب، وإنشاء “حزام أمني”، وإنَّ هذه المسألة تعيها المقاومة جيّداً وقد أعدّت لها.

ما بين عملية تسلّل من العديسة وكفركلا جنوب لبنان إلى عمليات إنزال وتفخيخ عند مارون الراس ويارون، فرق متنوعة من بينها الإيغوز ولواء غولاني والفرقة السابعة المدرعة وفرقة 98، كان الحدث على العدو صعباً ووصف بالدموي، ليخرج “نتنياهو” بقميصه الأسود الذي ارتداه يوم السابع من أكتوبر مُعزّياً بجنوده وضًباطه ببضع كلمات من اليوم الأول لمحاولة اجتياز الخط الأزرق وقد باءوا بالخُسران، إنها أيامٌ قليلة منذ الثلاثاء الماضي وفي كُلّ يوم يُنزل أبطال المقاومة الإسلامية أشدّ الضربات لكلّ من يقترب من جنود العدوّ عند الحدود، وكان من بقي من أهالي المنطقة شُهداء على عويلهم وصراخهم، وغطّوا على خسائرهم بالقنابل الدُخانية ليتمكّنوا من نقل جثث قتلاهم وجرحاهم عبر المروحيات التي صوّرت بالمكان تداول الإعلام مشهد الخزي الذي أُلحِقَ بهم، “فكما دخلوا عامودياً سيخرجون أُفقياً”!.

التكتم الإعلامي للعدو الصهيوني عن الخسائر والقتلى لن يدوم طويلاً سوف تنهار هذه المنظومة رويداً رويدا لأن مجتمع العدو لا يستطيع الالتزام بالتعليمات العسكرية لفترة طويلة مع ازدياد الخسائر والضربات وسوف تبدأ الفيديوهات والتقارير تخرج تباعاً ولو بعد حين.. وبعد هذه المجازر التي نفذتها وحدات حزب الله القتالية ضد العدو الإسرائيلي وبعد 27 عملية مدمرة نفذتها وحدات الحزب بمختلف صنوفها والتي أدت لسقوط عشرات الجنود والضّباط من جيش العدو الإسرائيلي بين قتيلٍ وجريح.. وبعد الحدث الأمني الأخير عند الحدود الشمالية مع لبنان والذي وصفه إعلام العدو بـ ” الدموي” والذي من المؤكد سقط فيه الكثير من لواء غولاني بين جريحٍ وقتيل، شعر العدو من خطر المشاهد التي وثقتها عدسات الإعلام الحربي للعمليات المؤثرة الأخيرة والتي قد يبثها الحزب قريباً، – ومن غير المعلوم إن كان هنالك مفاجئات كأسر جنود! -، يحاول العدو التخفيف عن وطأة الدمار النفسي الذي يعيشه عبر قصف الضاحية الجنوبية لبيروت، وقام باستهداف مكتب العلاقات الإعلامية لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت ظنّاً منه بأن الإعلام الحربي يُدار من هناك تأكيداً على أن جنودهم يلقون أياماً عصيبة عليهم من الشمال والتي وصفوها بالـ “دموية” حقّاً عبر اعلامهم.

ختاماً، منظومة القيادة والسيطرة التي أمسكت بزمام الأمور بعد استشهاد القادة، أظهرت تماسكاً عجيباً وإدارةً مبهرة، وأن المقاومة لا تقوم ببُنيانها على فرد وإنما هي منظومة كاملة مُتكاملة قائمة على نهج وخطّ واضح يُحتذى عليه.. ومن المهم أيضاً الإشارة إليه هو دور المقاومة المتعدد الجبهات من العراق إلى اليمن والمقاومة داخل فلسطين، وهذا ما يُشكّل استنزافاً لجيش العدو بعدم إتاحة الفرصة له للاستفراد بجبهة دون أخرى. أمّا إلى الجمهورية الإسلامية إيران وما أمطرته على تل أبيب من وابلٍ من الصواريخ الفرط صوتيه – أكثر من 250 صاروخاً – حطمت قوة الردع الإسرائيلي وقببه الحديدة، معتبرةً أن هذا الرد هو حقٌ مشروع احتفظت به إلى الساعة وخصوصاً بعد اغتيال أمين عام المقاومة الذي أظهر تمرّداً من قبل الكيان الغاصب مُشيرةً أنه انتهى زمن ضبط النفس من طرفٍ واحد ومُهددةً بأنّ أيّ ردّ سيُقابل بهجومٍ أقوى وأشد من الهجوم الأخير الذي طالَ قاعدة الموساد وقاعدتي “نتساريم” و”نفاتيم” الجويتين ورادارات ومراكز تجمع لدبابات الصهاينة. وحالياً تعيش الولايات المتحدة الأمريكية أزمةً حول كيفية الرد الإسرائيلي على إيران، التي لا تريد أن تتدحرج الأمور نحو حرب إقليمية من جهة، ومن جهة أخرى على إسرائيل ردّ اعتبارها، على الرغم من أنهم فور الحدث، خرجوا مُنكرين نجاح العملية، وقالوا إنها “فشلت” وإنما توعّد “نتنياهو” بالانتقام!.

أخيراً تبقى كلمة الفصل للميدان وما نراه على الأرض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *