إقليميات

الكاتب الإسرائيلي “ياعوز سيبر”: “لدي أخبار سيئة لكم لقد خسرنا الحرب”!

بقلم زينب عدنان زراقط

لعلّ الفتح قريب.. في معركةٍ ستُغيّر وجه التاريخ وترسم مُعادلات تصبّ في كفّة المقاومة وفي انهزامٍ ساحق يمحي أيّ مبادرة قوة عسكرية للجيش الإسرائيلي من أن يتمكن فرضها في محيط الشرق الأوسط كلّه.

وتيرة عمليات حزب الله في تصاعد، كمّاً ونوعاً، ونحو العمق الإسرائيلي، وفي آخر خطاب لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ “نعيم قاسم” أعلن البدء “بمُعادلة إيلام العدو”، وأنّ المقاومة هي من “سيمسك رسنه” وتُعيده إلى “الحظيرة”. واليوم المقاومة الإسلامية نشرت في آخر بياناتها عن “الانتقال إلى مرحلة جديدة وتصاعديّة في المواجهة مع العدو الإسرائيلي” على أن “تتحدث عنها مجريات وأحداث الأيام القادمة”. صحيحٌ أن هذه المعطيات مؤشر حاسم على التعافي على صعيد القيادة ومنظومتها، لكن الأبرز أنه يعيد الحكومة الإسرائيلية “تل أبيب” إلى واقع الميدان الذي من شأنه حسم واقع الحرب، بعيداً عن حساباتها وخلافاً لنشوتها المؤقّتة منذ عملية البيجر وصولاً إلى اغتيال سماحة “السيد حسن نصر الله”. فالآن، “ما نشاهده” في الميدان من شأنه أن يفرض نفسه على أي مبادرة وقف نار. وبالتالي تلقائياً، ستجري مُحادثات ومفاوضات وحركات دبلوماسية مختلفة، تحاكي شروط المقاومة وتلتزم بمطالبها لإنهاء واقع حرب الاستنزاف الذي فرضته المقاومة على الجبهة العسكرية الإسرائيلية.

عامٌ على بداية حرب “غزة” ولم يستطع الجيش الإسرائيلي أن يقضي على حركة “حماس” ولا قضى على العمليات الجهادية الحرّة، وشهرٌ مضى منذ تفجير أجهزة البيجر في لبنان وانتقال المنطقة إلى مرحلة جديدة من الإسناد إلى المواجهة المباشرة، و17 يوماً على بدء عملية التوغّل البرّي لجيش الاحتلال ولم يستطيعوا تجاوز مسافة تزيد عن 1.5 كلم عن الحدود ولم يعلن العدو عن سيطرته على قرية حدودية بالكامل. اعتمدوا سياسة القتل والتدمير، قتلوا القادة وقتلوا رئيس حركة حماس الشهيد “إسماعيل هنية” وقتلوا سيّد شهداء المقاومة الأمين العام لحزب الله السيد “حسن نصر الله”، واليوم أعلن عن اغتيال القائد “يحيى السنوار” وكلما زعموا أنهم حقّقوا انجازاً ما بذلك لإنهاء المقاومة حتى يجدوا أنهم (كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ)، المقاومة هي فِكر وعقيدةٌ ومبدأ، هي جِسمٌ مُتكامل بأفراده، غير مبنيه على أُسس فرديه لأشخاص، بل هي مسار وجودي دائم، مُتجدد ومُتزايد. فضلاً عن ذلك فإن أهداف الاحتلال في ضرب قدرات المقاومة الصاروخية وإيقاف العمليات والتصدي وإعادة مستوطني الشمال قد فشلت بالكامل، بل حصل العكس، الجبهة تشهد كثافة نارية وصاروخية غير مسبوقة ونوعية باتجاه مستعمرات العدو وقواعده على مساحة شمال فلسطين وصولاً إلى ضواحي تل أبيب وحيفا، وتكثفت المواجهات المباشرة بين جنود العدو والمقاومين داخل القرى الحدودية، وتضاعف عدد الفارين من المستوطنات من حيفا وصولاً إلى ضواحي صفد وطبريا!.

المواجهات البرّية

إلى ميدان المواجهة، حيث أن البلدات الحدودية هذه ومنذ بداية طوفان الأقصى تتعرض لمدة عام كامل لعدوان جوي وقصف مدفعي غير مسبوق أتى على معظم مرافق الحياة فيها وتعيش ظروفاً قاسية بفعل الاطباق الجوي من الطائرات الحربية ومختلف أنواع المسيرات حتى بات كلّ شيء يتحرك فيها هدفاً للغارات الجوية المتواصلة ومما لا يخفى على أحد أن البلدات الجنوبية المحاذية للحافة الأمامية عند الحدود مع فلسطين المحتلة هي بلدات ينتشر على حدودها أكثر من 40 موقعاً عسكرياً اسرائيلياً شديدة التحصين ومدعمة بقدرات قتالية ودفاعية وتجسسية فائقة وتتموضع على مرتفعات حدودية حاكمة تشرف بالكامل على أنحاء هذه البلدات وما بعدها. بيد أنه مع بداية العدوان الجوي على لبنان كثّف العدو غاراته التدميرية على هذه البلدات قبل أن يدفع جيش الاحتلال بآلاف الجنود ومئات الدبابات والجرافات العسكرية للدخول بريّاً. وتشير إحصاءات المقاومة الإسلامية أن جيش العدو الإسرائيلي استقدم منذ بدء العمليات البرية عند الحافة الأمامية قرب الحدود اللبنانية الفلسطينية، 5 فرق عسكرية تضم أكثر من 70 ألف ضابط وجندي ومئات الدبابات والآليات العسكرية. في المقابل كان المئات من مجاهدي المقاومة الإسلامية بكامل جهوزيتهم واستعدادهم للتصدي لأي توغل بري إسرائيلي باتجاه قرى جنوب لبنان، ما يُشير على مدى كفاءة هؤلاء المقاومين وثقتهم العالية بإيمانهم وامكانياتهم.

على العكس من ذلك تماماً بالنسبة لجيش العدو الذي كان يعمد إلى استباق أي اختراق للحدود على اتجاه واحد بغطاء ناري هائل بعشرات الغارات الجوية ومئات القذائف المدفعية تستهدف منطقة جغرافية ضيقة قبل توغل عدد من الجرافات والدبابات إلى أحياء قريبة من الحدود بعد تدميرها بالكامل ونسفٍ ممنهج للمنازل ودور العبادة والمرافق العامة المحيطة بتحركاتهم نتيجة الخشية من عمليات التصدي المتواصلة، ثم تلجأ للاختباء قرب مواقع قوات اليونيفيل بعد عمليات التصدي والمواجهات التي تحصل بين قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي والمقاومين وجهاً لوجه مُلحقين الإصابات الموجعة بقوات العدو من خسائر بشرية وآلية، وحسبَ إحصاءات الاعلام الحربي لـ “حزب الله” للمواجهات البرّية المباشرة وفق ما رصده مجاهدو المقاومة الإسلامية قد بلغت حصيلة خسائر العدو، حوالي 55 قتيلاً وأكثر من 500 جريح من ضباط وجنود جيش العدو الإسرائيلي، بالإضافة إلى تدمير 20 دبابة ميركافا، وتدمير 4 جرافات عسكرية وآلية مدرعة وناقلة جند، بالإضافة إلى إسقاط مسيّرتين من نوع “هرمز 450″، – هي حصيلة لم تتضمن خسائر العدو الإسرائيلي في القواعد والثكنات العسكرية على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية وصولاً إلى عمق فلسطين المحتلة -.

في الختام، يقول الكاتب الإسرائيلي “ياعوز سيبر”: “لدي أخبار سيئة لكم لقد خسرنا الحرب”! مُشيراً إلى أن “إسرائيل” تخسر يومياً منذ أكثر من عام، حيث قُتل أكثر من 1500 “إسرائيلي”، فيما تستمر الهجمات بآلاف الصواريخ والطائرات المُسيرة القادمة من غزة واليمن ولبنان وسوريا والعراق وإيران، مُضيفاً أن “الشمال يحترق ويفرغ من السكان، وكذلك مناطق غلاف غزة، ومئات الآلاف من المستوطنين أصبحوا بلا مأوى أو مستقبل واضح، والكفاءات تهاجر بحثاً عن الأمان، ولا يوجد أي خطة واقعية للخروج من الحرب الحالية”. وإلى كاتب “إسرائيلي” آخر “روجل ألفر” الذي يصف حالة الكيان على أن، “إسرائيل قد تكون على شفا انهيار شامل، مشبّهاً حالتها بجذع شجرة يبدو متماسكاً من الخارج، لكن حلقاته الداخلية تآكلت حتى أصبح العفن يهدده بالانهيار”. وعلى ما يبدو أن أمريكا تنتظر أي انجاز تحققه إسرائيل لتفتح منه باباً للبدء بالحلّ وإنهاء الحرب لما تبديه كل المؤشرات على انهزامهم وافتضاح أمرهم، فاستنزاف الميدان للقوة العسكرية الإسرائيلية والإعلان المباشر عن مقتل ضباطها والحديث كُلّ يوم عن “حدثٍ صعب” في الحدود الشمالية مع لبنان وسط تكتم وحظر إعلامي شديدين، لم يعد بإمكان لا أمريكا ولا إسرائيل تحمّله. وكما أن تصريحات العدو ومُزايداته حول تنفيذ ضربه ما تجاه إيران، على ما يبدو أن أمريكا قد قيّدتها وفرضت عليه الالتزام بالصمت وعدم التّهوّر في وقت هي تترقب فيه موعد انتخاباتها الرئاسية في غضون أسبوعين… فهل يترقّب نتنياهو مجيء “دونالد ترامب” رئيساً عن الديمقراطيين الأمريكيين الذي وعده المضيّ معه بجنونه ومواصلة الحرب؟ أم أن الديمقراطيين سينهون الحرب في ولاية “بايدن”؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *