إقليميات

الشرق الأوسط الجبهة الرئيسة في الصراع ضد الصهيونية والإمبريالية

بقلم توفيق المديني

وما يحدث اليوم في شمال قطاع غزَّة، وتحديداً في جباليا ومخيمها، هو عملية إبادة جماعية مكتملة الأركان، يرتكب خلالها جيش الاحتلال الإرهابي المجازر بحق المدنيين، ويقصف البيوت على رؤوس ساكنيها، ويضرب البُنى المدنية من شوارع وأحياء سكنية، ومخابز ومستشفيات وآبار مياه، ويمنع دخول أي طعام أو دواء إلى المنطقة، حيث يتعرض المدنيون للتجويع والقصف في منازلهم وخيامهم. فقد أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” أنَّ جيش الاحتلال الصهيوني يحاصر على الأقل 400 ألف فلسطيني شمال قطاع غزة.

ومنذ بدء عمليته العسكرية على شمال القطاع، أطبق الجيش حصاره على منطقة جباليا ومنع الأهالي من النزوح إلى مدينة غزة المجاورة، وأمرهم بالنزوح فقط عبر شارع “صلاح الدين” الممتد على طول شرق القطاع من شماله إلى جنوبه. وهذه العملية البرية الثالثة التي ينفذها جيش الاحتلال في مخيم جباليا منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على غزَّة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

الصهيوني النازي نتنياهو وإطالة أمد حرب الإبادة

على الرغم من أنَّ حكومة نتنياهو الصهيونية والنازية ترتكب كل هذه الفظائع، فإنَّ العالم الغربي بقيادة الإمبريالية الأمريكية الذي يتشدق باحترام منظومة حقوق الإنسان، وبحرِّية الشعوب في تقرير مصيرها، يقف داعماً ل”إسرائيل” التي تربط وجودها بالإيديولوجية الصهيونية، التي تستبيح التطهير العرقي للشعب الفلسطيني المتمسك بأرضه التاريخية.

تمثل الصهيونية السياسية بما تحمله من أفكار معروفة مذهباً عدوانياً وعنصرياً لابد من مواجهته، وهذا ما قامت به  محكمة العدل الدولية مع بداية عام 2024، حين أمرت “إسرائيل” باتخاذ جميع التدابير في حدود سلطتها لمنع ارتكاب جميع الأفعال التي تندرج ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية. وقد تزايد إبادة الفلسطينيين منذ أن اتخذت محكمة العدل الدولية تلك القرارات. وتواصل “إسرائيل” مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال “الإبادة الجماعية” وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

لكنَّ الكيان الصهيوني المتمتع بالدعم المطلق من الإمبريالية الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي الرئيسة، يرفض الالتزام بهذه الأوامر، فقد خلفت حرب الإبادة الجماعية الصهيونية في غزة المتواصلة أكثر من 41 ألف شهيد و100 ألف جريح في صفوف الفلسطينيين، وما يزيد على الـ 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين. وبموازاة حرب الإبادة على غزة، صعّد جيش الاحتلال الصهيوني والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر عن مقتل 756 فلسطينياً وإصابة نحو 6 آلاف و250 واعتقال أكثر من 11 ألفا و200، وفق معطيات رسمية فلسطينية.

يربط رئيس الحكومة الصهيونية نتنياهو بين مصلحته الشخصية والسياسية من جهة، وبين خدمة استراتيجية الكيان الصهيوني من جهة أخرى، لجهة استمرار حرب الإبادة الجماعية في غزَّة، ورفض وقف إطلاق النار، لأنَّه يريد توسيع نطاق العدوان الصهيوني ليشمل كامل لبنان، وسوريا، وإيران، لتصبح الحرب حرباً إقليمية شاملة تتورط فيها الإمبريالية الأمريكية مباشرة، بهدف إطالة أمد الحرب لضمان بقائه في سدّة الحكم.

 كما أنَّ إطالة أمد الحرب تضمن لنتنياهو استمرار دعم كلٍّ من الوزيرين، إيتمار بن غفير وهو محام وناشط سياسي صهيوني يعرف بانتمائه لليمين الديني المتطرف، رئيس فصيل “العظمة اليهودية” (عوتسما يهودت)، وأحد أعضاء الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، ومشارك أكثر من مرة في محاولات اقتحام المسجد الأقصى، وتولى بن غفير منصب وزير الأمن القومي الإسرائيلي يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 2022، وبتسلئيل سموتريتش وهو سياسي صهيوني وناشط ينتمي لليمين الديني المتطرف، يشغل منصب وزير المالية ووزير الإدارة المدنية بوزارة الدفاع، دخل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) عام 2015، ويرأس حزب “الصهيونية الدينية”، وهو أحد المؤيدين للحرب الشاملة في قطاع غزَّة كما في الضفة الغربية، ويدعو لدولة تخضع للقوانين الدينية وتشمل كل فلسطين، ويترأس حزب “الصهيونية الدينيّة”.

ويرى هذان الوزيران في استمرار حرب الإبادة الجماعية احتلال قطاع غزة تحقيقاً لحلمهما، ويسعيان لتحويل هذه الحرب، التي تهدف إلى تفكيك حركة حماس وتبديل حكمها واستعادة الأسرى الإسرائيليين، إلى حرب هدفها احتلال قطاع غزة وضمّه إلى الكان الصهيوني، وإعادة الاستيطان إلى المنطقة.

المقاومة لن تهزم في لبنان

منذ 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، وسعت “إسرائيل” نطاق حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لتشمل لبنان، عبر غارات جوية طالت الضاحية الجنوبية وصولاً إلى اغتيال الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ حسن نصر الله في 27 سبتمبر الماضي بغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت ومعه قائد جبهة الجنوب في “حزب الله” علي كركي وعدد آخر من القادة، إضافة للعاصمة بيروت، ومناطق الهرمل وبعلبك، ومعابر الحدود  اللبنانية – السورية، فضلاً عن عمليات توغل بري في الجنوب، أسفرت عن استشهاد حتى يوم الثلاثاء 16 أكتوبر 2024، إلى 2367 شهيداً، وإصابة 11088 آخرين، حسب إعلان وزارة الصحة اللبنانية.

وتتواصل حرب الإرادات في الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة بين المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله وبين جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 12 شهراً بعد إعلان “حزب الله” فتح جبهة مساندة لغزة، حيث تشهد العمليات توسعاً بشكل يومي على طول الحدود من رأس الناقورة إلى مزارع شبعا.

ومنذ منتصف سبتمبر الماضي تصاعدت حدة المواجهات العسكرية بين “حزب الله” والعدو الصهيوني، ومع بداية أكتوبر الجاري أعلن جيش الاحتلال بدء تنفيذ عملية برية في جنوب لبنان ضد أهداف وبنى تحتية لـحزب الله في عدد من القرى القريبة من الحدود، ما يمثل تصعيداً جديداً في الصراع الدائر بين الجانبين ويهدد بنشوب حرب إقليمية.

وفي عملية عسكرية نوعية، نفذها حزب الله بطائرة دون طيار على قاعدة غولاني العسكرية الإسرائيلية، وكانت المسيرة من طراز “صياد 107″، إيرانية الصنع، قد اخترقت قاعة طعام جنود لواء “غولاني” وهم يتناولون عشاءهم داخل قاعدة للتدريبات العسكرية داخل مستوطنة بنيامينا، القائمة على أراضي قرية الشونة المهجرة منذ نكبة 1948.

وعَدَّ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، يوم الاثنين 14 أكتوبر2024، أنَّ الهجوم الذي شنّه حزب الله بطائرات مُسيّرة على قاعدة تدريب عسكرية، يوم الأحد الماضي، كان “صعباً ومؤلماً”، وفق ما أوردته “وكالة الصحافة الفرنسية”. وقال هاليفي: “نحن في حرب، والهجوم على قاعدة للتدريب في الجبهة الداخلية هو أمر صعب، ونتائجه مؤلمة”، وذلك أثناء تفقُّده قاعدة التدريب العائدة للواء غولاني في بنيامينا، جنوب مدينة حيفا، حيث أصابت المسيرة 70 جندياً، وقتلت 4 جنود صهاينة، وأصابت العشرات بجراح متفاوتة، عشر منها إصابات بالغة.

وتبدو الضربة الموجعة هي الأشد إيلاماً للكيان الصهيوني منذ نشوب الحرب، خصوصاً أنها تصيب لواء غولاني، أحد أقدم وأهم مكونات السلاح البري الصهيوني، منذ 1948، فهذه العملية العسكرية النوعية استهدفت القاعدة العسكرية في مدينة حيفا، وتأتي بعد العدوان الصهيوني الغاشم الذي استهدف الأمين العام لحزب الله وبعض قيادات الصف الأول من الحزب، وتنطوي على أهمية خاصة عسكرياً، معنوياً في ظل “ميزان رعب” نجح  العدو الصهيوني بترجيح كفته به تكتيكياً في الشهر الماضي، ولكنَّه يخسر استراتيجياً في ظل إلحاق المقاومة لحزب الله في جنوب لبنان خسائر فادحة في صفوف الجيش الإسرائيلي بين قتيل وجريح، وكذاك في معداته العسكرية.

لقد أعلن حزب الله تفعيل معادلة إيلام العدو عبر استهداف العمق الإسرائيلي، محذراً من أنَّ استمرار الحرب سيزيد من عدد المستوطنات الخالية من أهلها، فقد تحدثت وسائل إعلام اسرائيلية عن إطلاق مئات الصواريخ من جنوب لبنان نحو مناطق المستوطنات في شمال فلسطين، ومدن صفد وحيفا وصولاً إلى تل أبيب، واضعاً بذلك معادلة جديدة، وتفعيلاً لمعادلة العمق بالعمق. فقرر حزب الله إخراج المستوطنات الصهيونية عن قائمة المناطق المأهولة في الشمال الفلسطيني المحتل، حيث باتت الصواريخ والمسيرات تقصف المستوطنات على مدار الساعة، الأمر الذي أكدته وسائل إعلام إسرائيلية بأن عشرات آلاف المستوطنين نزلوا إلى الملاجئ في وقت غير عادي ومتأخر، ناهيك عن عشرات الآلاف ممن ليس لديهم مناطق آمنة.

وكان نائب الأمين العام لحزب الله السيد نعيم قاسم قد أعلن في كلمة مسجلة للمرَّة الثالثة خلال 15 يوماً، استعرض فيها الخطوط العامة للمرحلة المقبلة، وخيارات الحزب في ظل العدوان الصهيوني على لبنان، سواء عبر التصعيد أو التوصل إلى اتفاق، كما وجه رسائل محددة لمقاتلي المقاومة اللبنانية وللشعب اللبناني والطائفة الشيعية.

في هذا الخطاب أكد السيد نعيم قاسم على استراتيجية المقاومة، وهي الانتقال من جبهة الإسناد إلى الحرب مع العدو الصهيوني حتى النهاية لتحقيق النصر، حيث شدَّدَ على أنَّ الحزب له الحق باستهداف أي نقطة داخل الجانب الإسرائيلي بعد كسر قواعد الاشتباك السابقة، سواء في الشمال أو الوسط أو القلب، معتبراً أنَّ كل النقاط أصبحت مفتوحة، في إشارة واضحة إلى إفشال المخطط الذي رفعه رئيس الحكومة الصهيونية الفاشية بنيامين نتنياهو لإعادة المستوطنين في شمال فلسطين المحتلة إلى منازلهم.

كما أكد قاسم من خلال كلمته أنَّ المقاومة تملك أسلحة استراتيجية، تضمن استمرارها في المعركة، “فقد استعادت المقاومة قوتها وقيادتها، وعادت لتلملم شتاتها”، وأوضح أن “الجبهة تتسم بالمعرفة والقدرة على القيادة، مع استبسال منقطع النظير من قبل المقاومين، الذين يستعدون للتضحية والشهادة”.

عمليات المواجهة في جنوب لبنان بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي، تؤكد أنَّ حزب الله يستعيد عافيته، وأن محاولة بناء نظام سياسي جديد في لبنان مجرد خاضع للهيمنة الأمريكية الإسرائيلية مجرد تمنٍّ إسرائيلي أمريكي وعربي استسلامي غير ممكن، مثلما يفجر مزاعم تفكّكه، وهذا بعد ساعات من نشر تقارير وتصريحات إسرائيلية (وردت على لسان غالانت أيضاً) تدّعي أن ثلث صواريخ حزب الله فقط بقيت، والبقية لم تعد موجودة.

نتنياهو في الطريق لشن العدوان الإسرائيلي على إيران

يكاد لا يمر يوم واحد إلا وتتحدث كبريات أجهزة الإعلام الأمريكية والعربية عن العدوان الصهيوني على إيران، واستهدافاته، إذ يؤكد الخبراء والمحللون المتابعون لأزمات إقليم الشرق الأوسط، أنَّ هناك اتفاقاً توصلت إليه الولايات المتحدة و”إسرائيل” بشأن الأهداف التي ستقصفها هذه الأخيرة في هجومها على إيران، حيث حصلت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على ضمانات شفهية من “إسرائيل” بعدم استهداف البنية التحتية النووية والصناعية لإيران خلال أي عملية انتقامية.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية “كان” قالت: إن نتنياهو اتفق مع الوزراء الرئيسيين على خيار الهجوم على إيران، وذلك بعد تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” أوضح أن نتنياهو وعد الرئيس الأمريكي بضرب البنية التحتية العسكرية فقط في إيران، على الرغم من الشائعات التي تفيد بأن الدولة العبرية كانت تخطط لاستهداف المنشآت الصناعية أو النووية. ووفقاً للصحيفة، فإن ذلك يعني أن حكومة نتنياهو مستعدة لتوجيه “ضربة انتقامية أكثر محدودية” بهدف تجنب حرب شاملة، وهو ما استقبلته واشنطن بارتياح.

في وقت سابق، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين قولهم، إنَّ “إسرائيل وافقت على تركيز هجومها المقبل على أهداف عسكرية في إيران”. وأضاف المسؤولون، أنَّ “الأهداف العسكرية في إيران تشمل منصات إطلاق الصواريخ والمسيرات ومصانعها، كما أنَّها ستشمل أيضاً المباني الحكومية. وأشار المسؤولون إلى أن الرد قد يشمل مختبرات أبحاث نووية بإيران، لكن مع تجنب مواقع التخصيب. يُعًدُّ الردّ الصاروخي الباليستي الضخم الذي شنته الجمهورية الإسلامية على القواعد العسكرية والاستخباراتية داخل الكيان الصهيوني في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر نقطة تحول حاسمة، في الحرب بين جيش الاحتلال الإسرائيلي ومحور المقاومة، فبعد الانتكاسات المتتالية لطهران، لم يبق أمام المرشد الأعلى الإيراني السيد علي خامنئي خيار سوى الردِّ، والآن، باتت المنطقة مقبلة على صراع أكبر، لا سيما بعد أن أصابت الصواريخ الباليستية الإيرانية أهدافها بدقة، باعتراف العدو الصهيوني.

إضافة لذلك، يعاني الكيان الصهيوني من أزمة الصواريخ الاعتراضية والذخائر لديه، نتيجة استنفاد مخزونه خلال تصديها للصواريخ الايرانية في إطار عملية الوعد الصادق اثنين، وحرب الابادة على غزة التي مضى عام على اندلاعها، والتي كشفت عنها صحيفة فايننشال تايمز نقلاً عن مسؤولين في الصناعات العسكرية والأمنية، وضباط سابقون وخبراء، قائلة إنَّ تل ابيب تواجه نقصاً كبيراً في الصواريخ الاعتراضية. وهذا ما جعل الإمبريالية الأمريكية ترسل منظومة صواريخ “ثاد” مع فريق من مشغلي القوات المسلحة الأمريكية إلى “إسرائيل” في 14 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بهدف حماية الصهاينة والأمريكيين الموجودين هناك “من أي هجوم بصواريخ باليستية من إيران.

خاتمة

تخشى الولايات المتحدة الأمريكية من تورطها المباشر في حرب إقليمية مباشرة في الشرق الأوسط، بسبب عدم وجود استراتيجية واضحة لدى نتنياهو للخروج من الأوضاع في غزَّة ولبنان، وأن واشنطن تشعر بالقلق من احتمال تورط “إسرائيل” في لبنان كما حدث في حرب 2006، وهي الحرب اللبنانية الثانية. فنتنياهو الذي يتمتع بشعبية داخل المجتمع الصهيوني في الوقت الحالي، يهدف إلى إطالة أمد الحرب ومنع التوصل إلى صفقة تبادل بين الأسرى الإسرائيليين والفلسطينيين، ووقف إطلاق النار، إلى حين الانتخابات الأمريكية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لاسيما أنَّ نتنياهو يراهن على وصول المرشح دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وعندها سيعود الاثنان إلى ما يوصف بـ “العصر الذهبي من علاقاتهما”، الذي ساد خلال ولاية ترامب الرئاسية الأولى. وبموجب ما كتب أحد المحللين في صحيفة “يسرائيل هيوم”، هناك من بدأ بفرك الأيدي فرحاً في الكيان الصهيوني، ويتوقعون انتخاب ترامب رئيساً، وهؤلاء يؤمنون بأنَّه إذا أصبح رئيساً للولايات المتحدة، ستختفي كل مشاكل شحنات السلاح، والمشكلات الإنسانية التي تفرضها إدارة بايدن.

والحال هذه، لا تمنح حرب الإبادة الجماعية التي يقودها الصهيوني النازي نتنياهو ضد غزَّة ولبنان، الاستراتيجية السياسية للرئيس بايدن أي نجاحٍ يذكر، وهو الذي يستهدف إنشاء شرق أوسط جديد يقوم على أساس تحالف استراتيجي مع الأنظمة الاستبدادية العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني، وخصوصاً مع المملكة السعودية، وهي ذات الأنظمة التي فرضت نفسها على الشعوب العربية بقوة أجهزة الدولة العميقة، وقد سرقت مقدرات شعوبها، وهي في هذه المرحلة التاريخية من خيانتها للقضية الفلسطينية، تبيع الحقوق الوطنية والقومية لشعوبها مقابل بقائها في الحكم، وتبرير تحالفها الاستراتيجي مع الكيان الصهيوني بسبب مواقفها المعادية لمحور المقاومة بقيادة إيران.

إضافة لذلك، تسعى استراتيجية بايدن إلى إطلاق نظام حكم ذاتي جديد في قطاع غزة تحت إشراف حركة فتح ومصر ودول الخليج، والعمل نحو حل الدولتين. وقائع الحرب الإقليمية في الشرق الأوسط تقول إنَّ استراتيجية بايدن هذه فشلتْ، ولهذا يشعر البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية بخيبة أمل كبيرة إزاء ذلك؛ ويبدو نتنياهو غير مبالٍ بما يفكر فيه الحليف الرئيسي بهذا الشأن.

ويبقى العدو الحقيقي للشعوب العربية هو الإمبريالية الأمريكية، والكيان الصهيوني الذي يحتل الأراضي العربي في فلسطين وسوريا ولبنان، إذْ تعتبر الولايات المتحدة هزيمة الكيان الصهيوني في جبهة الشرق الأوسط، بمنزلة هزيمة تاريخية للنظام العالمي الليبرالي الأمريكي، الذي دخل في طور الأفول التاريخي مع صعود أقطاب دولية وإقليمية أصبحت تنادي ببناء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *