تدخل خارجي سافر في انتخابات الرئاسة واشنطن والرياض وسياسة الترغيب والترهيب
بقلم محمد الضيقة
لم يشهد لبنان منذ الاستقلال حتى الآن تدخلات خارجية في استحقاق انتخاب كما يحصل الآن بشأن ملء الفراغ الرئاسي منذ أكثر من سنتين.
زحمة موفدين وصلوا عشية الانتخابات، حركة غير مسبوقة لموفدين أجانب باتجاه الكتل البرلمانية، لقاءات علنية وسرية تولاها الموفد الأمريكي أموس هوكشتاين والموفد الفرنسي لودريان ومن الأشقاء العرب تولاها الموفد السعودي يزيد بن فرحان.
أوساط سياسية متابعة أكدت أن التأييد الفرنسي- الأمريكي- السعودي لترشيح قائد الجيش جوزف عون عزز من حظوظه كثيراً، وهذه الحظوظ قد تصبح نقطة ضعف في المستقبل لأنها تكشف من أن مريديه في الخارج أكثر بكثير من مريديه في الداخل، وما كانت حظوظه لترتفع لولا هذه التدخلات الخارجية حيث لكلّ طرف خارجي من هؤلاء له أجندته الذي يسعى لتنفيذها من خلال أخذ جانب قائد الجيش واستخدامهم كل الأساليب التي اعتادت هذه الدول استخدامها من ترهيب وترغيب مرتبطة بما تعرض له لبنان من عدوان صهيوني بربري، حيث ذكرت تقارير إعلامية أن واشنطن والرياض تحديداً ربطت تقديم دعمها للبنان من أجل إعادة الإعمار ورفع الحصار عن لبنان بانتخاب العماد جوزف عون، وأضافت الأوساط أن حراك هذه الدول اتجاه لبنان غير المسبوق، له علاقة مباشرة بالزلزال الذي ضرب المنطقة وخصوصاً انهيار النظام السوري، فالرياض تدرك جيداً من أن أنقرة هي التي تشرف الآن عما يحصل في سوريا، وهو أمر تخشاه المملكة من أن تمتد عدوى ما حصل في سوريا إلى أكثر من دولة عربية.
وأشارت الأوساط إلى أن واشنطن من جهتها تسعى هي الأخرى إلى ترسيخ نفوذها في لبنان في سياق محاولة أمريكية – صهيونية من أجل استيلاد شرق أوسط جديد خدمة لتفوق صهيوني، خصوصاً إذا ما تم تفتيت المنطقة إلى كانتونات طائفية ومذهبية وعرقية.
واعتبرت الأوساط أن الثنائي الوطني لن يقفوا عائقاً أمام إجماع اللبنانيين على اسم رئيس للجمهورية، لافتة في هذا السياق إلى أن ما يسمى معارضة كانت ضد العماد جوزف عون إلى فترة قريبة، وكما يبدو أن الموفد السعودي هو الذي تمكن وساهم في تغيير موقف هذه المعارضة وخصوصاً القوات اللبنانية.
وتؤكد الأوساط أن القوات اللبنانية وحلفاءها خضعوا للموقف السعودي خصوصاً بعد أن أصاب اليأس جعجع من إمكانية ترشيح نفسه، وهو لم يعد قادراً في ظل التدخلات الخارجية على دعم جهاد أزعور، خوفاً من الغضب الأمريكي- السعودي، وبالتالي لم يعد أمامه سوى الإعلان عن تأييد ترشيح العماد جوزف عون.
وتؤكد الأوساط أن منطقة الشرق الأوسط دخلت مرحلة جديدة من المتغيرات الجيوسياسية العميقة، تقودها واشنطن وحلفاؤها في الإقليم قد أعادت خلط الأوراق والتوازنات بين القوى الفاعلة. لافتة إلى أن هذه المتغيرات كان لها تداعيات على كافة الدول في المنطقة بما فيها لبنان، حيث لن يكون بمنأى عنها، وما حصل بشأن الانتخابات الرئاسية وما قد يحصل في المستقبل هو نتيجة اختلال موازين القوى، خصوصاً بعد الزلزال السوري، حيث تسعى واشنطن وحلفاؤها لخلق بيئة ملائمة لإقامة اتفاقيات سلام بين بعض الأنظمة العربية والكيان الصهيوني برعاية أمريكية، حيث ستنشط هذه الحركة بهذا الاتجاه عقب دخول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للبيت الأبيض أواخر هذا الشهر.