إقليميات

حزب الله في فكر أنصار الله.. سادة المجاهدين في العالم

بقلم نوال النونو

ولعل أبرز من تعلق بحزب الله وبالشهيد نصر الله، هو الأب الروحي لمكون “أنصار الله” الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، الذي لمع صيته في اليمن عام 2002م، مع تسارع الأحداث الدراماتيكية في المنطقة، والاندفاع الأمريكي نحو احتلال البلدان العربية وقهر شعوبها بعد أحداث 11 سبتمبر المفبركة.

في ذلك الزمن، خرج الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي عن المسار المرسوم للعلماء في اليمن، والذين كانوا منزوين في المساجد لتوعية الناس حول الصلاة والوضوء، فجاء السيد الحوثي بطريقة مغايرة، فجمع الناس في منزله، وهو من أسرة كريمة، ذات حسب ونسب، وكان نائباً في البرلمان اليمني، وبدأ يحدثهم في مواضيع سياسية، وفي مقدمة ذلك الخطر الأمريكي على المنطقة.

كانت معظم خطابات الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي – رحمه الله – تنطلق من خلال توعية الناس بعدم السكوت على الباطل، وعلى ضرورة مواجهة الأمريكيين، والسخط على الصهاينة، متخذاً قدوته في هذا حزب الله اللبناني والشهيد القائد السيد حسن نصر الله. في بعض محاضراته يقول – رحمه الله -: “من المهم جداً أن يتابع الناس عن طريق الفيديوهات العمليات الجهادية التي ينفذها حزب الله، وتجد فيها الآيات، وليس فقط مشاهد عسكرية، تجد فيها مصاديق للقرآن الكريم، مصداقاً للقرآن الكريم، تأييداً للقرآن الكريم، أما اليهود ﴿ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ فلا يوجد ما يجعلهم ينتصرون عليك، ولا أحد من حولهم يجعلهم ينتصرون عليك، ولا حبل من الله يبقى، ولا حبل من الناس، كل شيء يصبح متخلياً عنهم، فلا يُنصرون فعلاً“.

وفي موضع آخر يؤكد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي أن ما تقوم به المقاومة الإسلامية في حزب الله هو من “الشواهد الحيّة على أن من اعتصم بالله فإنه يعتصم بمهيمن عزيز جبار متكبر”، ويتابع: “ألم يشاهدوا حزب الله كيف يضرب إسرائيل هذه التي يحاولون أن نصمت عنها؟ يضربها وهو لا يبالي، ويتحداها من عند رأسها وهو لا يبالي، يمطر معسكرات “إسرائيل” بالقذائف“.

ويواصل حديثه: “حزب الله ألم يقهر أمريكا وإسرائيل؟ أخرج أمريكا من لبنان، ضرب بارجاتها وجعلها تنسحب ذليلة ببارجاتها التي كانت تضرب بقذائف كبيرة جداً، أخرجهم من لبنان، ثم أخرج إسرائيل من لبنان، ويضربهم بمختلف الأسلحة التي يمتلكها، فقهر أمريكا وإسرائيل، حزب واحد“.

وفي سياق حديثه عن حزب الله، يصف الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي الحزب ومقاومته بأنهم “سادة المجاهدين”، مؤكداً أنهم تشبعوا بروح القرآن الكريم، وأعمالهم كلها جهاد، كلها وحدة، كلها أخوة، كلها إنفاق، كلها بذل، مؤكداً أن هؤلاء المؤمنين ليسوا كالزعماء العرب الذين يمتلكون مئات الآلاف من الجيوش المسلحة بأحدث الأسلحة، لكنهم لا يستطيعون مواجهة اسرائيل مثل حزب الله، ولهذا يتساءل الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي: ألا يبدو أمامنا حزب الله عزيزاً؟ هل يمتلك شيئاً مما يمتلكه الآخرون؟ لا.. من أين هذه العزة؟ هي العزة الإيمانية: ﴿ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً﴾”.

وعلى الرغم من محدودية الفترة الزمنية التي بدأ فيها الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي في مساره الثقافي لتوعية الناس بالخطر الأمريكي والإسرائيلي على المنطقة، إلا أن النظام السابق إبان حكم علي عبد الله صالح قاد حملة عسكرية ظالمة، بدعم وتحريض أمريكي واضح للقضاء على هذا المشروع، وبعد مواجهات استمرت لمدة شهرين استشهد السيد حسين بدر الدين الحوثي في مظلومية شبيهة بكربلاء، وواقعة عصيبة لا يستطيع اليمنيون نسيانها حتى يومنا هذا.

قدوة لكل اليمنيين

ويمكن القول إن بداية انطلاقة “أنصار الله” كانت نتيجة لتأثرهم الكبير بالمقاومة الإسلامية في لبنان، والنموذج الذي قدمه حزب الله في مواجهة العدو الإسرائيلي، لذلك كان الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي – رحمه الله – يحث اليمنيين على الاقتداء بهذا النموذج، وكان يقول لهم: إذا جاءت أمريكا إلى اليمن، فعليكم أن تقاتلوا المعتدين والغزاة، تماماً مثلما يفعل حزب الله بالكيان المؤقت “إسرائيل”، ولهذا تربى “أنصار الله” على هذا المنهج، وتشبعوا بهذه الأفكار، من أعلى هرم المكون إلى أسفله، وامتدت بعد ذلك جسور التواصل بين “أنصار الله” في اليمن و”حزب الله” في لبنان، تجمعهم الكثير من القواسم المشتركة، وفي مقدمة ذلك القضية الفلسطينية، ومواجهة الاستكبار العالمي أمريكا وإسرائيل.

ومثلما كان الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، متأثراً كثيراً بالمقاومة الإسلامية اللبنانية، وحزب الله، فإن خليفته الذي جاء من بعده ليقود مسيرة “أنصار الله” السيد عبد الملك الحوثي سار على الدرب ذاته، فالأمين العام لحزب الله الشهيد القائد حسن نصر الله كان بمثابة الأب الروحي للسيد عبد الملك، ولا شك أنهم كانوا على اتصال دائم، والمحبة كانت تتجلى وتتضح من ثنايا خطابات كلاً منهما، ولذا كانت العلاقة بين السيدين متينة، وعميقة إلى درجة لا يمكن لأحد تصورها.

ويصف السيد عبد الملك الحوثي شهيد الأمة والإنسانية السيد حسن نصر الله بأنه “نجم مضي في سماء المجاهدين، وقائد عظيم، ومباركاً وموفقاً، حاملاً لراية الإسلام والجهاد، ومجسداً لقيم الإسلام وأخلاقه، وعزيزاً شامخاً، ثابتاً، صابراً، شجاعاً، أبياً، مخلصاً، وصادقاً، وناصحاً، وأميناً، ووفياً، عرفه بذلك العدو والصديق، والمحب والمبغض، وقد حقق الله على يديه، وبجهده، وأيدي رفاقه في حزب الله، الإنجازات العظيمة، والانتصارات الكبيرة، والنقلات المهمة إلى سماء المجد والعزة“.

ويؤكد السيد عبد الملك أن الشهيد نصر الله كان جبهة قوية فعالة جداً في مواجهة العدو الإسرائيلي، وجبهة حققت الانتصارات الكبرى المعروفة في كل المراحل الماضية”، وأن العدو وعلى مدى 40 عاماً كان يحاول التخلص من جبهة حزب الله والقضاء عليها، لكنه كان يفشل.

تظل العلاقة بين حزب الله وأنصار الله راسخة ومتجذرة، بفعل القواسم المشتركة بينهما، غير أن الحواجز الجغرافية تحول دون التقائهما في جبهة واحدة، فاليمن محاط بالمملكة العربية السعودية، ونظامها العميل الموالي للأمريكيين والصهاينة، وحزب الله محاط بالكيان الصهيوني المجرم والمتوحش، لكن هذا البعد الجغرافي، لن يكون حائلاً بينهما في تحقيق الأهداف المشتركة، فاليمن بات جبهة قوية مع “طوفان الأقصى” ومن يسيطر على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، فلا شك أنه قد حجز موقعاً استثنائياً في المنطقة، ولا يستطيع أحد تجاوزه على الإطلاق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *