الرؤساء الأمريكيون في البيت الأبيض أعداء حقيقيون لليمن
بقلم نوال النونو
للعام العاشر على التوالي، يواجه اليمن عدواناً غاشماً بقيادة السعودية، وبدعم لا محدود من الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بدءاً من أوباما، وانتهاء من بايدن.
وفي السادس والعشرين من مارس آذار 2015، قررت السعودية الحرب على اليمن بقيادة تحالف مكون من عدة دول عربية، وفي مقدمتها الإمارات وقطر والسودان ومصر والأردن والكويت، وغيرها، فكان إعلان الحرب من العاصمة الأمريكية واشنطن بلسان السفير السعودي لدى أمريكا آنذاك عادل الجبير، فكان المعنى الضمني للمكان واضحاً، وفيه إشارة إلى أن السعودية ستخوض حرباً في اليمن بدعم وموافقة الولايات المتحدة.
وفي غضون ساعات من إعلان الجبير، أصدرت إدارة الرئيس الأمريكي أوباما بياناً ذكرت فيه أن الرئيس أذن بتوفير الدعم اللوجستي والاستخباراتي للعمليات العسكرية التي تقودها السعودية، مضيفاً أن الولايات المتحدة ستنشئ خلية تخطيط مشتركة مع السعودية لتنسيق ذلك الدعم، وبهذا فإن واشنطن اشتركت بشكل مباشر في العدوان على اليمن منذ اندلاعها.
وخلال السنوات الأولى من العدوان على اليمن، تعرضت العاصمة صنعاء، والمحافظات اليمنية الأخرى، لسلسلة من الغارات العنيفة، قتل على إثرها المئات من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، وتم تدمير معظم البنى التحتية لليمن، من مصانع، ومستشفيات، وطرقات، ومطارات، ومدارس، ومساجد، ومعسكرات، وغيرها، حيث شارك خبراء عسكريون أمريكيون في هذه الغارات، وشكلوا غرفة عمليات لمساندة التحالف في اجرامه على اليمن.
لم يقتصر الأمر عند هذا الحد، فقد عملت إدارة أوباما على بيع أسلحة متنوعة إلى السعودية، حيث أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً في 17 نوفمبر تشرين الثاني 2015م، تضمن الموافقة على طلب السعودية بيعها أسلحة بمبلغ 1.3 مليار دولار بينها قنابل ذكية.
وأثناء زيارته إلى الرياض في يوم 22 يناير كانون الثاني 2016م، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير: ” نحن ندعم التحالف الذي تقوده السعودية لمواجهة تمرد الحوثيين في اليمن.. إن علاقات الولايات المتحدة مع دول الخليج مبنية على أساس المصالح المشتركة، وهي استراتيجية، ونحن ملتزمون بدعمها لصد أي اعتداء، وأن واشنطن لن تتخاذل في حماية دول الخليج”.
ترامب يصب الزيت على النار
في يناير كانون الثاني 2017 وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض خلفاً لأوباما، فأكدت إدارته دعمها الكامل للتحالف بقيادة السعودية كجزء من استراتيجيتها للحد من نفوذ إيران في المنطقة بحسب زعمها، حيث تمثل هذا الدعم الاستراتيجي والعسكري الأمريكي للتحالف في شكل مبيعات الأسلحة، وتقديم الاستشارات بشكل موسع بعد أن قلصتها الإدارة الأمريكية السابقة.
في الأول من فبراير شباط 2017 اتهم مستشار الأمن القومي مايكل فلين إيران صراحة بمساندتها “للحوثيين”، على الرغم من أن إدارة ترامب لم تكن تمتلك أدلة كافية على تورط إيران في المشهد العسكري اليمني، لكنها حاولت توظيف ادعاءاتها لتنفيذ مخططاتها في المنطقة.
ونتيجة لما سبق جاءت زيارة أول وزير خارجية لترامب إلى السعودية في مايو أيار 2017م، حيث شهدت بيع أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار، كما فرضت السعودية وتحالفها خلال إدارة ترامب حصاراً غاشماً على اليمن بدعم ومساندة أمريكية.
زادت الغارات الجوية على اليمن بفعل الدعم السخي لإدارة ترامب، في حين كشف تقرير لصحيفة نيويورك تايمز أن فريقاً من القبعات الخضراء الأمريكية، يعمل رفقة القوات السعودية في الحدود مع اليمن، وأن هذا الفريق ساعد في تحديد وتدمير العديد من مخزونات الصواريخ الباليستية، ومواقع إطلاق الصواريخ “للحوثيين”، وهو ما يؤكد على أن القوات الأمريكية كانت أكثر انخراطاً بشكل أعمق في العدوان على اليمن.
وخلال عهد ترامب، حرك العدوان السعودي الأمريكي أدواته في الداخل اليمني، وشهدت صنعاء أخطر فتنة في تاريخها، حينما أعلن الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح انقلابه على تحالفه مع “أنصار الله”، ودعا أنصاره للخروج بثورة ضدهم، في تخادم واضح مع التحالف السعودي الإماراتي، غير أن “أنصار الله” تمكنوا بسرعة من القضاء على ثورة صالح وإخمادها بسرعة خلال أيام، وتمكنوا من قتل علي عبد الله صالح، والقضاء على فتنته.
وتعليقاً على مقتل صالح، قال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس في 5 ديسمبر كانون الأول 2017: “إن مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح سيؤدي على الأرجح في المدى القصير إلى تدهور الوضع الإنساني في اليمن”.
اتسمت غارات العدوان في مناسبات عدة بقسوتها وبشاعتها إبان حكم الرئيس الأمريكي ترامب، حيث تم استهداف حافلة مدرسية في منطقة ضحيان بمحافظة صعدة شمالي اليمن، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 50 مدنياً، بينهم 40 طفلاً، حيث كانت القنبلة المستخدمة في الغارة الجوية أمريكية الصنع.
ظل ترامب يقدم الدعم الكبير للعدوان السعودي الأمريكي على اليمن، واختتم فترة رئاسته بتصنيف “أنصار الله” على لائحة الإرهاب، في خدمة واضحة وجلية للسعودية والإمارات وأدواتهما من العملاء اليمنيين.
بايدن.. إخماد مؤقت للحرائق
أفضى فوز جون بايدن بالرئاسة عام 2021م إلى مزيد من التأرجح في السياسة الأمريكية تجاه اليمن، فلم يكد يمضي سوى أيام على بدء ولايته إلا وتم تعليق قرار تصنيف “أنصار الله” كجماعة إرهابية.
وفي 4 فبراير شباط 2021م ألقى بايدن أول خطاب له حول سياسته الخارجية، وأعلن فيها 3 قرارات تتعلق باليمن، أولها إنهاء الدعم الأمريكي لجميع العمليات العسكرية الهجومية، وكل ما يتعلق بها من صفقات تسليح، والثاني دعم جهود الأمم المتحدة لحل النزاع، والثالث، تعيين مبعوث أمريكي خاص إلى اليمن (تيم لندركينج).
حاولت إدارة بايدن تخفيف الحرائق التي أشعلتها الإدارتان الأمريكيتان (أوباما – بايدن) في اليمن، واللجوء إلى الحل السياسي والدبلوماسي، وأعلن المبعوث الأمريكي ليندركينغ في 2 أبريل نيسان 2022م عن التوصل لهدنة لمدة شهرين قابلة للتمديد.
دخل اليمن بعد الإعلان عن هذه الهدنة مرحلة اللاحرب واللاسلم، ولجأت الإدارة الأمريكية والتحالف السعودي الإماراتي للضغط على صنعاء وحكومتها اقتصادياً، ومن خلال محاولة اثارة الفتنة من الداخل، في محاولة للقضاء على “أنصار الله”، غير أن صنعاء استغلت هذه الفترة للتصنيع العسكري، وإعادة ترتيب أوراقها، للاستعداد لمرحلة مقبلة من المواجهة، لتأتي بعد ذلك معركة “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023م، وإعلان اليمن الوقوف والمساندة لغزة في هذه المحنة، الأمر الذي دفع إدارة بايدن لإرسال القطع والبوارج الحربية إلى البحر الأحمر لمساندة “إسرائيل” وإعلان العدوان المباشر على اليمن في يناير كانون الثاني 2024م، وهو عدوان لا يزال مستمراً حتى كتابة هذا التقرير.
من ضمن الإجراءات القاسية التي لجأ إليها بايدن هي إعادة تصنيف “أنصار الله” ضمن لائحة الإرهاب، وقصف اليمن بطائرات شبحية، ومواجهة اليمن بكل الأدوات والوسائل المتعددة.
الآن، يعود ترامب إلى سدة الحكم من جديد، ويدرك اليمنيون أنهم في معركة متواصلة، وأن الاستراتيجية الأمريكية لم تتغير، وهي على استعداد، وجهوزية عالية لمواجهة أي تطورات أو احتمالات.