إقليميات

واقع الحرب اللبنانية ما بين النفاق العربي والدجل الأمريكي وخواتيمها

بقلم زينب عدنان زراقط

وفي رسالةٍ توجّهوا بها إلى الشهيد الأقدس، سيّد شهداء القُدس، وعدوه بالنّصر كما وعدهم بالنصر دائماً فهم أبناء السيد “نصرُ الله” ولا يستطيعون إلاَّ أن يكونوا كذلك.

فيما الوضع في المنطقة مُحتدمٌ ما بين ردٍّ إسرائيلي محتمل على إيران وما طبيعته، ومع اقتراب الانتخابات الأمريكية والرهان على إبقاء الحرب مشتعلة في المنطقة و”غزة” ولبنان تشغلان الرأي العام، والجيش الإسرائيلي يفشل بكلّ محاولة تلوى الأخرى بالتقدّم برّاً على طول الحدود الجنوبية للبنان وتصوَّر دبابتُه تحترق مُباشرةً على الهواء وأصوات عويلهم بُثَّ على الهواء في اقتحامٍ برّي فاشل أُقرّ به منذ أكثر من أسبوع، وتقتصر الأهداف على المباني السكنية والأحياء المكتظة بالمدنيين.. يبقى الميدان هو الحكم الفاصل للبت بهذه المعركة والحد الفاصل من انتهائها.

وفي مقلبٍ آخر، غربل هذا الواقع التحالُفات والصفوف، وفضح ازدواجية المعايير عند العرب والخليجيين، الذين باعوا القضية الفلسطينية منذ بدايتها وخذلوا “غزّة” ووضعوا يدهم بيد الإسرائيلي وأطاعوا “أمريكا”، أتوا اليوم ليقدموا طائرات من المساعدات والهبات للشعب اللبناني المنكوب من تداعيات الحرب التي بدأها تحت شعار سيّد الشهداء “إسناداً لغزّة على طريق القُدس”.

ازدواجية المعايير لدى الدول التي هبت لمساعدة لبنان

من عجائب الدهر أن تهبّ النّخوة في ضمائر دولٍ عربية وخليجية، لتقديم المساعدات العينية لأجل إغاثة المدنيين الذين نزحوا وغيرهم أمسوا دون مسكن أو إيواء؛ وهم أنفسهم من باعوا القضية الفلسطينية وصدّوا الأبواب بوجه أطفال ومرضى “غزة” الذين إذا لم يقتلوا بالصواريخ الإسرائيلية، فقد ماتوا من جراحهم أو جوعاً. لا بل والمضحك المبكي، أنه ما تزال أيضاً دماء أطفال ونساء اليمن ملطّخةً على ثيابهم وهم من يقودون حرباً أمريكية الأوامر على الحوثيين منذ 2015؛ أَلم يكن أولى بهم أقلّها نقل مصابي “غزة” المحاصرين وما من ضمادة جرح ولا رشفة ماء يُسمح أن تصلهم، أو أن ينهوا الحصار عن اليمن ويُوقفوا الحرب عليه!!! أمّ أنّ لهم في لُبنان مآرِبَ أُخرى، – نِفاق -!.

من جهته اليمن القابع تحت وطأة الحصار والحرب منذ تسع سنوات وكابد أشد مآسي المجاعة وانعدام الإغاثة الطبية، انتفض على الرغم من جراحة، وغير آبه إن اشتدت الضغوط عليه، وإن هددوه أو قتلوه، فكان سلطان البحر الأحمر وحارس باب المندب إلى بحر العرب، مانعاً كل السفن المتحركة نحو الكيان الإسرائيلي أيّاً تكن البلد المرسلة منها، فلم تنجُ لا السفن البريطانية ولا الأمريكية ولا الأوروبية من قوات البحرية اليمنية التي كانت تصيب أهدافها بدقة من بعد تحذيرها مراراً إلا أنهم ما زالوا يمعنون بمحاولة دعم إسرائيل بشتّى الوسائل كي تبقى قائمةً بوجه محور المقاومة الذي بات يهددها من خمس جبهات؛ المقاومة الفلسطينية بالداخل، حزب الله من لبنان، المقاومة العراقية، الحوثيين من اليمن، الحرس الثوري من إيران. لكنهم هبوا لنجدتها؟، فقد سارعت الإمارات والمملكة العربية السعودية لمدّ جسر برّي يعبر منهما مروراً بالأردن وصولاً إلى الكيان المحتل، لمده بالغذاء والمواد الأولية وكل ما يحتاجه أو يطلبه. أما مصر هي الأُخرى التي قامت بإرسال المساعدات الإغاثية الغذائية والطبية، وفي اتصال مباشر ما بين رئيس الحكومة “السيسي” مع رئيس الحكومة اللبنانية “ميقاتي”، رافضاً أي مساس بسيادة لبنان، هو نفسه ما وراء الكواليس يمدّ الكيان الصهيوني بخط بحري مباشر من أغلب مرافئها البحرية من وإلى الكيان المؤقت؛ (العريش – بورسعيد – دمياط – أبو قير- الاسكندرية) في مصر، وميناءي حيفا وأشدود في الكيان الإسرائيلي.

الموقف الأمريكي من طبيعة الرّد الإسرائيلي

أمّا عن أمريكا فجُلُّ الغدر والخداع مطبوعٌ في وجهها، فـ “لو قالت أمريكا لا إله إلا الله لا تُصدقوها”!، فبعد إقدام إسرائيل على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس “الشهيد إسماعيل هنية” على الأراضي الإيرانية في زيارةٍ رئاسية، جرت مُباحثات سياسية حسب تحليلات الأوساط السياسية على أن لا تقوم الجمهورية الإسلامية بالرّد على إسرائيل والتريّث لأن وقفاً لإطلاق النّار يُحَضّر في هذا الصدد قريباً… لتتدحرج الأمور نحو اغتيالاتٍ مُتلاحقة لكبار قادة “حزب الله”، ومن ثمَّ نفس السيناريو حدث للمقاومة بأن عليها أن لا تُصعّد على أنّ يتم البت بموضوع وقف إطلاق النّار، حتى اغتالوا سماحة الأمين العام السيد “حسن نصر الله” بما قُدّر بـ83 طُنّاً من المتفجرات، وهنا كان مكمن الكارثة الكُبرى… “انتهت مرحلة ضبط النّفس من طرفٍ واحد”، – من مضمون الرسالة الموجهة من “إيران” إلى “واشنطن” -، وشنّت هجوم “الوعد الصادق 2” على أكبر القواعد الجوّية الإسرائيلية “نيفاتيم” بوابلٍ من الصواريخ مُحققةً إصابات مباشرة فيما جرى تعتيم إعلامي من قبل العدو حول حصيلة الاستهداف، وتوعّدوا بردٍ قويّ على إيران.  

وهذا الموضوع هو الشغل الشاغل للأوساط الإعلامية والسياسية في الأيام الماضية، وما بين أخذٍ وردّ بين المستشارين الأمريكيين حول طبيعة الاستهداف الإسرائيلي لإيران، صبّت الإدارة الأمريكية الزيت على النار، وأشعلت الأسواق، خصوصاً مع إجابة الرئيس الأمريكي جو بايدن عندما سُئل عمّا إذا كان سيدعم ضرب إسرائيل لمنشآت النفط الإيرانية، فقال: “نحن نناقش ذلك”. هذا ما تسبّب بتراجع أسواق الأسهم الخليجية للنفط كما شهدت تكاليف شحن النفط وأسهم شركات الناقلات ارتفاعاً كبيراً، لسبب كثرة الطلب تخوّفاً من أي صراع إضافي قد ينشب في المنطقة.

وفي هذا الصدد نشرت صحيفة وول ستريت جورنال أنّ “إيران هدّدت الأردن والسعودية وقطر والإمارات بعدم السماح للكيان بضربها من أراضيهم، وهذه الدول توجهت لإدارة بايدن وقالت إنها لا تريد أن يعمل الكيان أو أمريكا من أراضيها”. فيما يستبعد هومايون فلكشاهي، محلل أول للنفط والغاز في “كبلر” (KPLER) أن تلجأ إسرائيل إلى ضرب منشآت النفط أو الطاقة الإيرانية، وهو التحليل نفسه الذي خلصت إليه شيماء المرسي باحثة دكتوراه في الشؤون الإيرانية ومديرة وحدة الرصد والترجمة بالمنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية في تصريحاتها الصحفية. ويتضح ذلك من خلال عدم الرد حتى الآن فيما كانت الضربة مع بداية شهر أكتوبر ويبرز التخبط الإسرائيلي الذي باتت كل الموازين فيه منقلبةً ضدّ “نتنياهو” الذي يسير بغوغاء دون خطة ولا مسار في تحديد وجهة الحرب، وهذا ما لا يصّبّ أبداً في مصلحة الجمهوريين – حزب الرئيس الأمريكي بايدن – لأجل مرشحتهم “كاميلا هاريس” والانتخابات الرئاسية موعدها في غضون ثلاثة أسابيع.

إلى الداخل اللبناني وشعب المقاومة الذين بصمودهم وصبرهم يعطون الزخمَ للمجاهدين في الميدان، إلاّ أن الأمر لا يخلو من بعض الأصوات المرتهنة التي تتكلم بفم الخارج، وبدأوا يبثون فكرة ضرورة تطبيق قرار 1559 الذي يقرّ بتسليم “حزب الله” سلاحه، ما استدعى الرئيس بري للرد على بعض أصوات الداخل حيثُ بتّ الجدل بقوله، “القرار الوحيد هو 1701 أما القرار 1559 فصار ورانا وينذكر ما ينعاد” وانتهى الأمر. بينما ما يزال المطار الدولي اللبناني نافذاً أمام الحركة الدبلوماسية السياسية والوفود والوساطات قائمة وما بين أخذٍ وردّ ما بعد تسليم رئيس مجلس النواب اللبناني “الأستاذ نبيه بري” زمام المبادرة السياسية والإلمام بتفاصيلها من قبل “حزب الله”، يبقى التصويب اللبناني موحّداً على ذات المطلب بتنفيذ قرار 1701 ووقف إطلاق النار.

في الختام، هي معركةٌ ضُحّيَ فيها بأغلى ما أنعمَ الله به علينا، شهيدنا الأسمى ورَوح قلوبنا “السيد حسن نصر الله”، ومن المحتم أن الجزاء سيكون عظيماً، هنالك تغييرٌ في الوجه الكلي للمنطقة، نصرٌ من الله يُرسم من حدود اليمن مروراً بفلسطين إلى حدود “الناقورة” شمالاً من لبنان. إن ما يسطّره مجاهدو “حزب الله” عند الحدود الجنوبية من لبنان وما يصوره الإعلام الحربي للمقاومة اللبنانية من إعدادٍ للكمائن وما قد جاء به الهُدهد في التصعيد الأخير هو تهديد مباشر وبنك أهداف مفتوح، حسب ما قاله نائب الأمين العام لحزب الله “الشيخ نعيم قاسم” على أنّنا “سنثبت في الميدان وأن الجيش “الإسرائيلي” سيتكبد خسائر كبيرة وربما تكون هذه الخسائر هي مقدمة إنهاء الحرب”، فلعلَّ الفتحَ يكون قريباً، ونصراً شاملاً لمحور المقاومة في المنطقة ببركة “نصر الله”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *