نازية العدوان الثلاثي على محور المقاومة وتغيير خرائط سايكس بيكو
بقلم توفيق المديني
عاد شبح سايكس بيكو جديد أو إعادة تقسيم الشرق الأوسط من جديد، المفروض من الخارج للظهور بشكل متواتر بعد مرور عام من حرب الإبادة الأمريكية الإسرائيلية على قطاع غزَّة، والتي شملت إضافة إلى تدمير البنى التحتية والمرافق المدنية، إبادة شاملة لشروط الحياة في القطاع، وتهجير السكان والانتقام من كل الفلسطينيين المتمسكين بأرضهم في غزَّة.
وها هو الكيان الصهيوني منذ النصف الثاني من شهر سبتمبر 2024، يخوض حرباً شاملة وواسعة عدوانية ووحشية في الجبهة الشمالية تستهدف تدمير لبنان، وتوجيه ضربات موجعة لحزب الله، من خلال المس والإضرار بكل مكونات قوته السياسية والعسكرية والمالية، والوصول معه إلى مرحلة الإبادة الكاملة، بحيث لا تتكرر أخطاء حربي لبنان 2006 وعملية طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023، وجعل حزب الله يفكر ألف مرة قبل أن يقرر الدخول في حرب مع “إسرائيل” في مواجهة جديدة، وسط تمهيده للقيام بعدوان وشيكٍ كبير مدعوم من قبل الإمبريالية الأمريكية على إيران قائدة محور المقاومة، يستهدف أيضاً مقراتها العسكرية، وبنيتها النفطية، ومنشآتها النووية، وربما تصفية قيادات معينة من أركان النظام، ردّاً على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدف القواعد العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية في فلسطين المحتلة في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي.
استهدافات العدوان الثلاثي الجديد
من المفيد التذكير بالتاريخ، فالعدوان الثلاثي في الخطاب العربي المعاصر يتعلق بالعدوان الذي شنته كل من الإمبريالية البريطانية والإمبريالية الفرنسية والكيان الصهيوني على مصر عام 1956، حين كان الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يقود الحركة القومية العربية الصاعدة، وأول دولة وطنية في العالم الثالث مناهضة للاستعمار البريطاني -الفرنسي وللاستعمار الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، أما العدوان الثلاثي الجديد فهو يأتي في ظروف تاريخية مختلفة، من حيث أنَنا نشهد هزيمة كاملة للمشروع القومي العربي التحرري، وانتصاراً واضحاً للمشروع الإمبريالي الأمريكي والمشروع الصهيوني، وصعود المشاريع الإقليمية الجديدة: المشروع التركي والمشروع الإيراني، والمشروع الشرق أوسطي الجديد، الذي يستهدف تقسيم دول المنطقة الموروثة من اتفاقية سايكس بيكو لعام 1916، على أسس طائفية ومذهبية وعرقية، مستغلاً حرب الإبادة ضد غزَّة ولبنان.
ويتكون من العدوان الثلاثي الجديد من الإمبريالية الأمريكية قائدة النظام العالمي الليبرالي المتوحش منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، ولغاية الآن، ومن الكيان الصهيوني المتحالف عضوياً واستراتيجياً مع الولايات المتحدة بوصفه قاعدةً أمريكيةً استراتيجية متمركزةً في قلب العالم العربي، يَقُومُ بِدَورٍ وَظِيفِيٍّ لِحِمَايَةِ الْمَصَالِحِ الاستراتيجيةِ الْأَمْرِيكِيَّةِ فِي مِنْطَقَةِ الشَّرْقِ الْأوْسَطِ، وَلاسِيَّمَا بَعْدَ أَنْ شَيَّعَتْ الْوِلَاَيَاتُ الْمُتَّحِدَةُ مَبْدَأَ مونرو لِتَخْرُجَ مَنْ عُزْلَتِهَا التَّقْليدِيَّةِ إِلَى مُعْتَرَكِ الصِّرَاعِ الدَّوْلِيِّ، وَتَعَاظُمِ دَوْرِ الْأدَاةِ لِتَتَحَوَّلَ إِلَى عَصّاً غَلِيظَةٍ لِإِخْضَاعِ شُعُوبِ الْمِنْطَقَةِ وَتَنْفِيذِ الْمُخَطَّطِ الأمْرِيكيِّ فِي الْهَيْمَنَةِ، ومن الأنظمة العربية الاستبدادية، – لا سيما أنظمة العائلات الحاكمة في كل الإمارات والسعودية والأردن، والنظام المصري – التي تدعم الكيان الصهيوني سياسياً من خلال التطبيع معه، ومالياً لخوضه حرب تصفية المقاومة الإسلامية في جنوب فلسطين متمثلة بحماس، وفي الجبهة الشمالية متمثلة بحزب الله، باعتبار تصفية المقاومة المدعومة من إيران يشكل هدفاً استراتيجياً لهؤلاء الأعداء الثلاثة للأمة العربية والإسلامية.
يَتَنَزَّلُ هذا العدوان الثلاثي ضمن التّحولات العاصفة في ميزان القوى على الصعيدين الإقليمي العربي والدولي، التي بدأت بعد توقيع الرئيس المصري الراحل أنور السادات اتفاقيات كامب ديفيد في عام 1979، التي أخرجت مصر نهائياً من معادلات الصراع العربي الصهيوني، وحرب الحليج الثانية عام 1991، وحرب احتلال العراق عام 2003، وبعد توقيع اتفاقيات وادي عربة بين الكيان الصهيوني والنظام الأردني، وبعد الحروب الأهلية المدمرة التي تفجرت في كل من ليبيا وسوريا واليمن عقب اندلاع “انتفاضات” ما يسمى الربيع العربي عام 2011، وانتهت بإقامة أربع دول عربية علاقاتٍ طبيعية مع الكيان الصهيوني، والتوصل إلى إبرام اتفاقيات سلام معه في خريف عام 2020، ومع بدء القوة العالمية للإمبريالية الأمريكية في التلاشي بعد خسارتها في حربي أفغانستان والعراق، وصعود التحالف الاستراتيجي القائم بين روسيا الاتحادية والصين وإيران في نهاية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، الذي يواجه غطرسة ونزعات الهيمنة المتوحشة لنظام القطب الواحد الأمريكي، الذي ينتهك القانون الدّولي دون رقيب ويستغله فقط لتصفية بعض الأنظمة وإنهاك بعض الدّول خدمة لمصالح الكيان الصهيوني، لا سيما في المنطقة العربية والإسلامية، وذلك في وقتٍ يستمر فيه هذا الكيان إنكار أنَّ القضية الفلسطينية هي لبُّ الصراع العربي – الصهيوني، ويسعى إلى إيجاد مصالح مشتركة بينه وبين عديد من نُظم الحكم العربية من دون حل القضية الفلسطينية مثلاً: ضد ما تعدّه العدو المشترك المتمثل بـ “الخطر الإيراني”، وقوى التغيير الديمقراطي في المنطقة العربية، والحركات الإسلامية على أنواعها.
وتستخدم الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني مفهوم “المشترك الإبراهيمي” من أجل تصفية القضية الفلسطينية وفرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني، من خلال خطة الرئيس الأمريكي المسمّاة “صفقة القرن” التي تتبنى رؤية اليمين الصهيوني المتطرّف لحل القضية الفلسطينية بجميع مكوناتها، خصوصاً منها تعزيز الاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية المحتلة، واستمرار الاحتلال الصهيوني في مصادرة الأراضي الفلسطينية، ومنحها للمستوطنين الصهاينة، وحسم موضوع القدس بعد اعتراف الإدارة الأمريكية بها عاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارتها إليها، واستمرار اقتحامات المستوطنين الصهاينة للمسجد الأقصى، بهدف اقتسامه زمانيّاً ومكانيّاً، تمهيداً لبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، واحتلا له شمال غزَة وضمه لـ “إسرائيل”، أما باقي فطاع غزة، فإنَّ الكيان الصهيوني والولايات المتحدة يدعمان خطة الإمارات التي تريد أن يشرف عميلها – خصم عباس -، والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان. وتنص الخطة الإماراتية للقطاع، على أن يشرف “وفد دولي” على غزة، يتضمن مشاركة قوات عربية، دون أي دور للقوات الفلسطينية في المرحلة الأولى من الخطة. وبالنسبة لإنشاء الدولة الفلسطينية، فقد قبر نتنياهو ومعه كل المجتمع الصهيوني الاستيطاني حل الدولتين، وبات الصهاينة بيمينهم المتطرف وليبرالييهم، يعتبرون أنَ الخيار الأردني هو المخرج التاريخي لإنشاء الدولة الفلسطينية.
هذا هو المخطط الأمريكي – الإسرائيلي – الرجعي العربي، يقتضي أولاً وأساساً من أجل تنفيذه على الأرض تصفية حركات المقاومة الإسلامية، وفي المقدمة منه حركة حماس وحزب الله، إضافة إلى تطبيق مقولة بن غوريون وهو أول رئيس للحكومة الصهيونية، حين قال أنَّ قوة “إسرائيل” ليست في امتلاكنا السلاح النووي، بل قوتنا في تفتيت ثلاث دول عربية كبيرة بالترتيب: العراق وسوريا ومصر، إلى دويلات متناحرة على أسس طائفية ومذهبية وعرقية، ونجاحنا في هذا الأمر لا يعتمد على ذكائنا، بل على جهل وغباء الأنظمة العربية الاستبدادية.
قاعدة المثلث:
التحالف الاستراتيجي بين “إسرائيل” والنظام الرسمي العربي
لقد اكتمل أضلاع المثلث الآن، الذي تقف على رأسه الإمبريالية الأمريكية، فالضلع الأول لهذا المثلث هو التحالف الاستراتيجي الأمريكي – الإسرائيلي، والضلع الثاني لهذا المثلث هو التحالف بين الأنظمة العربية المطبع مع “إسرائيل” وأمريكا، واكتملت قاعدة هذا المثلث في هذا العدوان الثلاثي على حركات المقاومة في إقليم الشرق الأوسط وإيران، من خلال التحالف الاستراتيجي الجديد بين “إسرائيل” والأنظمة الاستبدادية العربية.
فلم تعد العلاقة بين “إسرائيل” والأنظمة الرسمية العربية المطبعة مخفيةً تحت الطاولة، بل أصبحت علاقات مكشوفة تحت الشمس ولم تعد تقبل “إسرائيل” بعلاقات سرِّية مثل الكلب الأجرب.
صدر قبيل أيام من الآن، كتاب جديد للصحفي الاستقصائي الأمريكي “بوب ودورد”، مفجر فضيحة “ووترغيت” التي أطاحت بالرئيس الأمريكي الجمهوري الراحل ريتشارد نيكسون في عام 1972.
أطلق “بوب ودورد” على كتابه الجديد اسم “الحرب” وكشف فيه تفاصيل مثيرة عن علاقة الرئيس الصهيوني الديمقراطي جو بايدن مع رئيس الحكومة الصهيونية الفاشية بنيامين نتنياهو لا سيما خلال حرب الإبادة على غزَّة. ولكن ما يهمنا في هذا الكتاب هو ما تم ذكره عن تفاصيل لقاءات وزير الخارجية الأمريكية الصهيوني أنتوني بلينكن مع بعض الزعماء العرب في جولاته للمنطقة بعيد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر2023. فمما جاء فيه نجد:
أولاً: في 13 أكتوبر 2023 زار بلينكن الملك الأردني عبد الله الثاني بعمان، فقال له الملك: “قلنا لإسرائيل ألا تفعل هذا، قلنا لهم أن لا يأمنوا حماس، حماس هي جماعة الإخوان المسلمين، يجب على إسرائيل هزيمة حماس. لن نقول ذلك في العلن لكنَّنا ندعم هزيمة حماس”.
ثانياً: في 14 أكتوبر 2023 زار بلينكن أبو ظبي والتقى بمحمد بن زايد فقال له: “يجب القضاء على حماس، لقد حذرنا إسرائيل مراراً من أن حماس هي جماعة الإخوان المسلمين، يمكننا أن نمنح الوقت لإسرائيل للقضاء على حماس، ولكن يجب عليها أولاً أن تساعدنا لكي نهدئ مواطنينا من صور العنف والدمار في غزَّة، وذلك بإدخال المساعدات وإنشاء مناطق آمنة والسيطرة على عنف المستوطنين في الضفة الغربية. فلتساعدنا اتجاه مواطنينا وسنمنحها المساحة للقضاء على حماس”.
ثالثاً: في 14 أكتوبر 2023 زار بلينكن الرياض والتقى أولاً بوزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، فقال له: “كان يجب على إسرائيل أن لا تأمن لحماس، وقد حذرنا نتنياهو من ذلك مراراً، فحماس هي جماعة الإخوان المسلمين”. قال المؤلف “بوب ودورد” هذه العبارة سمعها بلينكن من جميع الزعماء العرب الذين زارهم”. وواصل وزير الخارجية السعودي قوله: “الجماعات الإرهابية لا تحاول القضاء على إسرائيل فقط، بل تريد الإطاحة بزعماء عرب آخرين، نحن قلقون مما ستخلفه عملية إسرائيل على أمننا جميعاً، وما سيأتي بعد حماس قد يكون أسوأ، فداعش جاءت بعد القاعدة وهي أسوأ منها، ولن نقوم بدفع دولار واحد لإعادة إعمار غزة بعد الفوضى التي قام بها نتنياهو”.
رابعاً: وفي صباح يوم 15 أكتوبر 2023 قام بلينكن بمقابلة ولي عهد السعودية محمد بن سلمان بعدما بقوا في انتظاره إلى الساعة 8 صباحا – ووصف المؤلف بن سلمان بالطفل المدلل بسبب استيقاظه المتأخر – فقال لهم بن سلمان: “أريد أن تختفي المشاكل التي أحدثها 7 أكتوبر. ويجب أن تقوم دولة فلسطينية قبل التطبيع مع إسرائيل، أنا لا أريد ذلك ولكنني احتاجه لتبرير التطبيع، أريد العودة الى رؤية 2030 بالتطبيع مع إسرائيل. يجب أن تكون غزَّة هادئة أولاً لنقوم بالتطبيع مع إسرائيل”.
خامساً: قبل عودة بلينكن إلى “إسرائيل” عرَّج على مصر فالتقى رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي بالقاهرة، فطلب السيسي من الوفد الأمريكي الخروج ليبقى مع بلينكن بمفردهما، فكان كل كلامه يتمحور حول نقطة واحدة وهي أنَّه “يريد فقط الحفاظ على السلام مع إسرائيل”. والتقى الوفد المرافق لبلينكن – بعد خروجه من اللقاء بطلب من السيسي – بسامح شكري وعباس كامل. فقدم كامل معلومات هامة للوفد الأمريكي عن عمق وامتداد الأنفاق تحت غزة. وأوضح لهم أنَّ حركة حماس متحصنة بغزة وسيكون من الصعب القضاء عليها. ويجب على “إسرائيل” أن لا تدخل لغزَّة دفعة واحدة، بل يجب أن يكون ذلك على مراحل. وأن تترك المجال لقادة حماس بالخروج من الأنفاق قبل أن تقوم بقطع رؤوسهم مرَّة واحدة.
حزب الله الدرب المضيء في سماء الشرق الأوسط
كشفت الحرب التي اندلعت بعد عملية طوفان الأقصى بين الكيان الصهيوني وحركات المقاومة في كل من جنوب فلسطين وشمالها، أنَّ وضع دولة الكيان الصهيوني الجغرافي – الاستراتيجي يعيش أزمة وجودية، لهذا السبب بالذات بالغ زعيم الحكومة الصهيونية الفاشية نتنياهو في جنونه بالذهاب بعيداً في حربه العدوانية على غزَة ولبنان، وحزب الله، وقريباً جدّاً مع عدوانه الجديد ضد إيران.
فعلى الرغم من عشرات الغارات الوحشية، التي استهدفت بيروت، والضاحية الجنوبية ليلة الخميس، وبعلبك والهرمل شمال شرق لبنان، فإنَ المقاومة الإسلامية في لبنان كبدت العدو الصهيوني خسائر كبيرة، ففي حصيلة كلّية منذ بداية اكتوبر 2024، بحسب بيانات المقاومة، بلغت حصيلة خسائر العدو الإسرائيلي وفق ما رصده مجاهدو المقاومة الإسلامية، حوالي 55 قتيلاً وأكثر من 500 جريح من ضباطه وجنوده، بالإضافة إلى تدمير 20 دبابة ميركافا، و4 جرافات عسكرية وآلية مدرّعة وناقلة جند، وإسقاط مُسيّرتين من نوع هرمز 450. علماً أنَّ هذه الحصيلة لا تتضمّن خسائر العدو الإسرائيلي في القواعد والثكنات العسكرية على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية وصولاً إلى عمق فلسطين المحتلة. وتؤكد قوات الاحتلال الإسرائيلي، أنها فقدت نحو 20 جندياً داخل لبنان منذ بدء عملياتها البرية في الثالث والعشرين من الشهر الماضي، ونحو 30 آخرين في هجمات حزب الله على شمال فلسطين المحتلة.
الجيش الإسرائيلي الذي تَنْحَنِي له جيوش كبيرة لقدراته العسكرية المرعبة كل هدفه اليوم تفكيك القدرات العسكرية والبنية الهجومية لفرقة الرضوان التي يقول هو أن تعدادها 5 آلاف فقط مع الفارق في المعدات والتمويل والقدرات وقوات الرضوان منخرطة في المعركة بالإضافة إلى الوحدات الجغرافية في القرى وغرفة العمليات العليا تطلب أحياناً من المقاتلين على الخطوط الأمامية الانسحاب من بعض النقاط وإعادة التموضع فيرفض المقاتلون ذلك.
بعض المقاتلين على الحافة الأمامية يرفضون أوامر حزب الله بإعادة التموضع والتمركز بل يذهبون لتنفيذ عمليات استشهادية بعد الاشتباك حتى الرمق الأخير وبعدها يفجرون المعدات التي بحوزتهم بالقوات الإسرائيلية قبل استشهادهم.
خاتمة
ينتظر العالم العدوان الإسرائيلي الوشيك على إيران، وعلى الرغم من الضغوط الأمريكية التي تدعو إلى تخفيف الأهداف، فإنَّ نتنياهو مصممٌ على تنفيذ مخططه العدواني. وتعزَّز الاعتقاد بمسارعة إدارة الرئيس بايدن إلى تزويد “إسرائيل” بمنظومة “ثاد” المضادة للصواريخ الباليستية المحصور استعمالها بالقوات الأمريكية فقط، لكنَّ واشنطن تعرف من السوابق أنَّ استجابات نتنياهو غير مضمونة وبقيت استخباراتها ترصد التحركات والاستعدادات الإسرائيلية لهذا العدوان لتتأكد من توقيته.
أما في لبنان، يريد العدو الإسرائيلي احتلال الشريط الحدودي في جنوب لبنان، وبعمق جغرافي كبير، وهو ما يحدُث حاليّاً مع أعمال القصف والتدمير للمباني والأراضي الزراعية، وفقاً لسياسة الأرض المحروقة، وبحسب ما نشرته المواقع الإسرائيلية نقلاً عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، فإنّ حكومة نتنياهو سلّمت البيت الأبيض، الأسبوع الماضي، ورقة مبادئ لإنهاء الحرب على لبنان ناقشها المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين مع الحكومة اللبنانية، تتضمّن مطلبين إسرائيليين رئيسين: حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في لبنان، وأن يطبّق جيش الاحتلال، بنفسه، قرار نزع سلاح حزب الله.
وعلى الرغم من حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، فتحت “إسرائيل” حرب دمار واسعة أمام حزب الله، وضد لبنان، ومن ضمن ذلك تدمير الضاحية الجنوبية لبيروت بشكل كامل، بما يشمل المرافق المدنية، لتلقين الحزب درساً وتحقيق نصر واضح، فإنَّ جيش الاحتلال الإسرائيلي عجز لغاية الآن عن التقدم لبضع كيلومترات من أجل احتلال الشريط الحدودي لجنوب لبنان كما كان مخططاً له، وطرد قوات اليونيفيل، ولم تستطع المخططات الصهيو – أمريكية، ولا قوات العدو الإسرائيلي من كسر إرادة المقاومة في لبنان وغزَّة.
وتظل القضية الجوهرية في إقليم الشرق الأوسط، وكل العالم العربي، هي القضية الفلسطينية، وقضية الصراع العربي – الصهيوني، والتحدّي الإقليمي الإيراني يُعَدُّ واحداً من نتائجهما. ففي العقود الماضية، كانت الحركات القومية العربية التي وصلت إلى السلطة في كل من مصر وسوريا والعراق، هي التي تقود الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، أما الآن، هناك عملية أخرى، إِذْ أصبحت إيران وفصائل محور المقاومة المرتبطة بها، هم المحركين الرئيسيين للصراع العربي – الصهيوني.