تحذيرات نارية لصنعاء من مغبة عدوان أمريكي سعودي جديد على اليمن
بقلم نوال النونو
دقت صنعاء جرس الإنذار قبل أيام، محذّرة من أي مغامرة جديدة للمملكة العربية السعودية للعدوان على اليمن، في ظل الأنباء التي تتحدث عن رغبة أمريكية لقيادة تحالف جديد على اليمن تشترك فيه السعودية.
وحتى كتابة التقرير، لا توجد معلومات مؤكدة عن تشكيل هذا التحالف، لكن التحركات والتصريحات تشير إلى أن ثمة شيء ما يلوح في الأفق، فالمؤشرات على احتمالية عودة التصعيد كثيرة، ومنها اللقاءات التي تتم على أعلى مستوى بين وزير الدفاع الأمريكي الجديد بيت هيغست ووزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، بحضور الممسك بالملف اليمني السفير السعودي محمد آل جابر، إضافة إلى تحركات المرتزقة اليمنيين على الأرض، وتبني إعلامهم أخباراً تؤكد على مدى الاستعداد والجاهزية لاجتياح العاصمة صنعاء.
منطقياً، ليس هناك مصلحة سعودية أو إماراتية للعدوان على اليمن، فالأضرار ستكون عليها فادحة جداً، وخصوصاً أن القوات المسلحة اليمنية قد أثبتت قدرة هائلة على إلحاق الأذى بالعدو الإسرائيلي في معركة “طوفان الأقصى”، وفرض حصار خانق على “إسرائيل” في البحر الأحمر، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن الواقع اليوم يختلف جذرياً عن واقع العدوان السعودي على اليمن عام 2015، فاليمن اليوم أصبح قوة عسكرية مهابة في المنطقة، يمتلك الكثير من الأسلحة الاستراتيجية، والجيش المدرب، والقوة الجوية القادرة على إلحاق الهزيمة المدوية بالسعودية والإمارات.
الكلام أعلاه، أكده عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي خلال كلمة له الثلاثاء في حفل تخرج دفعة قتالية نوعية أقامتها القوات المسلحة اليمنية باسم “دفعة شهيد الإسلام والإنسانية”، وقد أكد الحوثي أن اليمن ليس لقمة سائغة، وأن أي عدوان جديد على اليمن سيرتد على السعودية والإمارات، وهو مهزوم شر هزيمة.
وأوصل الحوثي رسالة للنظام السعودي قائلاً: “نقول للسعوديين وللأمريكيين، ولترامب الكافر، أنت لا تخيفنا، ونحن نعرف أن تصريحاتك جوفاء، والشعب اليمني لا يخشى من أمريكا، ولا من أي تصريحات، كما نجدد النصح للنظامَيْن السعودي والإماراتي بأن يستوعبوا الدرس جيداً، فالواقع اليوم مختلف عما كان عليه قبل 2015”.
بطبيعة الحال، لقد أرادت صنعاء من خلال تخرج هذه الدفعة التي حملت اسم شهيد الإنسانية الشهيد القائد حسن نصر الله، أن توصل عدة رسائل مزدوجة، للسعودية وأمريكا، مفادها بأنها تراقب كل التحركات، وهي لا تغمض عينيها عنها، وهي تأخذها على محمل الجد، بل وتستعد لها، وهي تدرك أن المخاطر على اليمن ستكون كبيرة، لا سيما بعد المشاركة الفاعلة والنوعية لليمن في “طوفان الأقصى” وأن العدو الأمريكي لا يمكن أن يسكت على ما تعرض له من هزائم وإهانة في البحر الأحمر على يد القوات المسلحة اليمنية.
ويبدو أن الأمريكيين والسعودية يتجهون إلى فرض المزيد من الحصار على الشعب اليمني، وهذا ما لفت إليه محمد علي الحوثي القيادي في أنصار الله، والذي أكد أن اليمن لن يقبل بالحصار ولا بتفتيش السفن، موضحاً أنه وصلت إليهم رسائل من السعودية أنها “ربما تشترك في حرب على اليمن”.
وحاول الحوثي تذكير النظام السعودي بالجولة الأولى من العدوان على اليمن والتي استمرت 10 سنوات، مشيراً إلى أن في اليمن أبطالاً جرحوا أكثر من 14 مرة، وهم يعودون إلى الميدان، لأنهم عندما يقاتلون يستلهمون في عقيدتهم ودينهم ومبادئهم أنهم على خط الحق، وعلى خط الجهاد في سبيل الله.
قرار السيادة لا يقبل المراوغة
وإذا كان الحوثي قد أوصل الرسائل الكافية للنظام السعودي، محذراً من مغبة أي تصعيد جديد على اليمن، فإن وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، قد أدلى بدلوه في هذا الجانب، موصلاً رسائل نارية متعددة لأعداء اليمن.
ودعا اللواء العاطفي في كلمة له خلال حفل التخرج لهذه القوات النوعية أعداء اليمن من الأمريكيين والسعوديين للتفكير ألف مرة قبل أي مغامرة غير محسوبة، أو تصرف غير مسؤول، مؤكداً أن الوجود الأجنبي على الجغرافيا اليمنية أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، وأن اليمن لن يقبل بأي شكل من أشكال الوجود الذي ينتهك السيادة، مشيراً إلى أن القوات المسلحة اليمنية لن تتهاون في حماية المقدرات والثروات اليمنية.
وزير الدفاع اليمني مضى بالقول إن القرار اليمني سيادي، وخط لا يقبل المراوغة أو القراءة الناقصة، ولن تسمح اليمن لأي طرف بالمساس به، أو انتقاصه، أو التدخل في الشأن الداخلي، مؤكداً أن الجزر اليمنية هي جزء لا يتجزأ من جغرافيتنا، وخط لا يمكن تجاوزه، ولن نسمح بانتهاك لسيادتنا على جزرنا مهما كانت المبررات.
وتأتي تصريحات وزير الدفاع اليمني بشأن الجزر اليمنية، في ظل وجود احتلال قائم على الأرض، لا سيما الاحتلال الأمريكي الإماراتي لجزيرة سقطرى، أكبر جزيرة في المنطقة، والمطلة على المحيط الهندي، إضافة إلى احتلال جزيرة بريم [ميون] التي تقع في منتصف مضيق باب المندب في البحر الأحمر، وكلا الجزيرتان تقعان تحت السيطرة الإماراتية، ومن خلفهما الإسرائيلية والأمريكية.
وخلال السنوات الماضية، لجأت أمريكا إلى بناء قواعد عسكرية كبيرة، ومطارات تستقبل الطائرات الكبيرة، ومنها طائرات الشبح، والتي تحمل قاذفات B52، ما يدل على أن المحتل للجزيرتين ليست الإمارات، وإنما أمريكا، إذ أن أبو ظبي لا تمتلك هذا النوع من الأسلحة، ولا تحتاج إلى توسعة مطارات بهذا الحجم في سقطرى وبريم، وهذا يدل أيضاً على أن هذه التحركات الأمريكية هي تأتي في المقام الأول بغية مواجهة الصين في أي مواجهة قادمة.
في المجمل، فإن واشنطن تتحرك لتوجيه ضربة لليمن، لأنها تدرك أن وجود قوات يمنية ذات كفاءة عالية، وتمتلك الأسلحة النوعية والاستراتيجية، سيحد من مخططاتها في المنطقة، وإعادة بناء الشرق الأوسط الجديد، لكنها في الوقت ذاته تخشى من تداعيات أية مغامرة على اليمن، فالنيران اليمنية لن تحرق آبار النفط في الخليج فحسب، وإنما ستفرض حصاراً على الدول المعتدية، ولن تكون القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة بمنأى عن بأس اليمنيين وسطوتهم؟.