“إسرائيل” فشلت في “غزة” فهل تتمكن من الضفة؟
بقلم زينب عدنان زراقط
إلى “غزّة” التي جاءها “نصرُ الله”، ليحول عنها الاحتلال فيهجم مباشرةً على الضفة، تحديداً “مخيم جنين”، حيث أجهزة أمن السلطة الفلسطينية مهّدت له الطريق…
من معركة “السيوف الحديدية” التي لوتها سواعد مجاهدي “حماس”، إلى عملية “الجدار الحديدي” التي بدأتها بعد غزة في مخيم جنين، هل يحقق الجيش الإسرائيلي “النصر الذي عجز عنه في غزة خلال 15 شهراً” في الضفة؟.
بعد شهور من تغني نتنياهو بالسعي لتحقيق أهداف الحرب التي وضعها، صادق على صفقة تنهي الحرب مع الجانب الذي أراد القضاء عليه في قطاع غزة، وهي المقاومة الفلسطينية حركة “حماس”، ما أعطاها الشرعية وصادق على حكمها “غزة” والشرعية بيدها…
فما هي أبرز الأهداف التي فشل في تحقيقها؟
– فشل الجيش الإسرائيلي بالقضاء على “حماس” على الرغم من استهداف البنية التحتية وبعض قادة المقاومة تمكنت “حماس” إعادة تأهيل نفسها وتجنيد الآلاف وإعادة بناء قدراتها، فيما لا تزال الحركة تهدد دولة الاحتلال عسكرياً.
– الاخفاق في استعادة الأسرى الإسرائيليين بالقوة عبر العمليات العسكرية، بل تسبب القصف الإسرائيلي بمقتل عدد كبير من الأسرى ما أثار انتقادات داخلية وأظهر عجز الحكومة عن تحقيق هذا الهدف.
– على الرغم من تأكيد نتنياهو على أهمية محور فيلادلفيا وممر نتساريم كأصول استراتيجية، لم ينجح جيشه في الاحتفاظ بهما فالاتفاقات المبرمة تنص على انسحاب تدريجي من تلك المناطق، ما يُبدد خطة الاحتلال للسيطرة عليها بالكامل.
– إعادة الاستيطان في غزة على الرغم من تدمير أجزاء واسعة من شمال القطاع، فقد فشل الاحتلال في إجبار سكان غزة على النزوح أو تنفيذ خطة الجنرالات، الاتفاق أتاح عودة النازحين إلى ديارهم ما أدى إلى نسف خطط الاستيطان الإسرائيلية شمال القطاع.
وتبعاً للحسابات العسكرية، الحروب تُقاس بنتائجها النهائية وليس بتفاصيلها اليومية. كما في الحروب العالمية وحروب التحرر، فإن الخسائر لا تعني الهزيمة، والمنتصر هو من يغير الواقع السياسي والجغرافي لصالحه ويحُوْل دون تحقيق العدو لأهدافه في المعركة.
ولكن وقع الانهزام في “غزة” كان عبؤه ثقيلاً على “نتنياهو” أمام الحاضنة الشعبية وما جرى من استقالات من الهرم القيادي في الجيش لمسؤوليتهم عن الفشل الكبير يوم 7 أكتوبر من قائد الأركان هرتسي هليفي وقائد المنطقة الجنوبية يارون فنكلمان وقائد فرقة غزة آفي روزنفيلد ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أهارون خليفا وقائد وحدة الاستخبارات 8200 يوسي ساريئيل وقائد لواء الشمال في قطاع غزة حاييم كوهن، فكان يرى أنه جاء دوره وهو التالي، إضافة إلى المحكمة التي تتأجل لأجل ظروف الحرب، فعندما جاءت الأوامر الأمريكية بإنهاء حرب “غزة”، فرَّ إلى “الضفة” لاستكمال المعركة هناك هرباً من المحاكمة والإقالة والسجن ولملمة هزيمته في “غزة”، فلجأ للانتقام الجماعي من الضفة بتحويلها إلى سجن بعد اتفاق غزة.

1- كثف الاحتلال الإسرائيلي القيود في الضفة الغربية بعد وقف إطلاق النار في غزة، حيث أقام حواجز عسكرية وبوابات جديدة، ما أعاق حركة الفلسطينيين بشكل كبير وزاد من الإغلاقات، ليجعل التنقل اليومي أكثر صعوبة ويعمق معاناتهم.
2- إجراءات تفتيش قاسية، حيث يتعرض الفلسطينيون لتفتيش قاسي وطوابير طويلة، ما تسبب في تضييق شديد على حركتهم، وهو ما يراه الفلسطينيون إذلالاً وانتقاماً منهم بعد وقف إطلاق النار في غزة.
3- يهدف الاحتلال إلى الانتقام من الفلسطينيين بعـد مظاهر الفرح بتحرير الأسرى الفلسطينيين، مع تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية، كما أن الإجراءات تسعى إلى فرض حصار على المدن والقرى الفلسطينية.
4- أضاف جيش الاحتلال 14 حاجزاً وبوابة جديدة الضفة الغربية، ليصل العدد الإجمالي إلى 898 حاجزاً، ما يعوق حركة الفلسطينيين ويجعل التنقل بين المدن والقرى أكثر صعوبة.
5- الإجراءات الإسرائيلية تسببت في أضرار كبيرة للفلسطينيين، حيث تضررت جميع مجالات الحياة مثل التجارة والصحة والتعليم، وأدت إلى تعطل الجامعات وزيادة تكاليف النقل والتنقل.
6- بالتوازي مع العدوان على غزة، تزايدت هجمات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية، ما أسفر عن استشهاد 870 فلسطينياً وإصابة نحو 6,700 آخرين، وسط تصاعد في الاعتداءات المستمرة حتى اليوم.
7- تشهد المدينة هجمات إسرائيلية عنيفة بعد انسحاب السلطة الفلسطينية منها تترافق هذه الهجمات مع مداهمات للمنازل واعتقالات وتدمير للبنية التحتية بينما يواجه الاحتلال مقاومة شعبية متصاعدة.
بعد أكثر من 50 يوماً على حصار أجهزة أمن السلطة لمخيم جنين جنوب الضفة الغربية المحتلة، واستنزاف المقاومة فيه، وقَتْل العديد من أفرادها واعتقال آخرين من الذين يحاولون دخول المخيم لإسناد من فيه، في تكامل للأدوار مع جيش الاحتلال، وتنفيذ سياسته ضد المقاومة في الضفة الغربية المحتلة؛ جاء جيش الاحتلال الإسرائيلي لينفذ هجوماً واسعاً على مخيم جنين، الثلاثاء الماضي، فقد مهدت له السلطة الطريق وحققت عدداً من أهدافه العسكرية “حيثُ بنك الأهداف في مخيم جنين هو واحد للسلطة وجيش الاحتلال، حيث المقاومون، والعبوات الناسفة، والضحية واحدة. فقبل أن يُحكى عن الخطر الإسرائيلي المُحدق بالضّفة، يجب أن تعلو الصرخة على أمن السلطة الذين تجردوا من إنسانيتهم ووطنيتهم وباتوا عُملاء للعدو!.
السؤال البديهي يكمن حول أسلوب تعامل ترامب مع قرارات الجيش الإسرائيلي وتمردات نتنياهو، ليتبين أنه مع وصول دونالد ترامب للرئاسة مجدداً، يُبدي الكونغرس الأمريكي مواقف أكثر تحيزاً لصالح “إسرائيل”، حيث يسعى الأعضاء لتمرير حزمة من التشريعات الخطيرة التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية.. فما أبرز هذه التشريعات؟
أ- تجريم معاداة “إسرائيل” عبر مشروع قانون يساوي بين انتقاد “إسرائيل” ومعاداة السامية، ما يقيد حرية التعبير، وآخر يمنح وزارة الخزانة سلطة إغلاق المنظمات غير الربحية بزعم ارتباطها بـ”الإرهاب”، في خطوة تستهدف المؤسسات الداعمة للفلسطينيين.
ب- الأونروا وجنوب أفريقيا: مشروع قانون يسعى لجعل الحظر الأمريكي على تمويل “الأونروا” دائماً، مهدداً إغاثة اللاجئين الفلسطينيين، وآخر يهدف لإلغاء الاتفاقيات التجارية مع جنوب إفريقيا بسبب دعواها أمام محكمة العدل الدولية ضد “إسرائيل” بتهم الإبادة الجماعية.
ت- مصادقة ترامب على إلغاء عقوبات فرضتها إدارة بايدن على مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية المتورطين بأعمال عنف ضد فلسطينيين، وسط ترحيب من اليمين المتطرف الإسرائيلي.
تعكس هذه التشريعات توجُّهَ الكونغرس الجديد نحو الدعم المطلق للاحتلال من خلال دعم السياسات الإسرائيلية بشكل غير مشروط، مع تقويض أي جهد دولي أو محلي لمحاسبة “إسرائيل” أو الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وبذلك حتماً سيلقى نتنياهو والجيش الإسرائيلي الدعم المطلق للاستمرار في سياسية القتل والحرب – إن لم يكن في “غزة” – في الضفة.
ختاماً، غيرت هذه الحرب قواعد اللعبة في المنطقة، وستكون الحسابات الإسرائيلية لأي مغامرة مستقبلية مختلفة تماماً، ما يعني أن ما بعد الحرب ليس كما قبلها بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي والمنطقة، فهل يطول أمد العملية العسكرية في جنين في ظل خطورة عودة الإسناد من الطرف اليمني وتصدي المقاومة؟ وسؤال أخير هل تساوم إسرائيل على إطالة أمد بقائها بالجنوب اللبناني ما يستدعي استفزاز حزب الله وإعطائه الشرعية باستكمال المواجهة الأمر الذي يؤدي إلى إعادة الحسابات مجدداً لصالح المقاومة ويكرر مشهد انتصار غزة وخضوع الإسرائيلي لشروط حماس؟.
