حبر على ورق 494
بقلم غسان عبد الله
مساحةُ الغروب
ينطفئون كما نجومُ الليلِ في آخرهِ.. نجمةً فنجمة.. أحالوا أُفْقي موحشاً من أقماره.. وتركوني كـ (ثُريّا) عاطلة.. كابياً بدونهم بدوتُ.. بكيتُ أكثرَهَم.. حننتُ لبعضهم.. كاتبتُ بعضهم فلم يكاتبني.. وكاتبني البعضُ مرةً.. ثم تلاشى في بحيرةِ الغروب.. قلت لنفسي ذاتَ صراحةٍ هل ستكونين مثلهم إذا غربتُ يوماً ما؟! فتبسّمت ضاحكةً من قولي.. عتبتَ أم لم تعتبْ هي ذي آجالُهم وذي مساحةُ الغروبِ آخذةٌ بالاتساع.
سحابةُ الحُلم
انتظرتُها طويلاً.. ولم تأت سحابةُ الحُلْمِ.. مطراً أو قطراتٍ.. بطاقةُ اليانصيب تُخطئني أرقامُها الدائرة ورسائُل المغتربين تنتظرُ الإرسالَ المجانيَّ.. وأطيافُ العراقِ المغرِقةُ في البعدِ، ونيسانُ الذي لم يخطر ببال حديقتنا منذ ثلاثين خريفاً، والقريةُ التي كانت حاضرةَ النهرِ تحملْ مع كلّ غروبٍ زهوَ الطلعِ ودخانَ التنانير القصيّةِ يتغشّاني رحيقُ خبزِها فيستافُهُ جوعي ارتعاشاً على ضفةِ النهرِ الأخرى!.. انتظرتُها طويلاً.. هل تحتاجُ إلى قرنٍ آخر؟!.
غروب الأهل
وفجأةً في سماء القلبِ يُومضُ وجهُ أخيه.. وفجأة في الأفق المائيّ البعيد يلوحُ له وجهُ أمُّهُ.. وفجأة.. وهو يحاولُ أن يلملمَ دهشتهُ.. تَغِيمُ سماءُ القلبِ ويربدُّ الأفقُ المائي.. تلفَّتَ وهو يُفيقُ من سكرةِ الحلم.. لا شيء عن يمينهِ لا شيء عن شماله!!.
صفحة أخيرة
ليس فقط المرآةُ من أخبرني بذلك.. طفليَ الذي يلهو بشعري وبلحيتي.. وهمّتي التي كانت تجنحُ بي أن نرودَ الآفاقَ غير المستكشفة من قبل استكانت.. والوهنُ ينتقلُ من الدبيبِ إلى العَدْوِ.. وإحساسٌ يتنامى أنّ النهايةَ قريبةٌ وشمعةَ العمرِ سال أكثرُها وذي صفحاتُ كتابي تلاحَقَتْ… متى أتوقفُ عن الصدور؟!.. ومن سيقرأ صفحتي الأخيرة على لوحةِ إعلاناتِ الموتى الغرباء!!.
