حبر على ورق

حبر على ورق 488

بقلم غسان عبد الله

مرور الكرام

أمرُّ على الأرض،‏ أحملُ أنهارها بيدين تعيدان جدوى الضِّفاف‏.. وطعمَ اختلافِ العصافير في معبد الماءِ‏ حول صلاة السَّلامْ.‏. أمرُّ على الأرض‏ أنسلُّ من شجر النَّائمينَ‏ وأتلو عليها رؤى الياسمينِ‏ وأترك فيها مخيّلةً لا تنامْ.‏. وأشبهُ أحلامَها بعد يومٍ تداعى‏ أعيدُ إلى برجها شاردات الحمامْ.‏. أهدهدُ سنابلها خلسةً‏ وأخاطبُ فيها حفيفَ الهواءِ‏.. إذا عبرتْ فيه يوماً تديرُ على راحتيها‏ الغمامْ.‏. أغادرها وأنا مطمئنٌّ إلى أنَّ شاعرها المتشرِّدَ‏ ما ضلَّ حين غوى‏ وأنَّه ما زال كالنَّجم لما هوى‏ وما بين نافِذَتَيْنِ أقامْ.‏

دنايا الترابْ

في الزمان الرديءْ‏.. في زمان الرذيلةْ‏.. حين روحي تضيءْ‏.. أَلتقيني..‏ مبحرٌ أنا فيَّ.. في أتون النزيف، إلى آخر العبراتِ‏.. أوحِّد بيني وبين الخليقةِ‏.. أقرأ عن ثلّة الطينِ‏ إيماء ضوء كبا في الفضاءِ‏ وأسمع شكوى البسيطةِ‏ كم لوَّثتْها دنايا الترابْ!…‏

الدليل

في الزمان الخرابْ‏.. كنت أشعل قلبي‏ وأُشمس في الظلمة الحجريةِ‏.. كانوا على عجل يغفلونَ‏ وكنتُ وجدتُهم مثلي.. كيف لم يبصروني؟‏ كنتُ وحدي أضيءُ‏.. ووحدي أقشّر عنهم الزمانْ‏.. في الزمان الأخير وُلدنا‏ لنعلن أنَّا النداء الأخيرُ‏.. وفي غمرة الكشفِ‏ أغمضتُ جفنيَّ قهراً..‏ وها أنا وحدي أضيءْ‏.. في الزمان الرذيل‏.. كنت أبحث عني‏ حين ضاع الدليلْ.‏

حرية

ويكون أن أشدو كعصفورِ‏ في ساحة البلدةْ‏.. ويكون أن أغفو على وردةْ‏ لأفوح بالأشعارْ‏.. ويكون أن أتقمّص الأصفرْ في بحثيَ المطلقْ‏ عن سدرة النورِ‏.. ويكون أن أستنسخ الشيطانْ‏ وأراود الأنقى‏ عن قطف معصيتي‏.. ويكون أن أمشي على شفتي‏ في حقل ألغامِ‏.. ويكون لي أن أكمل اللعبةْ‏.. اللعبة الصعبةْ‏.. وأجرّد الأفكارْ‏ من لثغة الحسِّ‏.. ويكون أن آتي على نفسي‏ وأفرّ من لغتي..‏ ويكون لي..‏ ويكون…‏ لكنني أبقى‏ حراً بأوهامي.‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *