إقليميات

“جارة السوء مصر”.. أكبر اتفاقية مع إسرائيل خلف معبر “رفح” المُغلق!

بقلم زينب عدنان زراقط

 الرئيس المصري “السيسي” بحكمه الجائر يمنع مرور المُساعدات لقطاع “غزّة” ويُمعن بالتعاون المباشر مع الاحتلال، والحبل على الجرار مع دول الخليج من المملكة العربية السعودية ممثلةً بولي عهدها “محمد بن سلمان” إلى دولة الإمارات المتحدة ومشيختها “محمد بن زايد” الممولين الأساس لإسرائيل ومشروعها.

هذا التخاذل العربي بـ “ساسته”، هو الجسد المنبطح الذي تدوس عليه أمريكا وإسرائيل كي يشبّوا ويتطاولوا على حركات المقاومة في المنطقة للقضاء عليها، واغتصاب الأرض ونهب ثرواتها. ما تفاصيل أكبر اتفاقية “غاز” بين مصر وإسرائيل التي أُبرمت منذ أيام وحساسية توقيتها ومآلته؟ وكيف تلعب مصر والسعودية خصوصاً دوراً أساسياً في كسر الحصار اليمني المفروض على السُفن الإسرائيلية لمدّها بالسلاح؟!!.

مصر تحاصر غزة وتتشارك مع إسرائيل

تعمُّد إغلاق معبر رفح من قبل النظام المصري لا يعكس فقط سياسة أمنية، بل هو قرار سياسي متعمد أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، حيث تُمنع آلاف الشاحنات المحملة بالمساعدات من دخول القطاع، في ظل أسوأ مجاعةٍ وتلاشي الجسد حتى الموت. هذا الإغلاق يوضح كيف يمكن للسياسة أن تصبح أداة للعقاب الجماعي، ووسيلة “قتل” مُغايرة عن السلاح. فضيحة معبر رفح هي جزء من مخطط إقليمي سياسي واقتصادي لتقسيم غنائمه على حساب معاناة الشعب الفلسطيني.

حتى يفضح بعض الناشطين المصريين وجود عمليات سرقة واسعة للمساعدات التي تصل إلى المعبر، حيث تُفرغ الشاحنات من محتوياتها ويتم بيع المواد الغذائية في السوق السوداء المصرية، أو تُترك لتتلف. هذا الأمر يشير إلى فساد منهجي داخل آليات إدخال المساعدات، ما يحولها من دعم إنساني إلى مصدر ربح لبعض الأشخاص على حساب أرواح مئات الآلاف من الغزاويين الجوعى.

الموقف المصري ليس فقط توجهاً سياسياً تجاه القضية الفلسطينية، بل هو مرتبط بمصالح وتفاهمات مع إسرائيل، كما يظهر في صفقة الغاز والاتفاقيات الاقتصادية الأخرى، التي تضع مصر في شراكة استراتيجية مع إسرائيل على حساب الفلسطينيين.

وخلال هذا الشهر الجاري أُبرمت الصفقة الأكبر في تاريخ التصدير الإسرائيلي، اتفاقية “غاز” بين مصر وإسرائيل التي تبلغ قيمتها 35 مليار دولار، تمَّ توقيعها منذ أيام، على وقع أنين الجوع والعطش وبصورة الأجساد “العظمية” الهزيلة في غزة، مُستغيثين: “هلاَّ فتحتِ يا مصر باب الزنزانة التي توصيدين على قطاع غزة؟”. ليأتي خبر هذه الاتفاقية – “كالنار يُصبُّ على الجُرح” – بالتزامن مع مُصادقة الحكومة الإسرائيلية على “خطة احتلال كامل لقطاع غزة، الهدف منها تفكيك كتائب حماس وتحرير الرهائن، مع تسليم إدارة القطاع لاحقاً لقوة عربية أو سلطة مدنية محلية” في 7 أغسطس 2025.

حيثُ أعلنت شركة New Med Energy، الشريكة في حقل الغاز البحري الإسرائيلي ليفياثان، عن توقيع صفقة بقيمة 35 مليار دولار لتوريد نحو 130 مليار متر مكعّب من الغاز الطبيعي إلى مصر حتى عام 2040 أو حتى استكمال الكميات المتعاقد عليها وذلك بحسب ما أكدته عدة مصادر، من بينها رويترز وفايننشال تايمز.

بينما تُستخدم وسائل الإعلام الحكومية والخارجية لتغطية الفضيحة عبر تقديم صور مزيفة لشاحنات فارغة أو الترويج لرمي المساعدات بواسطة مظلات، ما يخلق انطباعاً كاذباً عن وجود مساعدات كافية، بينما الواقع مغاير تماماً. إنه استكمالٌ لمشهد المذلة والمهانةِ، حيث أصبحت المساعدات في غزة تُلقّب بكمائن الموت، إمّا برصاص الاحتلال والجنود الأمريكان أو بمظلّاتٍ قاتلةٍ تُرمى على رؤوس الغزاويين بعشوائية تم توثيقها وهي تقتل عشرات الأشخاص لوقوعها عليهم. هذا الواقع المرير الذي يُعاني منه الفلسطينيون هو نتاج الحصار المصري الذي يُقفل باب النجاة الوحيد عنهم، وهو “معبر رفح” الحدودي!.

مصر والسعودية يمدّون إسرائيل بالسلاح

 الدول العربية لم تمنع فقط دخول المساعدات إلى غزة ولم ينصروها لا بموقف ولا كلمة أو مبادرة، بل بإمعانٍ صارخ يتعاونون مع العدو الإسرائيلي لدعمه على كافة الصُعد، إن كان بالمال أو السلاح والدعم اللوجستي حتى لم يتوانوا عن دعمه بخطوط الإمداد الغذائي.

على الرغم من الخطاب الرسمي الرافض للتطبيع، تكشف الوقائع عن تعاون سعودي مصري في تسهيل نقل الأسلحة من الإسكندرية إلى الأراضي المحتلة. هذا التعاون يدل على وجود تفاهمات سرية وروابط استراتيجية لا تعلنها هذه الدول شعبياً، خوفاً من الرأي العام وحدوث أي انقلاب داخلي على السياسة الحاكمة.

فعن طريق الصدفة، كشف عمال ميناء جَنَوَا الإيطاليون عن محاولة تهريب شحنة أسلحة أمريكية – سعودية عبر سفينةٍ “سعودية” تحمل العلم “السعودي” متجهة إلى إسرائيل عبر الموانئ العربية بشكل سرّي لكسر الحصار اليمني الذي يفرضه “الحوثيون” على إسرائيل، حيث رفضوا تحميل مدافع إيطالية إضافية عليها كما هو مُخطط له من بعد ما انطلقت من ميناء أمريكي محمّلةً بالذخائر العسكرية. وعندما توقفت السفينة في ميناء جَنَوَا لتحميل الأسلحة، عمال الميناء رفضوا التعاون وطردوها، ما اضطُرها للانطلاق إلى ميناء الإسكندرية في مصر، حيث ستنقلها سفينة مصرية إلى إسرائيل.

استخدام السعودية لميناء الإسكندرية المصري كنقطة تحميل أسلحة لإسرائيل يكشف عن شبكة معقدة من التنسيق بين أنظمة عربية وإسرائيل، حيث يتم استغلال الموانئ البحرية في المنطقة لتجاوز الحصار البحري المفروض من الحوثيين، وهو ما يشير إلى وجود تحالفات سرية تخالف المواقف العلنية لهذه الأنظمة. ما يفضح التنسيق بين بعض الدول العربية، وعلى رأسها السعودية ومصر، لتزويد إسرائيل بالسلاح على الرغم من الجهود الإعلامية السعودية التي تدّعي رفض التطبيع مع إسرائيل والاستنكارات المصرية الواهية حول “الإبادة الجماعية” في غزة.

هناك العديد من السفن التي لا يتم الكشف عنها وتُنقل بسرّية تامة بمساعدة بعض الدول العربية إلى إسرائيل والتي تساهم في كسر الحصار البحري المفروض من قبل الحوثيين، حتى خبر هذه السفينة تم التعتيمُ عليه، ولربما تم حظره عبر الإنترنت، في إمعان عربي على خدمة العدو الإسرائيلي بالخفاء…

وهكذا تلعب مصر دوراً محورياً في تسهيل نقل الأسلحة من ميناء الإسكندرية إلى الأراضي المحتلة، إما عبر المعابر البرية أو البحرية، فيما التمويل في شراء هذه الأسلحة هي أموال خليجية عربية، مثل السعودية والإمارات. كذلك التعاون الأمني بين السعودية وإسرائيل، بما في ذلك مشاركة الموساد في التحقيق مع المعتقلين الفلسطينيين في السعودية، وتنفيذ الإعدامات الدائمة بحق الناشطين ضد إسرائيل آخرهم 17 إعداماً بالسيف، بينهم صحفيون ومعارضون للتطبيع مع إسرائيل، ما يُبرز تشديد النظام السعودي على قمع المعارضة الداخلية وتثبيت سيطرته عبر أساليب قاسية.

بالإضافة إلى الخط البحري، هناك خط بري يمر عبر الإمارات والسعودية والأردن لتزويد إسرائيل بالمواد الغذائية وقطع الغيار، ما يعكس شبكة معقدة من الدعم اللوجستي الذي تتلقاه إسرائيل من بعض الدول العربية.

ختاماً، الحقيقة المريرة أن الأنظمة العربية باتت تريد القضاء على غزة بالكامل لتقاسم مواردها النفطية وغازها. والاتفاق المصري الإسرائيلي على الغاز وحساسية توقيته هو جزء من صفقة أكبر تشمل تسليم غزة لقوى عربية تحت الاحتلال الإسرائيلي، وهنا تُشار كُل أصابع الاتهام إلى مصر وتواطؤها المُباشر في بسط يد العدو الإسرائيلي باجتياح قطاع غزة. هذه الاتفاقية تعكس تحالفاً استراتيجياً يقلص دور المقاومة ويحول غزة إلى منطقة نفوذ عربية إسرائيلية مشتركة، ما يعيد رسم الخريطة السياسية في المنطقة لصالح الأطراف المشاركة.

ما يحدث في غزة من حصار، ومجاعة، وهدم للبنية التحتية لم يعد قضية إنسانية فقط، بل أصبح جزءاً من صراع نفوذ بين الأطراف العربية والإسرائيلية، حيث تستغل الأطراف هذه المعاناة لتبرير تدخلاتها وتقاسم الموارد، متجاهلين حقوق وشروط الشعب الفلسطيني. لقد كانت سوريا السقطة الأولى للبدء بمشروع “إسرائيل الكبرى” والتي تشمل وفق مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مناطق تضم الأراضي الفلسطينية المحتلة وجزءاً من الأردن ولبنان وسوريا ومصر.

ولكن إذا كان الساسةُ فاسدين، فإنَّ الوعي الشعبي والتحرك الجماهيري هو العامل الأساسي في أي تغيير وطني حقيقي.، فلما لا ينتفض أحرار الشعب المصري القادر على الضغط على حكومتهم وفتح المعبر ورفع الحصار عن غزة؟!!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *