مفهوم النصر انطلاقاً من ثورة الإمام الحسين(ع)
عندما نريد أن ندخل إلى رحاب أبي عبد الله الحسين (ع) يجب علينا دائماً أن نكون تلاميذ في هذه المدرسة، نتعلم منها ما يفيدنا في هذه الأيام، ونحن نمر اليوم بمرحلة صعبة جداً جداً، وفيها الكثير مما يشبه ما حصل مع الإمام الحسين (ع)، وهذا ما سأبينه خلال هذه المحاضرة إن وفقني الله لذلك.
هناك سؤال دائماً يسأله الناس، والأجيال المتعاقبة أنه فيما بين الإمام الحسين(ع) ويزيد، من الذي انتصر؟ هل انتصر الحسين(ع)؟ وكيف يكون منتصراً وقد استشهد هو وجميع من كان معه؟ أم أن يزيد هو الذي انتصر؟ لا بد في البداية من أن نحدد مفهوم النصر ما هو النصر؟ النصر هو أن تحقق الأهداف التي من أجلها افتعلت المعركة، والهزيمة هي أن تفشل في تحقيق أهداف معركتك، إذاً المسألة مرتبطة في تحقيق أهداف المعركة وليست مرتبطة بعدد الشهداء وسواء استشهد الجميع أو استشهد البعض ما دامت أن الأهداف قد تحققت، إذا أردنا أن نرجع إلى الصراع في ذلك الوقت، كان صراعاً بين ما يسميه المفكرون أو المؤرخون ما بين البيت الهاشمي والبيت الأموي، هو في حقيقته صراع بين الحق والباطل، المسألة ليست مسألة بيوت، ولكن هذا الذي اعتادوا على تسميته.
بنو أمية من هم؟ بنو أمية هم الذين شنوا حرباً شعواء على رسول الله (ص)، من أجل أن لا يحقق هدفه في نشر رسالة الإسلام، وخاضوا ضده معارك كان على رأسها أبو سفيان، من أحد إلى بدر إلى كل هذه المعارك، وكان الهدف أن لا يصل محمد (ص) إلى ما يريد، وعندما وصل محمد(ص) إلى ما يريد، ماذا يقول أبو سفيان للعباس بن عبد المطلب؟ يقول قد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً، المسألة مسألة ملك، ليست مسألة دين، ومسألة شيء جاء من عند الله عز وجل، لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيم، لذلك أبو سفيان لم يؤمن حتى بعد أن مكن الله عز وجل محمد(ص) ودخل إلى مكة فاتحاً، ووقف في داخل مكة يقول ما تظنون أني فاعل بكم؟ ماذا قالوا له، قالوا له أخ كريم وابن أخ كريم، قال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء..
لذلك زينب(ع) عندما تقول ليزيد يا ابن الطلقاء كي تذكره أنه نحن أطلقناكم، لو كان محمداً(ص) يريد أن ينتقم منكم وأعمل السيف في رقابكم ما بقي منكم أحد، لكن ليس هكذا هو الاسلام، ليس هكذا هو الدين، الدين ليس دين انتقام، الدين دعوة، لذلك آلت الامور والناس لم تنفذ وصية الله عز وجل لرسوله بخلافة علي بن أبي طالب(ع) إلى أن وصل الأمر إلى الخليفة الثالث، فدخل أبو سفيان إلى مجلسه يتوكأ على غلامين له، وكان قد أصابه العمى ووصل إلى مرحلة كبيرة من العمر ماذا قال لهم؟ “تلقفوها يا بني عبد شمس تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان ما من جنة ولا نار، تلقفوها يا بني عبد شمس، بني أمية تلقف الكرة، الزعامة وصلتكم الآن (فوالذي يحلف به أبو سفيان) ليس الله، لم يقل فوالله “فوالذي يحلف به أبو سفيان ما من جنة ولا نار” والذي ينكر الجنة والنار ماذا يكون؟ بإجماع المسلمين “كافر”.
أهداف بني أمية
إذاً المسألة مسألة ملك، وصل الأمر إلى معاوية، الذي قال عنه رسول الله (ص) إن رأيتم هذا يعتلي منبري فأبقروا بطنه، اقتلوه، لا تجعلوه يصل للسلطة، كان يعلم ماذا سيفعل، لما وصل الأمر إلى علي بن أبي طالب (ع) عزله عن ولاية الشام، ماذا فعل؟ عصى أمر خليفة المسلمين في ذلك بإجماع المسلمين، هل يوجد أحد مختلف، بالبداية اختلفنا لا بأس، لكن عندما وصل الأمر إليه كان هناك إجماع عند المسلمين على أنه ولي أمر المسلمين، ومخالفة ولي أمر المسلمين كفر، خالفه وخرج عليه بالحروب ورفع المصاحف على رؤوس الرماح خديعة، لكن علي بن أبي طالب (ع) لا يقدر إذا رُفعت المصاحف والدعوة إلى التحكيم بأمر الله أن يقول له “لا”، خصوصاً أنه كان يعلم بأنه خداع، فحصلت بلبلة بين جنوده، فلم يرد أن يفتح معركة داخلية، فنزلوا عند التحكيم، وعرفتم الذي حصل فيما بعد، إلى أن وصل الأمر إلى الإمام الحسن (ع)، الإمام الحسن (ع) أيضاً خذله الجند واضطر إلى أن يصالح، (أنا اختصر المراحل الزمنية) واضطر أن يصالح معاوية، بعد أن صالحه دخل معاوية إلى الكوفة، ووقف في أهل الكوفة خطيباً، قال لهم هل تظنون أني قاتلتكم من أجل أن تصلوا أو تصوموا أو تحجوا أو تزكوا وأنا أعلم أنكم تفعلون ذلك؟ والله ما قاتلتكم إلا لأتمر عليكم، المسألة مسألة حكم، كرسي، خلافة، زعامة، الإمام علي (ع) ما هي نظرته للزعامة؟ كان يخصف نعله، جاءه أحدهم فقال له: “والله إن إصلاح نعلي هذا أفضل عندي من ولايتكم إلا أن أقيم حقاً أو أزهق باطلاً“، الإمام كانت الكرسي عنده مثله مثل النعل، حتى النعل كان أهم منها عنده، نحن نرى الكراسي ماذا تفعل بالعالم الأب يقتل ابنه لأجل كرسي، دخل معاوية عليهم ليتأمر عليهم، وقد اتفقوا أنه بعد موت معاوية يصل الأمر إلى الحسن (ع) فإن كان الإمام الحسن (ع) ميتاً يصل الأمر الى الإمام الحسين (ع) هذا الاتفاق، هذه المعاهدة، فلنلتزم بالمعاهدة. عندما شعر أن الموت قرب من معاوية أوصى الحكم لابنه يزيد، وأرادوا أخذ البيعة من الحسين (ع) بالقوة، ماذا كان رد الإمام الحسين (ع)؟ “إن يزيداً هذا فاجر غادر قاتل للنفس المحترمة لاعب بالقردة والخنازير شارب للخمر ومثلي لا يبايع مثله” هذا الإمام الحسين (ع) لا يبايعه، خرج إلى القتال، خرج بالأصل بناءً على طلب البيعة من أهل الكوفة، وصل إلى كربلاء واستشهد.
الإمام الحسين (ع) أُدخل رأسه الشريف إلى مجلس يزيد بن معاوية، فقال:
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأثل
إذاً لأهلوا واستهلوا ثم قالوا يا يزيد لا تشل
لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل
قال لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل، أنكر جبريل وأنكر الرسالة وأنكر الإسلام، وكأنه قال بالشرح، جاء محمد (ص) وسخر منكم، محمد أخبركم عن وجود الله وعن جبريل ونزل بالملائكة والخ.. واخترع الإسلام ليصبح حاكماً عليكم، وها نحن نزعنا الحكم والإسلام منه وأصبحت أنا الحاكم عليكم.
إذاً أهداف بني أمية كانت أن لا تعم رسالة الإسلام، وأن تنتهي رسالة الإسلام، وأن ينتهي ذكر الله عز وجل، أما هدف الإمام الحسين (ع) فأعلنه عند خروجه قال: “والله إني ما خرجت أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله (ص)، أريد أن أعمل بسنة رسول الله وأبي أمير المؤمنين، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي أصبر حتى يحكم الله بيني وبين القوم والله خير الحاكمين“، إذاً هدف الإمام الحسين (ع) كان الإصلاح، يصلح ما فسد من أمور المسلمين، هدف معاوية وأهل بيته هدف يزيد هدف أبو سفيان كان الحكم والسلطة وإنهاء ذكر أهل البيت (ع)، وإنهاء ذكر الإسلام، هل تريدون معرفة من انتصر؟ اسمعوا إمامكم زين العابدين ماذا يقول، قال جعفر بن محمد الصادق ع أنه عندما جاء علي بن الحسين إلى المدينة المنورة استوقفه إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله وسأله من انتصر يا زين العابدين؟ من انتصر؟ قال: “إذا أردت أن تعرف من انتصر فإذا دخل وقت الصلاة فأذن وأقم” يعني بني أمية كان هدفهم أن يلغوا الأذان، ويلغوا الإقامة، وينهوا الإسلام، فبقي الأذان وبقيت الإقامة ووصل ذكر محمد وآل محمد إلى اليوم، إذن من انتصر؟ الذي انتصر هو الذي تحقق هدفه وهو الحسين بن علي (ع) مع أنه استشهد هو وجميع من معه، العبرة إذن ليس بالعدد الذي يستشهد، ربما في بعض الأحيان الكل يستشهد والمستشهدون هم المنتصرون. عندما أدخلت زينب عليها السلام على ابن زياد، قال ابن زياد ما رأيتِ فعل الله بأخيكِ وأهل بيتكِ؟ قالت: “مَا رَأَيْتُ إِلَّا جَمِيلًا، هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ فَبَرَزُوا إِلَى مَضَاجِعِهِمْ، وَسَيَجْمَعُ اللَّهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ فَتُحَاجُّ وَتُخَاصَمُ، فَانْظُرْ لِمَنِ الْفَلْجُ يَوْمَئِذٍ، ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ مَرْجَانَةَ“. فانظر لمن الفلج، ما معنى الفلج؟ هو الفوز والنصر، يعني نحن انتصرنا، وستعلم يوم القيامة إنه نحن الذين انتصرنا. وقالت ليزيد: “فكِدْ كيدَك، واسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدك، فوَاللهِ لا تمحو ذِكْرَنا، ولا تُميت وحيَنا، ولا تُدرِكُ أمَدَنا، وهل رأيُك إلاّ فَنَد، وأيّامك إلاّ عَدَد، وجمعك إلاّ بَدَد!! يوم ينادي المنادي: ألاَ لَعنةُ اللهِ علَى الظالمين“. إذاً ماذا كان هدف يزيد؟ أن يمحو ذكرنا، ذكر الرسول وأهل البيت، لكن لن تمحو ذكرنا.
سؤال بسيط نسأله للناس العاديين، عندنا فتاة صغيرة اسمها رقية عمرها 3 سنوات توفيت بضاحية من ضواحي الشام انظروا لمقامها كم هو عظيم، أين قبر معاوية؟ أفي مكان تعلموه؟ أنتم تعرفون سأنزّه المنبر عنه؟ أما يزيد لا يوجد له قبر، يُقال إنه مات بجبل عامل، هنا قتله أحد أولياء أهل البيت عليهم السلام.
أنا أحببت أن آخذ برأي أهل السنة بهذا الموضوع، فوجدت أنه من أفضل مفكري أهل السنة (سيد قطب) سيد قطب عالم كبير وزعيم من زعماء حركة الإخوان المسلمين يفسر قوله تعالى: قال الله عز وجل: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ {غافر/51}
يقول السيد قطب، فهمنا أن ننصر الذين آمنوا بالآخرة ندخلهم إلى الجنة صح؟ إذاً كيف ينصرهم في الدنيا؟ إن وعد الله قاطع جازم ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ فبينما يشاهد الناس أن الرسل منهم من يقتل ومنهم من يهاجر من أرضه وقومه، مُكذباً أو مطروداً وأن المؤمنين فيهم من يُسلم في العذاب وفيهم من يلقى في الأخدود، وفيهم من يستشهد، وفيهم من يعيش في كرب وشدة واضطهاد فأين وعد الله لهم بالنصر في الحياة الدنيا؟ كيف؟ ما من شك في منطق العقيدة أنه إبراهيم ع عندما ألقي به إلى النار، ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ في الوقت الذي ألقي به في النار كان منتصراً، وعندما وقع في النار كان منتصراً، إنه كان في قمة النصر وهو يُلقى في النار كما انتصر مرة أخرى وهو ينجو من النار، هذه صورة، والحسين رضوان الله تعالى عليه، هنا بيت القصيد، والحسين رضوان الله تعالى عليه وهو يستشهد في تلك الصورة العظيمة من جانب، أنظروا كلام دقيق، سيد قطب عالم كبير، والحسين رضوان الله عليه وهو يستشهد في تلك الصورة العظيمة من جانب، والمفجعة من جانب آخر، أكان هذا نصراً أم هزيمة؟ في الصورة الظاهرة وبالمقياس الصغير كانت هزيمة، أما في الحقيقة الخالصة أو بالمقياس الكبير فقد كان نصراً، “فما من شهيد في الأرض تهتز له الجوانح بالحب والعطف وتهفو له القلوب وتجييش بالغيرة والفداء كالحسين رضوان الله تعالى عليه، يستوي في هذا المتشيعون وغير المتشيعين”. السيد قطب قالها.
من المسلمين وكثير من غير المسلمين كغاندي الذي يقول: “علمني الحسين كيف أكون مظلوماً فانتصر”، وكم من شهيد ما كان يملك أن ينصر عقيدته ودعوته ولو عاش ألف عام كما نصرها الحسين (ع) باستشهاده، فكم من شهيد وكم من داعية لو بقي ألف سنة يعمل بالدعوة فما استطاع أن يحصل الذي حصَّله الإمام الحسين (ع) باستشهاده، هذا نصر أو هزيمة؟ هذا هو النصر.
عندما كلفنا الله عز وجل بالجهاد لم يكلفنا بالنصر، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ {الصف/10} تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {الصف/11} يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ {الصف/12}. إذاً أنتم مطلوب منكم أن تجاهدوا، والله يعطيكم بناءً لجهودكم جنة عرضها السماوات والأرض. وموضوع النصر؟ ﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ {الصف/13}.
هذا الشي الآخر الثاني، ليست الأولى، فالأولى هي أداء التكليف إما أن انتصر من وراء أداء التكليف أو لا؟ هذه من عند الله، إنما النصر من عند الله يؤتيه من يشاء، ليس دائماً نكون نحن منصورين.
زوال الكيان الصهيوني
لننتقل إلى واقعنا الحالي، الإمام علي ع يقول: “الحرب سجال، فيوم لنا من عدوّنا، ويوم لعدوّنا منا” هذه معركة سجال، كيف كان الصراع بين بني أمية والإمام الحسين وأهل البيت عليهم السلام؟ كذلك هناك صراع مع اليهود يمتد إلى اليوم الذي طردهم فيه رسول الله (ص) من الجزيرة العربية، نحن صراعنا لم يبدأ مع العدو الصهيوني في العام 1948 عندما احتلوا فلسطين، صراعنا مع العدو الصهيوني أنهم يريدون بناء دولتهم من النيل إلى الفرات والقضاء على أمة الإسلام منذ محمد (ص)، لذلك هذه حرب فيها معارك عدة، في بعضها ننتصر، وفي معارك لا ننتصر، لماذا؟ لأن سيدنا وعزيزنا السيد حسن رضوان الله عليه يقول: “نحن إذا انتصرنا، انتصرنا وإذا استشهدنا انتصرنا” قاموسنا ليس فيه هزيمة، لكن المهم أن نؤدي التكليف، أحياناً الله يضعفنا لماذا؟ كي نستيقظ. الله صفع المؤمنين مرتين، المرة الأولى بأحد، قال لهم النبي يجب أن تبقوا على الجبل وممنوع أن تنزلوا، خالفوا أمر الرسول (ص) فهزموا، تعاقبوا، هزموا لأنهم خالفوا التكليف، أما المرة الثانية المسلمين بكل حياتهم وبكل معاركهم كانوا قلة، ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ {آل عمران/123} ليس أقلة ولكن أذلة أي ذليلين.
﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ﴾ {التوبة/25}.
يوم أصبح المسلمون كثراً أصبح لدينا صواريخ وأصبحنا 100 ألف مقاتل، أين الله؟ الله أين؟ ماذا فعلت هذه الصواريخ؟ دعونا نتكلم بصراحة، أتعلمون من الذي قام بعمل وقلب المعادلة بمعركة البأس الشديد هم المجاهدون الذين اعتمدوا على الله بالخيام، الذين ركنوا لله عز وجل، وأعاروا لله جماجمهم وتدوا في الأرض أقدامهم، هم طلبوا النصر من الله فنصرهم الله مع أن معظمهم استشهد.
إذاً العبرة التي يجب أن نأخذها من هذه الحرب، أن لا ننسى دائماً أن الله معنا ينصرنا إن نصرناه حقاً، إن اعتمدنا عليه حقاً، وهذه المعركة سجال، مرت هذه المعركة وستأتي معركة ثانية، وستأتي ثالثة، ولن تنتهي هذه المعارك إلا بزوال الكيان، لن تنتهي هذه المعارك إلا بزوال هذا العدو، وسيكون زوال الكيان الصهيوني على أيدينا إن شاء الله بقيادة القيادة المظفرة لولي أمر المسلمين الإمام السيد علي الخامنئي.
﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {آل عمران/139} إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ {آل عمران/140}.
يوم لنا من عدونا ويوم لعدونا منا لا أريد أي أحد منكم أن يشعر أنه هُزم ولا واحد منكم يشعر أنه ضعف ما زال لدينا القدرة على أن نحارب مرة أخرى، وأن ننتصر مرة أخرى، فعندما هببنا في العام 1982 لم يكن لدينا أي سلاح ولم يكن لدينا أي قدرات، كان لدينا بضع قطع كلاشنكوف وبضع قذائف 7B أكثر من هذا لا يوجد معنا، لم يكن لدينا طائرات مسيرة ولا معنا زلزال ولا لدينا فاتح ولا معنا شيء، وهزمنا إسرائيل لماذا؟ لأننا نؤمن بالله ولدينا قوة عظيمة لا يمتلكها العدو وهي الإيمان بالله عز وجل، وأيضاً سنعود للإيمان بالله عز وجل، وسننتصر على عدونا وسيكون ذلك قريباً، قل متى هو، عسى أن نراه قريباً إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب، والحمد لله رب العالمين.
كلمة رئيس الهيئة الإدارية سماحة الشيخ الدكتور حسان عبد الله التي ألقاها في جمعية التعليم الديني الإسلامي بذكرى عاشوراء 1447 هجرية

