الهجوم على بيت نتنياهو في قيسارية
بقلم زينب عدنان زراقط
أمعنَ رئيس حكومة العدو الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” في تعنته وإصراره هو وأعضاء الكنيست من فريقه اليميني المتطرف على إفشال أي مُحادثات تفاوضية لأجل وقف إطلاق النار في “غزة” و”لبنان” وإبرام اتفاقية تبادُلٍ للأسرى، حتى اقتحم مسيرة حزب الله غرفة نومه في منزله بقيسارية!.
وهو الذي لم يظهر لا ببيانٍ ولا بخبرٍ منقولٍ عنه، وكان قد اُعتيد في الأيام الأولى منذ بدء – محاولة – التوغّل البري لجيش العدو في جنوب لبنان، أن يظهر على الشاشة ناعياً قتلاهُ من الضباط والجنود في “الحدث الصعب” الذي اعتدناه في كل يوم عند الحدود الشمالية للكيان مقابل الجنوب.
هي مرحلة إيلام العدو – الذي لا يرتدع ولا يعتبر – وعلى الوعد، فكما دخلوا “عامودياً” فها هم يخرجون “أُفُقياً”، وارتقى الخبر ليمسي – بالمجموع – أحداثاً صعبةً في الشمال… ويتبعها جنونٌ في السماء لمروحياتٍ إسرائيلية تنقل المصابين والقتلى. وتحت راية سماحة سيد شهداء القدس “السيد حسن نصر الله”، وعلى النسق الذي خطّ به الطريق، “بيننا وبينكم الأيام والليالي والميدان”!.
فما هي تفاصيل الهجوم على بيت نتنياهو في قيسارية بالتزامن مع مجيء الموفد الأمريكي “هوكستين” إلى بيروت الذي لم يأت بحلٍ ولا ربط؟! وهُنا يُطرحُ تساؤلٌ، فإن وصلت يد المقاومة اللبنانية إلى رئيس وزراء العدو الإسرائيلي، فأي مأمنٍ تبقى لكلِّ مَنْ دونه؟. وإن صرّح مسؤول العلاقات الإعلامية في “حزب الله” الحاج محمد عفيف على أنه “لن يطول الوقت حتى يكون لدينا أسرى من جنود العدو”، فهل نحن في صدد أن يكون الميدان هو خط الفصل الحاسم للحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان وتُنهيها بالقوّة فارضةً شروطها على العدو الذي سُرعان ما سيرفع راية الاستسلام، على وتيرة حِراكٍ سياسي يدبُّ كدبيب النمل كلما ازداد احتدام الميدان؟!.
جولات مُحادثات والفصل للميدان
ما بين احتدام المعركة العسكرية في مواجهةٍ مباشرة ما بين المجاهدين وجيش العدو، حراك الزيارات السياسية الدبلوماسية المكوكية هُنا وهناك، ما بين لبنان ومصر وفرنسا، إلى قطر والإمارات وفي جولةٍ إيرانية مكوكية ما بين الدول العربية ومنها إلى روسيا لحضور قمة دول مجموعة البريكس ونيلها العضوية الكاملة فيها، المحادثات لا تهدأ ويبدو أنه من المحال أن يبقى الضوء الأخضر مفتوحاً لـ نتنياهو للاستمرار بحرب الإبادة الجماعية التي ينتهجها. على أنّ الانتخابات الأمريكية تقع بعد ما يُقارب العشرة أيام في الخامس من شهر نوفمبر القادم فيما لا يصُبُّ في مصلحة الأمريكيين الجمهوريين – أي لصالح مرشّحة بايدن كاميلا هاريس -، ولكن تبقى كُل هذه المُناوشاتُ دونَ صدىً يُذكر، ولن ينصاع العدو إلا حينَ تُسمع صرخته مُتألّماً على الأرض، وكما قال نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم عن الإسرائيلي من ضمن تصعيد المقاومة في المرحلة الحالية، “نحن من سيمسك رسنه ونعيده إلى الحظيرة” وفي المُحصّلة سوف يخسأ كُلّ من راهنَ على سقوط المقاومة من بعد استشهاد قادة المقاومة ودُرّتهم سماحة السيد حسن نصرُ الله في حين أن روحه باتت حاضرةً في الميدان بزخم سواعد المجاهدين وقبضاتهم التي ترمي على العدو!.
حقيقةً إنّ ما تُسطّره المقاومة الإسلامية، “حزب الله” في لُبنان يُمنح وسام “أسطورة الشرق الأوسط”، مجاهدون هم قلّة في العدد وأقلّ عتاداً واسناداً وتجهيزاً أمام الجيوش والأساطيل التي تدعم هذا الكيان الغاصب، وسيلُ الصواريخ لا ينفذ وخط الطائرات مفتوحٌ إليها من أمريكا وأوروبا، وها نحن بعد بضع يوم نكمل الشهر من المواجهات المحتدمة والعدو لم يستطع بسط نفوذة على أي جهة حدودية مع لُبنان، فهو ما إن يقترب وتطأ رجله أرضنا، يقع في كمين “أبناء السيد” فينهالوا عليهم ناراً من الأرض ومن السماء، “وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ”. أمّا عن الاعتداءات الإسرائيلية على الضاحية والمناطق السكنية في المدن جنوباً بوحشيةٍ وجنون فهو جزء من محاولة لدفع حزب الله نحو وقف استهداف المستوطنات والعمق، في وقتٍ باتت الأمور فيه واضحةً وجلية أن العدو قد استنفذ بنك أهدافه وما يضرب سوى بعشوائية، ما يدلّ على مدى تأثير القصف الصاروخي الذي تقوم به المقاومة في كامل شمال فلسطين المحتلة وحتى العمق خصوصاً نحو أهداف عسكرية مؤثرة، وعلى شدة تألّم العدو والخسائر الموبقة التي تحلّ عليه عند الحدود من أربعة محاور مواجهة، من الناقورة-راميا- بليدا- مركبا حيث يسقط الضباط والجنود وقادة السريات ما بين قتلىً وجرحى وتُجر الدبابات والآليات وتُنصب بهم الكمائن…
إصابة دقيقة لغرفة نوم نتنياهو
اليوم “نتنياهو” الذي كان يقول إن هدفه إرجاع سُكان الشمال إلى بيوتهم، صفعته المقاومة في وجهه وجعلته هو الآخر مُهجّراً من بيته وصرفوه إلى الملاجئ!. ومما تجدر الإشارة إليه قد ظهر للإعلام من بعد الحادثة، وكي يُذكّر به اليهود الإسرائيليين على أنهم شتات وسارقون للأرض ومغتصبون لأملاك الفلسطينيين، أفردت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقريراً حول مُلكية منزل “نتنياهو” الذي يسكنه في “القُدس”، الذي كان أباه قد سرقهُ عام 1948، بعد مجيئه من الولايات المتحدة الأمريكية، من طبيب أرثوذكسي مسيحي فلسطيني يدعى توفيق كنعان وهو مناضل سياسي وباحث ومؤرخ من عائلةٍ ثريه من أهم كتبه “قضية عرب فلسطين” دافع من خلاله عن الهوية العربية- الإسلامية -المسيحية ببلاد الشام بالإضافة إلى مؤلفاته بالطب والسياسة، بعد أن اشتراه بثمن بخس لم يُدفع إلى أصحابه بالتأكيد. اللافت في القضية أنه بدايةً نكر الإعلام إصابة مقرّ سكن نتنياهو وقيل أن المسيرة انفجرت بالمنزل المُحاذي، ولكن على الرغم من كل التعتيم الذي يُشغل عليه إعلامياً تفشّى الخبر الدقيق وصُرّحَ رسمياً بأن منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أصيب بشكل دقيق ومن شرفة نومه بعد بضع يوم، وهُنا ساد تساؤل الأوساط والمحللين، حول الكمّ الهائل من القوات الإسرائيلية والتطويق الأمني الذي عمّ المكان، وعدم إفصاح المكتب الأمني لنتنياهو عن مكانه في غضون وقوع الضربة، وما زاد فرص صوابية الشكوك، الاختفاء الإعلامي لنتنياهو منذ أثر الضربة التي مضى عليها أسبوع تقريباً.
في كلمة أخيرة، حتماً المفاوضات تجري حسب وتيرة الوقع الميداني، وكلما تصاعدت وتيرة المقاومة، كلما ازداد قلق الصهاينة وألمه حتى يأتي الوقت الذي ينزل فيه عن الشجرة ويرضخ لشروط المقاومة. فالكيان مهزومٌ، والمعركة الحالية هي معركة عض على الأصابع ومن يصرخ أولاً، والمقاومة ما زالت تملك الكثير من المفاجآت مقابل نفاذ بنك الأهداف للكيان والذي يعمد إلى الانتقام عبر غارات عشوائية، أمّا مسار المقاومة التصاعدي يربك الكيان والعبرة بالخواتيم. وتبقى العين على الميدان، وكما قال نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم “اصبروا قليلاً”، ومما قاله مجاهدو المقاومة في رسالتهم الأخيرة إلى الشعب اللبناني وأهاليهم وأُناسهم، بأن “الراية لن تسقط” يا أحبة السّيد، و”بيننا وبينكم نصرٌ موعود إن شاء الله”.