إقليميات

أمريكا تُعيّن الرئيس اللبناني وتتوعد بالجحيم للمنطقة

بقلم زينب عدنان زراقط

إلى العراق النازف من نهبٍ لنفطه ووجود القاعدة الأمريكية على أرضه، وصولاً إلى لبنان الذي يترقب مفعول وقف إطلاق النار وتحقيق سيادته ودحر العدو الإسرائيلي عن حدوده الجنوبيةِ ومع إعلان رئيسٍ للجمهورية بمصادقة البيت الأبيض وبشروطٍ فرضتها المقاومة على الرئيس للنهوض بالبلد وحفظه.

فكيف ضغطت أمريكا على لبنان من أجل انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية؟ ولماذا هدد الرئيس دونالد ترامب بالجحيم في الشرق الأوسط؟.

تعيين أمريكي – سعودي للرئيس اللبناني

بدايةً مع المشهد اللبناني، حيثُ بقيت المقاومة من خلال الثنائي الشيعي هي العنصر الأساس في ترسيخ معادلتها التي ثبتّتها بأن تحمي لبنان وأن تكون عنصر أمان للمجتمع اللبناني وأنها هي صاحبة القرار الفصل في المجلس التشريعي اللبناني لانتخاب رئيس الجمهورية، – على الرغم من كل الضربات الموجعة واغتيال قادتها من الصف الأول والثاني والثالث.. وخسارتها الكُبرى برحيل شهيدها الأقدس “سماحة السيد حسن نصرُ الله” -، على الرغم من كل ذلك هي لم تخضع للإملاءات الأمريكية. الإملاءات التي أتت من أمريكا ومن خلال تصريحات المملكة العربية السعودية الرسمية بأن الرئيس “قائد الجيش العماد جوزيف عون” أو لا أحد، ولعدم تجيير أصواتهم مقابل المبالغ الطائلة التي قُدِّمت لآخرين، وبورقةٍ فارقة باسم “جوزيف آموس بن فرحان” للدلالة على أن الرئيس جاء على شكل تعيين خارجي لقائد الجيش على الرُغم من أن رتبة القائد في الدولة لا تُخوّلهُ دستورياً لهذا المنصب إلا أنه تم، – فقط – من بعدما فاوضوا الثُنائي الشيعي الذين حالوا دون فوزه بالجولة الأولى حتى وضعوا النقاط على الحروف في جلسةٍ مغلقةٍ معه في استراحة ما قبل الجولة الثانية، ومن بعد نيل تعهّدٌ من قائد الجيش ببنود المقاومة المطروحة، قُضيَ الأمر.

فشلت الدورة الأولى بعد تصويت الثنائي حزب الله وحركة أمل بورقة بيضاء تأكيداً على أنه ما من تمريرات دون موافقتهم بغية أخذ تعهّدات من قائد الجيش جوزيف عون والموفد السعودي والأمريكي والفرنسي بشأن إدارة البلاد في المرحلة المقبلة ومسائل إعادة الإعمار والحكومة ووزارة المالية والاستراتيجية الدفاعية واسم قائد الجيش المقبل. فرض الموفدون الدوليون مرشّحهم على الجميع بالضغط، إلا أنهم ما استطاعوا تمرير مطلبهم دون مفاوضة الثنائي. حيثُ عُقِدت ٤ جلسات مع المستشار السعودي يزيد بن فرحان آخرها كان فجر الأربعاء مع علي حسن خليل ثم يوم الانتخابات في المجلس النيابي قبل ساعتين من الجلسة. ثم حصل لقاء بين الثنائي والقائد.

وكان المبعوث الأمريكي آموس هوكستين قد سبق والتقى وزير الخارجية السعودي في الرياض وبحثا التطورات في لبنان والقضايا الإقليمية قبل وصوله إلى لبنان مطلع الأسبوع أجرى خلالها عدة لقاءات مع رئيس البرلمان النيابي نبيه بري والبطريرك ورؤساء أحزاب آخرين ليُسافر قبل موعد جلسة الانتخابات بليلةٍ. 

خلاصة الكلام، كل الضغوط الأمريكية والخليجية لم تنفعهم، المقاومة ستبقى شوكةً في طريق التواطؤ الخارجي في لبنان، وكلمة الفصل التي تحول دون مصلحة الخارج على سيادة الوطن، “حزب الله” انتصر عسكرياً ولم يهزم سياسياً.

ترامب يتوعد بالجحيم فنزِلَ عليه من السماء!

إلى الحرب المستعرة في غزة، حيثُ هدّد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يوم الاثنين الذين يحتجزون رهائن في الشرق الأوسط بقوة نيران أمريكية غير مسبوقة إذا لم يتم إطلاق سراحهم بحلول الوقت الذي يتولى فيه منصبه في 20 يناير، وسيكون هناك جحيم يدفع ثمنه الشرق الأوسط في ضربةٍ أشد من أي ضربة أخرى تلقاها أي شخص في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية الطويل والحافل. “أطلِقوا سراح الرهائن الآن”! جاء البيان أيضاً بعد ساعات من كشف الجيش الإسرائيلي عن مقتل رهينة أمريكي إسرائيلي آخر – عومر ناوترا – خلال هجوم حماس في السابع من أكتوبر، وأن جثته محتجزة في غزة، الذي كان يُعتقد أنه على قيد الحياة في الأسر. وبعد يومين من نشر حماس لفيديو دعائي يظهر فيه الرهينة الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر وهو يتوسل إلى الرئيس المنتخب لتأمين إطلاق سراحه.

وعلى ما يبدو أنه يوجد تحركات إقليمية في مساعٍ لإنهاء هذه الحرب، فمما بات واضحاً للجميع أن العدو الصهيوني يقوم برفع وتيرة عملياته العسكرية وهجماته الدموية على المدنيين الأبرياء كلما كانت هناك مفاوضات وحوارات تهدف إلى وقف العدوان والتوصل إلى صفقة شاملة تؤدي إلى دفعه استحقاقات لا يرغب في دفعها حتى الآن على أقل تقدير، وهو يسعى من خلال رفع وتيرة عدوانه إلى الضغط على المقاومة لتقديم تنازلات حقيقية، كما يصرّح قادته في كثير من الأحيان، وخصوصاً في ما يتعلّق بالملفات الشائكة التي كانت خلال الشهور الماضية سبباً في فشل المفاوضات، مثل تلك المتعلّقة بالانسحاب من كامل أراضي القطاع، وعودة النازحين إلى بيوتهم، أو فيما يتعلق بأعداد ونوعيات الأسرى المزمع الإفراج عنهم من الجانبين. وفي كل المرات السابقة، كان الاحتلال يضع شروطاً جديدة لابتزاز المقاومة، ويرفع إلى جانبها مستوى الضغط العسكري، آملاً تحقيق إنجازٍ ما يساعده في تعويض جزء من إخفاقه المستمر منذ 15 شهراً. وبالتالي، فإن المقاومة كما يبدو ترفع هي الأخرى وتيرة عملياتها، سواء بالتصدّي الأسطوري لهجمات جيش الاحتلال، كما يجري في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، أو من خلال توسيع استهداف المدن والمستعمرات الصهيونية بالصواريخ والقذائف، وهي في ذلك تسعى لإفشال ضغط العدو من خلال الضغط المقابل، وإن لم يكن بالمستوى والوتيرة نفسها، نظراً إلى فارق الإمكانيات.

ما حدث خلال الأسبوعين الأخيرين، وخصوصاً في ظل العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال قطاع غزة، والتي تجاوزت شهرها الثالث حتى الآن، شكّل مفاجأةً مدوّية لجيش الاحتلال وأجهزة استخباراته، إذ إنه، وعلى مدار 12 يوماً متتالياً، يتم إطلاق قذائف صاروخية من شمال قطاع غزة تحديداً، ومن مناطق قريبة جداً من أماكن وجود قوات العدو، وصل بعضها إلى مشارف مدينة القدس المحتلة، على بعد نحو 70 كلم من حدود القطاع، في حين استهدفت أخرى مدن عسقلان وأسدود والعديد من مستعمرات الغلاف. هذا التطوّر الذي عدّته وسائل الإعلام الإسرائيلية باللافت والمزعج للغاية، والذي دفع القليلين من الذين عادوا إلى مستعمرات الغلاف إلى التفكير في الرحيل عنها من جديد. كما شهدت الضفة الغربية في الفترة الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في وتيرة العمليات المسلحة التي ينفّذها مقاومون ضد أهداف عسكرية إسرائيلية، وذلك على الرغم من الحملات الأمنية المكثفة التي تشنها سلطات الاحتلال في مناطق متفرقة من الضفة، وخصوصاً في مخيم جينين ومدينة نابلس. هذا التطور بالعمليات الشعبية الفردية تعكس أيضاً تغيراً في الحالة الفكرية لدى الشباب الفلسطيني، وخصوصاً في الفئة العمرية بين 18 و25 عاماً، الذين باتوا يؤمنون بأن المقاومة المسلحة هي السبيل الوحيد لمواجهة الاحتلال وتحقيق التحرر.

في الخلاصة، المقاومة حالةٌ لم يعد بإمكان العدو اجتثاثها أو استئصالها ولا الحد منها ولا وضع حدودٍ لها أو اجتيازُها حتى، فالتفاوض معها وبشكلٍ مباشر، وهي التي تفرض شروطها… فهل تنجح المقاومة الفلسطينية في “غزة” بفرض شروطها على العدو وإنهاء الحرب بما تبقى من أيام معدودة قبل مجيء ترامب إلى البيت الأبيض؟ وهل ينجح “حزب الله” بفرض صوته على انتخاب رئيس الحكومة اللبنانية ويشغل مقاعد وزارية ويشغل حقائب نيابية بالنسب التي كان ينالها سابقاً، أم سيُبدي تراجُعاً؟.

على الهامش، نلفت إلى ما يحدث في الولايات المتحدة بولاية كاليفورنيا، حيث من بعد تهديد ترامب بإحداث جحيمٍ في الشرق الأوسط، اندلعت حرائق تلتهم نيرانها الشجر والحجر والبيوت في مدينة لوس انجلوس الأمريكية، لو تم ضرب أمريكا بألف صاروخ لما تأثرت بهذا الشكل وهذه الحرائق دمّرت مئات المنازل وشردت عشرات الآلاف من الأمريكيين حتى الآن دون أي أسباب.

هذا وذكرت شبكة “ABC” الأمريكية نقلاً عن بيانات من موقع “أكيو ويذر” أن حرائق الغابات في مدينة لوس أنجلوس تسبّبت بأضرار تتراوح بين 52 و57 مليار دولار. فيما أعلن البيت الأبيض أن خسائر ولاية كاليفورنيا بسبب الحرائق الأخيرة قد وصلت إلى أكثر من 100 مليار دولار حتى الآن.

واللافت أن مدينة لوس انجلوس الامريكية مساحتها أكبر من غزة بـ 5 مرات، احترقت وتدمرت بشكل كامل خلال ساعات معدودة، أهل غزة على الرغم من الإبادة وأبشع أشكال الاجرام والقتل والقصف، ما زالوا صامدين والمقاومة باقية، أما أمريكا فقد حلّ عليها غضب الله من السماء، وليعلم الفرعون ترامب أن قدرة السماء فوق يده، مصداقاً لقوله تعالى ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *