بالصواريخ الفرط صوتية واستهداف المدمرات الأمريكية.. اليمن يثبت وحدة الساحات
بقلم نوال النونو
ضاعفت القوات المسلحة اليمنية خلال الأسبوع المنصرم عملياتها النوعية المساندة لغزة، حيث استهدفت مدينة “يافا” المحتلة التي يطلق عليه العدو الإسرائيلي تسمية “تل أبيب” بصاروخ فرط صوتي من نوع فلسطين 2، دون أن يتم الإعلان عن المكان المستهدف.
ودوّت صافرات الإنذار في تل أبيب، في حين أعلنت وسائل إعلام صهيونية إن 4 صهاينة أصيبوا جراء التدافع إلى الملاجئ، في وقت توقفت فيه حركة الطيران لمدة 20 دقيقة عن الإقلاع أو الهبوط في مطار بن غوريون الدولي. كانت هذه هي العملية اليمنية الأولى التي استهدفت عمق كيان العدو بعد اتفاق وقف العدوان الصهيوني على لبنان، كما أنها جاءت بعد يومين من خطاب للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي زعيم “أنصار الله” وعد فيه بمواصلة مساندة غزة وعدم السماح للعدو الإسرائيلي بالاستفراد بها.
استهداف مدمرة أمريكية و3 سفن في البحر الأحمر
لم تكتف القوات اليمنية بهذا الإنجاز، بل واصلت عملياتها النوعية، ضد الأمريكيين والإسرائيليين، في خطوة باركتها فصائل المقاومة الفلسطينية، واعتبرت أنها تؤكد على ثبات وحدة الساحات، وعدم التخلي عن غزة.
ومع حلول مساء اليوم ذاته خرج المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع ليعلن عن تنفيذ عملية جديدة استهدفت مدمرة أمريكية في البحر الأحمر، وثلاث سفن امداد تابعات للمدمرة، مؤكداً أن العملية التي تمت بـ 16 صاروخاً باليستية ومجنحاً أصابت الهدف بنجاح.
لم تستطع القوات الأمريكية إنكار الضربة، لكنها حاولت التقليل منها، مدعية أنها تصدت لـ 6 صواريخ وطائرة مسيرة، وأن السفن الثلاث المستهدفات تابعات لأمريكا، وهن سفن تجارية.
وعلى مدى أكثر من عام تتعرض البحرية الأمريكية لضربات متواصلة من قبل الجيش اليمني الذي يستخدم في الأغلب الصواريخ المجنحة والباليستية والطائرات المسيرة، وقد أسفرت هذه الضربات عن هروب حاملات الطائرات الأمريكية “ايزنهاور” و”ابراهام لينكولن” بعد اشتباك بحري يمني مع هاتين الحاملتين، الأمر الذي جعل الأمريكيين يشعرون بخيبة الأمل، والعجز المطلق في المواجهة العسكرية مع اليمن، والتأكيد على استعصاء الحل العسكري، كما أكد ذلك المبعوث الأمريكي لدى اليمن ليندركينغ الذي أكد في تصريح لموقع “بيزنس إنسايدر” الأمريكي، السبت الماضي أن “معركة الجيش الأمريكي مع الحوثيين وصلت إلى طريق مسدود خطير”.
ونقل الموقع عن المبعوث الأمريكي قوله: “نحن لا نبحث عن حل عسكري في اليمن في هذا الوقت بالذات” في اعتراف واضح بانسداد أفق العدوان العسكري ضد اليمن.
وضمن الاعترافات الأمريكية بتلقيها ضربات موجعة من اليمن، كشف مسؤول دفاعي أمريكي لموقع “”بيزنس إنسايدر” الأمريكي، الثلاثاء الماضي أن المدمرة (يو إس إس ستوكديل) تعرضت حتى الآن لثلاثة حوادث في غضون شهرين، وذلك بوابل كثيف من الصواريخ والطائرات بدون طيار اليمنية نهاية سبتمبر أيلول الماضي، وهذا يدل على مدى العجز الكبير الذي وصلت إليه البحرية الأمريكية خلال المواجهة مع اليمن خلال الأشهر الماضية
ثلاث عمليات مشتركة مع العراق
وفي تطور لافت، وضمن مسار تصعيد العمليات اليمنية ضد العدو الإسرائيلي، أعلن العميد يحيى سريع أن “القوات المسلحة اليمنية نفذت بالاشتراك مع المقاومةِ الإسلاميةِ في العراقِ، 3 عملياتٍ عسكريةٍ ضدَّ العدوِّ الإسرائيليِّ.
وأوضح أنه تم تنفيذ “عمليتينِ استهدفتا هدفينِ إسرائيليينِ شماليَّ فلسطينَ المحتلةِ وذلكَ بعددٍ من الطائراتِ المسيرة” بالإضافة إلى “عمليةٌ استهدفت هدفاً حيوياً في منطقةِ أمِّ الرشراشِ جنوبيَّ فلسطينَ المحتلةِ بعددٍ من الطائراتِ المسيرة”. وأكد سريع أن “العملياتُ الثلاثُ حققت أهدافَها بنجاح بفضلِ الله”.
وهذه هي المرة الأولى التي تصل فيها العمليات اليمنية العراقية المشتركة إلى شمال فلسطين المحتلة، الأمر الذي يحمل دلالات مهمة بشأن اتساع نطاق هذه العمليات وما ينطوي عليه ذلك من تطور للقدرات العسكرية.
ويأتي استئناف العمليات المشتركة مع المقاومة الإسلامية في العراق – بعد حوالي خمسة أشهر منذ آخر عملية معلنة – في توقيت حساس عقب اتفاق وقف إطلاق النار بين العدو الإسرائيلي وحزب الله، وهو ما يشكل تأكيدا على استمرار معادلة “وحدة الساحات” بفاعلية قوية تبرهن للعدو استحالة الاستفراد بغزة، وهو ما كان السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي قد أكده في خطابه الأخير، والذي دعا فيه القوات المسلحة إلى تكثيف جهودها لمساندة غزة.
من اللافت أن هذه العملية اليمنية العراقية ستزيد التعقيدات أمام العدو في هذا الصدد، خصوصاً وأن التقارير “الإسرائيلية” التي أكدت الحاجة لـ10 سنوات قادمة حتى تعود الحياة في الشمال، كانت مبنية على الاستقرار العسكري والأمني والتفرغ للبناء والتأهيل، ما يعني أن عودة الصواريخ مرة أخرى إلى شمال فلسطين المحتلة ستجعل الأمر مستحيلاً أمام العدو ويجعل تطبيع الحياة هناك بعيد المنال، خصوصاً إذا استمر الردع اليمني في ضرب هذا “الوتر الحساس” الذي أشغل العدو طيلة 14 شهراً وكبده خسائر فادحة وحال دون أي انتصار عسكري في غزة على وقع العمليات الصاروخية التي كانت المقاومة الإسلامية اللبنانية تنفذها طولاً وعرضاً.
وفي حال زاد الزخم العسكري المقاوم في ضرب شمال فلسطين المحتلة، فإن العدو أيضاً سيجد نفسه أمام صفعة جديدة بعد الصفعة السابقة التي تعرض لها أمام حزب الله وحاول ترقيعها باتفاق لوقف إطلاق النار، حيث أن استمرار الصواريخ على الشمال سيجعل ملفات العدو هناك معلّقة، فالغاصبون سيبقون مهجّرون في الفنادق والشقق السكنية البعيدة التي يقطنونها ويستنزفون المزيد من الأموال الطائلة التي تكبد العدو خسائر كبيرة وعجزاً مالياً مستمراً.
كما أن استمرار هذا المسار الجديد من الردع في ضرب شمال فلسطين المحتلة، سيدخل العدو حتماً في متاعب جديدة، ويجعل مخططه في الاستفراد بغزة أمراً مستحيلاً، كما سيتمكن هذا المسار من تثبيت معادلة الشهيد القائد سماحة السيد حسن نصر الله الذي أكد فيها أن عودة المغتصبين الصهاينة إلى شمال فلسطين المحتلة وتطبيع الحياة فيها، مرهون بوقف الحصار والعدوان على غزة، وبهذا يجد العدو نفسه أمام مأزق حقيقي، ويجد نفسه أمام خيار واحد لإعادة الحياة إلى “الشمال”، وهذا الخيار لا يخرج عن وقف الإجرام بحق غزة.