أسميهِ الرؤى.. إلى سماحة الشهيد الأقدس السيد حسن نصر الله “رضوان الله عليه”
بقلم غسان عبد الله
للّذي لَمَّني من شَتَات الحرائق والموبقاتِ وأفردَ لي تحت سقف ضراعاتِهِ مَقْعدا
للّذي انفضَّ عن نفسه وأقام على زنده معبراً لأمرّ وشدَّ على وتري المتهاوي يدا
للذّي سَحَبَ اللَّيلَ من تحت جِلدي وضوَّأ فيَّ شموع الهُدى
للذّي راحتاهُ – بلا مِنّةٍ - تعصران العناقيدَ فوق جفافِ لساني
وتنتشلان من النَّدم الجسدَا..
للذّي فجأةً قرعَ البابَ – بابَ الفراغ الفضائيِّ -
يسأل عن شاعرٍ كان فيَّ يشرّشُ مستوحدَا
للذّي مَدَّ فوقي لحافَ القرنفل.. هيَّأَ لي نجمةَ الحلم ثمَّ تراجعَ نحوَ كواكبِهِ مُجْهَدَا
للذّي … للذّي… لا أقودُ إليه من الفجر قطعانَ ضوءٍ!!
ففيه من النّور هالاتُ حبٍّ شفيفْ
لا أُساقِطُ من شجري ثمراً فوقه!!
فأنا لا يدور بيَ الأفق إلا إذا نهضَتْ من دمي خفقةٌ للخريفْ
وهُوَ.. المتثاقلُ من وطأةِ السَّهرِ، المتكوِّمُ في كأسِ ترياقٍ وبُقْيا رغيفْ
يتقدَّمُ بي في وريد السماحة نبضاً فنبضاً، يشيلُ الحجارةَ عن سطح قَلْبي..
يُعيدُ الأعالي إلى مَجْدِها ويكوِّنُ من نزفِهِ ضفّةً لنزيفي
لا أمدّ له قامتي..!! كيف جاء إذاً؟! كيف أصغى لإيقاع موتي؟
وما كنت أُخبرُه أنَّني ساكنٌ في مخيَّم شِعري،
أنامُ على لغةٍ وأزاولُ تمتمةً من حروفِ
هوذا من صفاءِ أصابعِهِ تستميلُ التَّحيَّاتُ روحي
يُجمِّعُ نَحْلَ القصائدِ.. يطلقُها في قفير المشاعر
حين تئزّ فتوقظُ في جثَّتي عطرَها
إنَّه المتطاولُ حتَّى بداياتِ أمسيّةٍ كنتُ أنسجُ أثوابَها بدموعي
وأُلقي على خيبتي صدرها
قال: لا تكترثْ، إنَّها رياضُ روحكَ مانحةٌ سحرَها
قلتُ: إنّي أتوبُ من المفرداتِ، إذا باعتِ الأرضُ جوهرها…
للّذي يدُهُ في يدي.. للذّي سال في جسدي مثلَ ماءٍ من اللّوز والعاطفَةْ
قلتُ أحميهِ ممَّا تقصَّفَ فيَّ.. ومن وقفتي فوق فوّهَةِ العاصَفةْ
قلتُ أخفيه عن عَسكَرِ العاكفينَ على صنَمِ اللّغة الزّائفَةْ
حين يستدرجون كلامي إلى كُتُبٍ تتمزّق أوراقُها
في مهبّ النّفاقِ ويرمون حَنجَرتي في المدى غيمةً ناشفَةْ
فأسميّه أشرعةً يستطيلُ عليها عزيفُ الرياح
أسميه الرؤى.. وبردَ أنسِ القلبِ والسلامْ..
أسمّيه معنى النَّهارِ الجديدِ وقهوةَ عصرٍ وقَدْ شَلَّ فينا النّعاسُ العظامْ
ومدينةَ ليلٍ أسمّيه حين أُطاردُ جمهرةً من غمامْ
وأُحدّقُ من عَجَبٍ في شعاعِ الأشواقِ تطلقُهُ دعوةٌ أتشهَّى الوجيب بها
لأطفئَ طُوفان هذا الهيامْ
تتضاعفٌ أنّاتِيَ وأرشّ عليها دمَ الياسمينِ وأدفعُ نبضاتِي باتّجاه التمتماتِ
ويرفعني طائرُ العشق فوق السّياج
أرى ما أرى من حَوارٍ تجمَّعْنَ تحت جداولَ منْ شغفٍ لا ينامْ..
وأرى الضّوء يغسلُ حقلَ الذُّنوب.. فينمو دعاءْ..
وأحزنُ.. يا ليتني ما عرفتُ النوم…
للذّي قبل أن أنحني لأزيلَ رصاصَ الحروب يفاجئني بنشيد السّلامْ
للذّي… للذّي… كلّما اتّسعَتْ رؤيةٌ بيننا ضاق ما بيننا مهرجانُ الكلامْ.