إقليميات

أمريكا تٌقرُّ بفشلها أمام اليمن فهل توقف الحرب أم تستمرّ مُستعينةً بوسطائها؟

بقلم زينب عدنان زراقط

منذ أواخر تشرين الأول/ أكتوبر 2023م دخلت صنعاء الحرب إلى جانب المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني الذي يشن حرب إبادة جماعية في قطاع غزة بدعم أمريكي غربي فاضح. وأعلنت القوات المسلحة اليمنية حظر عبور كافة السفن “الإسرائيلية” أو المرتبطة بكيان الاحتلال أو المتجهة إليه، في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، وبعد استقدام الولايات المتحدة لأساطيلها الحربية إلى المنطقة لحماية “إسرائيل” والعدوان على اليمن بأوامر من الرئيس الأمريكي ترامب، أدرجت قوات صنعاء السفن العسكرية والتجارية الأمريكية والبريطانية ضمن قرار الحظر البحري.

وبدأت الحملة الأمريكية عدوانها العسكري على اليمن منذ أكثر من شهرين، باستعانة ثلاث حاملات طائرات نووية تعتبر الأقوى في العالم وثماني قاذفات استراتيجية B 2 وعشرات من طائرات F 35 F 16 MQ_9 الحربية والمئات من طائرات التجسس المتنوعة والحديثة إضافةً إلى صواريخ تكتيكية اهتزازية وارتجاجية خارقة للتحصينات….. والنتيجة؟!. لا يزال البحر الأحمر مغلقاً والصواريخ تنطلق باتجاه الكيان الإسرائيلي، لم يستطيعوا إضعاف قدرات المقاومة اليمنية هناك حتى بنسبة واحد بالمئة ولم يستطيعوا الوصول حتى إلى أصغر قيادي في اليمن، “الحوثيون” هزئوا بالتكنلوجيا الأوروبية والأمريكية وأذلّوا استكبارهم وجبروتهم.

قالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية إنّ الحملة المكثفة في اليمن التي تجاوزت كلفتها مليار دولار خلال 5 أسابيع، فشلت حتى الآن في تحقيق أي من هدفيها المعلنين: “استعادة حرية الملاحة إلى الكيان الصهيوني في البحر الأحمر وإعادة فرض الردع”، إلا أنّ الملاحة عبر البحر الأحمر لا تزال متعثرة كما كانت. وفي غياب فاضح للشفافية في أكبر استعراض للقوة العسكرية الأمريكية باليمن خلال ولاية ترامب الثانية، حيث لا مؤتمرات صحفية تُعقد حول الحرب، والقيادة المركزية تكتفي بنشر فيديوهات دعائية من على متن حاملات الطائرات!، تنقل المجلة أنّ الأمر الأكثر إثارة للقلق هو وتيرة العمليات الأمريكية بما في ذلك الضربات المستمرة التي تنفذها مجموعتا حاملات طائرات أمريكية، والتي تستهلك ذخائر دقيقة التوجيه تُعتبر محدودة لدى البحرية الأمريكية!.

ما يحدث اليوم لأمريكا في اليمن، وخصوصاً في مياهه الإقليمية وما بعدها في البحر الأحمر وفي البحر العربي والمحيط الهندي وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط وإلى كل نقطة في فلسطين المحتلة، وما لحق بحاملات الطائرات الأكبر من “آيزنهاور” ثم “إبراهام لينكولن” وصولاً إلى “ترومان” وطائرات الـ MQ-Reaper…، هو ليس فشلاً ولا إخفاقاً في تحقيق أهداف عدوانها المباشر، بل هو عجز تام عن حماية نفسها وسفنها الحربية وبوارجها وحاملات طائراتها، ناهيك عن حماية كيان العدو الصهيوني أو تخفيف الحصار اليمني البحري عنه أو منع ضربه في كل مناطق فلسطين المحتلة أو القضاء على قدرات القوات المسلحة اليمنية أو إضعافها.

ترامب يتهم الصين بدعم الحوثيين!

حتى وصل الأمر بالرئيس الأمريكي الادعاء بأن الصين تدعم اليمن! بينما سخرت وسائل إعلام صينية من مزاعم إدارة الرئيس الأمريكي “ترامب”، حيث نشرت شبكة قنوات “فينيكس” الصينية منذ يومين تقريراً جاء فيه أنه “في الآونة الأخيرة، بدأت الولايات المتحدة في استخدام حيلها القديمة مرة أخرى”. مشيراً إلى أن أمريكا في مواجهتها للهجمات اليمنية ضد السفن الحربية وكذلك الأمريكية في البحر الأحمر “لم تفشل في قمع الحوثيين من خلال الضربات العسكرية، فحسب، بل ألقت اللوم على الصين”. حيث أن الولايات المتحدة تقول إن هجوم الحوثيين على حاملة الطائرات والسفن الحربية والتجارية الأمريكية، تم بمساعدة أقمار صناعية مرتبطة بالجيش الصيني ولذلك هي تعاني من انتكاسات في الشرق الأوسط وتتعرض دائماً لهجمات ناجحة من جانب الحوثيين، لأن الأقمار الصناعية الصينية قوية للغاية. ووصف التقرير الصيني العمليات اليمنية في البحر الأحمر، بأنها “لامست بشكل مباشر أعصاب الولايات المتحدة في الشرق الأوسط”.

وأكد الإعلام الصيني أن الفشل الأمريكي المفضوح في اليمن، دفع بواشنطن إلى إلقاء اللوم على بكين، من خلال اتهام الأقمار الصناعية الصينية بمساعدة صنعاء في الهجمات على حاملة الطائرات الأمريكية والقطع العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر معتبرين أن “هذا المشهد أضر بصورة “شرطة العالم” ووقع الجيش الأمريكي في مأزق محرج”.

هل تستعين أمريكا بوسطائها الإقليميين؟

في سياق موازٍ، نشرت “شبكة أخبار الصين” ووكالة “شينخوا” تقريراً حول الأنباء المتداولة والتي تفيد بأن الولايات المتحدة تخطط لدعم “مليشيات” موالية للسعودية والإمارات ضد القوات المسلحة اليمنية. وأكّد التقرير أنه وبناء على سجلات المعارك السابقة، يبدو من المستحيل تقريباً هزيمة قوات صنعاء بالاعتماد على مليشيات الحكومة التابعة للسعودية والإمارات. وأشار التقرير إلى أنّ الولايات المتحدة “نشرت في الوقت الحاضر، حاملتي طائرات وست مدمرات صواريخ وما لا يقل عن ست قاذفات من طراز (بي-2) وعدداً كبيراً من طائرات الهجوم من طراز (إيه-10) ومقاتلات الشبح من طراز (إف-35) حول اليمن. ونفذت غارات بحرية وجوية على مناطق سيطرة صنعاء بقنابل تصل حمولة الواحدة إلى آلاف الأطنان”. وأكد أن “القصف الأمريكي الأخير تجاوز نطاقه العسكري. وتم إدراج المرافق المدنية مثل المطارات والأرصفة والمحلات التجارية والمباني السكنية ومحطات الطاقة ومستودعات الوقود ومشاريع الحفاظ على المياه كأهداف”.

في النهاية، عقدة العدو تكمن في فتح ميناء إيلات – فهو الخاصرة التي تؤلمه -، ليتبيّن أنّه لا بالقصف، ولا في الحصار الإعلامي، ولا في أساطيل أمريكا، التي ذابت هيبتها في بحر العرب استطاعوا استعادة حركة ملاحة سفنهم في البحر الأحمر من – وإلى “إسرائيل”.

أمّا الحل الجليّ والمعلوم فهو يكمن فقط بوقف العدوان على غزة، ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، فمتى سوف يعترف بذلك ترامب؟ أم أنه يبحث عن مخرجٍ ما بإدراجهم موضوع اليمن ضمن المفاوضات مع إيران؟ أم يبحث عن تصعيد واستمرارٍ في نهج الحرب والإبادة من وراء زيارته المعلنة في منتصف الشهر المقبل إلى السعودية والإمارات؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *