آخر الكلام

أبجديات الوجد

بقلم: غسان عبد الله

طالعٌ من مساءٍ حزينٍ‏ ومن لغةٍ مقفلةْ.‏.

أعدُّ أصابعَ أحبابيَ النائمينَ‏ على شفةِ المقصلةْ.‏.

أُهجّي لهم دمهَم أغنياتٍ‏ وأتلو دموعهمُ المرسلةْ…‏

من أنا؟؟ ومن أين أتيتُ؟!

ومن ذا سيمسحُ دمعَ الغُييماتِ عن وجه الأمسياتِ الماطرة؟..

أتيتُ إلى هذه الأرضِ وحديْ.‏. أشدّ إهابيْ‏ لأَخرجَ من حُلُمي الضيّقِ.‏

أرى شجراتِ نخيلٍ ولوزٍ‏ تدلّتْ على الفَجرِ.‏.

والنهرُ يشربُ خضرتها‏ ثم يُطلقها في الفضاءِ الفسيحِ‏ بحارَ رمادْ..‏

وصديقُ العمرِ واقفٌ لا يريمُ،‏ على مقلتيه بقايا دمعٍ يابسٍ وألوانَ حِدادْ.‏.

غابَ عن العطرِ لحظةَ إغفاءةِ الوردِ..

وهو الآن في غيهبٍ من السرِّ العميقِ لا يعودُ..

لا يؤوبُ.. لا يعودُ إلى حالهِ‏ كي يسرّحَ أجيادهُ المنتقاةَ،‏

ويبذرَ حنطتهُ‏ في فلاةٍ من الملحِ،‏ مثلَ العبادْ.‏.

أتيتُ.. ولكنّه غضَّ من طرْفهِ‏ وامتطى ظلّه ثم بادْ..‍‍!!‏

ظللتُ وحيداً‏ أسامرُ ظلَّ المياهِ النقيْ.‏

بأيِّ بلادٍ سنقسِمُ..‏ – قال المحبّونَ -‏ بارحَهمْ صمتُهمْ للمدى المطبقِ؟!‏..

بحارٌ من الشوقِ تكسر أشرعةَ الروحِ‏ تنضو غلالاتِ حلْمهمُ المورقِ.‏.

محبّونَ!! يا حبَّهَ القلبِ..‏

راموا ألفُ بابٍ‏.. بلاغتُهمْ صمتُهمْ حين باغتَهمْ‏ بالهوى المُقلقِ.‏.

هل بكى صاحبيْ؟؟‏

وانتحى جانباً كي يرى دربَهُ‏ مثلما يشتهيْ‏ صاعداً للغدِ المُشرقِ!!‏..

قد بكى وبكيتُ‏ لعلّ بلاداً تبيعُ لنا عَلَماً

ونشيداً‏ نرتّلهُ قيدَ أنملةٍ من يديهِ‏ ونثوي على حُلْمِ أنْ نلتقيْ..!!‏

بدا وجهُ أحزاني في غفلةٍ من عيونِ الصحابْ.‏.

له نظرٌ خانعٌ‏ وبقايا سرابْ..

سرابٍ من الحلْمِ‏ قطَّرها تحت خابيةٍ من دموعِ الكلابْ.‏.

تحدّثْ‏ – (يقول له صوتُ عَرّافهِ المشمئزِ) -‏

ويرمي على وجههِ حفنةً من ترابْ.. تحدّثتُ -(قالَ)-، زادَ العذابْ.‏.

ويرحلُ في الوجعِ الأزرقِ.. جفا ودّهُ،‏ واستعاذ بجيشِ الجوى كي ينامْ.‏.

جبالٌ تراختْ على حلْمهِ فاستفاقَ‏ يجرجرُ رجلينِ من حجرٍ وعظامْ.‏.

لعلَّ سيحملهُ النهَرُ نحو الجموعِ‏ ليجثوْ على وطنٍ من كلامْ.‏.

ترجَّلْ..‏ – يخاطبهُ الأقحوانُ -‏ ترجّلتُ – قالَ – ففاضَ الغرامْ.‏.

***

أيعرفكَ الماءُ؟!..‏ سطّرْ (إذن)على وجههِ ما تبقى من الحلْمِ‏ كي ترتقيْ!!‏

دموعٌ.. وما كنتُ أنوي البكاءَ‏.. على طللِ الأهلِ والأصدقاءْ.‏.

وقفتُ بأطلالهمْ نصفَ قرنٍ‏ يراقبني العسكريُّ‏

ومَنْ قد تبقّى من المُخبرينَ التقاةْ..‏

لكيلا أبوحَ لرُمّانةٍ‏ نفرتْ عن حدودِ السياجِ‏ وكيلا أداويْ دموعي بدمْ.‏.

سمعتُهُم يلقمونَ السلاحَ‏ فقلتُ: نعمْ‏..

فعذراً أيا أهلُ، يا أصدقاءُ‏ ويا وطناً من رمادِ الألمْ،‏

خطاهُ جنازيرُ دبّابةٍ‏ تلوذ بمحرابِ عصرٍ تقيْ!!‏.