عبرة الكلمات 469
بقلم غسان عبد الله
ظلام
إلى ذلك الخيطِ من النورِ الذي تسلَّلَ إلى غرفَتِهِ بشراسةٍ.. رويدَكَ.. ماذا تُرِيدُ هنا..؟؟ أما وَسِعَتْكَ ألوفُ الدنى؟؟.. تجرُّ الدمارَ على صمتِهِ وتجرَحُ ظلمَتَهُ بالسنا.. فكم نَهَرَتْكَ دموعُ الزمانِ.. وكم خَشِيَتْ منكَ بيضُ المنى.. ألا دعه يأوي إلى يأسه جَنَيْتَ، ولكنَّهُ ما جنى.. ففي مقلتيه صقيعُ الشتاءِ يحطِّمُ معولُهُ ما بنى.. وتلك العناكب قد أسرعت لتنْسُجَ بين الرؤى موطنا.. وعدت لتسألَ: هل غيَّبَتْهُ القبورُ أم الصمتُ صمتُ الونى.. رويدَكَ.. لم يبقَ من عمْرِهِ سوى شهقاتٍ ويثوي هنا.
اشتياق
ممتحقاً قمرَ المغيب، يشهقُ الشفقُ زارعاً رعشاتِهِ على صدر الفجر.. فتورِقُ صفحةٌ شاعرةٌ وتتدلّى روحي.. كنخلِ الحروفِ زمرداً مشكولاً بجدائلِ الأنهار.. فتشتاقُ الأشجارُ لمطرِ حُلْمٍ، لغيمِ الحنين.. تشتاقُ لرائحةِ الخبزِ وضحكات الصنوبر.
زهرةُ دوَّارِ الشمس
على شواطئِ العمرِ أمام الغيومِ البنفسجيةِ والشمسِ التي تتهيأ للنزولِ إلى البحرِ.. جيادُ الريحِ السريعةُ تطارِدُ الأمواجَ… أيامٌ وسنينٌ.. وما زالت زهرةُ دوَّارِ الشمسِ الصغيرةِ بوجهها الضاحِكِ البهيجِ.. وشعرِها الذهبي.. وأوراقها المصفِّقَةِ.. تتألَّقُ.. وتتألق.. في أعماق القلب، فرحاً طفليَّاً وباقةً من شموع، بطاقةً مدهشةً وقَّعَتْها يدُ الحياةِ.
التيه
فوق حقولِ الربيعِ كان يطارِدُ أحلامَهُ والفراشاتِ.. وتحتَ مطرِ الخريفِ يغني.. وعندَ الحصاد..، وفي الصيفِ يغفو على السطحِ تحت النجوم.. يراوده التيهُ مقتحماً صفْوَهُ.. وفي الصُّوَرِ الآسرةِ.. يدخُلُ المستحيلُ.. يحاصِرُهُ الجوعُ والبائعون.. تطارده الأذرعُ الغادرةُ.. تحشوه قَشَّاً وتعرُضُهُ لفضول العيون.