البيئةُ وأثرُ التّدهور البيئي على حياةِ الإنسان ودوره الوجودي
نبيل علي صالح – كاتب وباحث سوري
يعيشُ الإنسان في محيط بيئي يتكون من أرض وهواء وماء وكائنات نباتية وحيوانية أخرى، ويمارس مختلف نشاطاته وفعالياته الفيزيولوجية فيه، فهو يأكل من الأرض والتربة التي يزرعها، ويتنفس الهواء (المفترض أن يكون نقياً) المحيط بها، ويعيش في منزل مشاد على قطعة أرض عليها..
ولا يمكن للإنسان أن يعيش ويتطور وينتج ويزدهر في حياته، من دون أن يكون واعياً لطبيعة التوازن العلمي الدقيق المفترض أن يتحقق في معادلة البيئة المتعددة العناصر السابقة، بحيث يؤثر فيها إيجاباً، فلا يستغلها، ولا يكسر توازناتها، ولا يتعامل معها بأنانية ومصلحة شخصية، وكأنه الوحيد الذي يستفيد من وجودها وفعالية توازناتها الدقيقة..
وبطبيعة الحال، البيئة المحيطة بنا، لا تقتصر على مجالات حيوية أرضية، قريبة منا، نراها ونلامسها ونتعامل معها مباشرة، بل تتعداها إلى عناصر ومفردات حيوية غاية في الأهمية الحيوية بالنسبة إلينا.. فالغلاف الجوي الأرضي، وكذلك الشمسُ والقمر مثلاً، بعيدون جداً عنا، ولكنهم مؤثرون على نحو كبير وعميق على حياتنا ووجودنا سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، سواء في علاقاتنا وسلوكياتنا النفسية والسلوكية وحتى المادية.. يعني هي مجموعة من العوامل الفيزيائية والكيميائية وحتى المعنوية التي تواجهنا في حياته فتؤثر في سلوكنا وخياراتنا وطبيعة تعاملاتنا العضوية والنفسية..
وبحسب موسوعات علمية عديدة، تعرف البيئة بأنها جملة العوامل والعناصر والمحددات الكيميائية والفيزيائية والأحيائية المحيطة بنا، وبعضها يعيش بين ظهرانينا، فتؤثّر – سواء بشكلٍ مباشر أو غير مباشرة – على حياة الإنسان وسلوكياته وبقائه واستمرارية وجوده الفاعل على الأرض.. ولكن هل بقي إنساننا – هنا في هذه المنطقة بالذات – وفياً لضرورات هذا التوازن مع مجاله البيئي الحيوي الذي يعيش ضمنه، ويتفاعل معه، سلباً وإيجاباً..؟!..
في الواقع، أرقام وإحصاءات خطيرة عديدة برزت خلال العقدين الماضيين من خلال ما ورد في كثير من التقارير العلمية، وخاصة منها تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية الوارد تحت عنوان: “الاقتصاد الأخضر في عالم عربي متغير“، حيث أشار هذا التقرير السنوي المهم إلى الكثير من مواقع ومواطن الاهتراء ومكامن الضعف التي تعاني منها كل اقتصادات البلدان العربية التي ساهمت بمجموعها في تدهور الأوضاع الاجتماعية للناس في عالمنا العربي. وأدت إلى استمرار حالة الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي، وزادت تباينات المداخيل في تفاقمه. وكما وتسببت التأثيرات الكلية لهذه النواقص –كما تقول الورقة- في عدم حدوث استقرار اجتماعي وسياسي. حيث تظهر مطالب التغيير في البلدان العربية أن التوترات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتعاظمة – وما ينتج عنها من تداعيات على الأمن المعيشي للناس – أصبحت لا تحتمل ولا تطاق إطلاقاً..
ويزداد الأمر حدّةً وتعقيداً عندما نعرف بأن مجمل مشاكل البيئة لها تأثير سلبي مباشر على حياة المجتمعات ومستقبل الإنسان، حيث أنها يمكن أن تجلب الكثير من المخاطر مثل نقص الطعام والغذاء وندرة الماء واستنزاف الموارد الطبيعية والضغط على مكامنها إلى الحدود القصوى، وأيضاً قد تسبب شيوع حالة من الفوضى وانعدام الأمن (التهديد بحروب المياه وغيرها)، وانتشار أمراض عديدة، مما يجعل الناس تنوء تحت ضغط مخاطر كبيرة على صعيد الصحة الإنسانية، وسبل العيش الآمن الكريم، وضمان استمراريته في ظل ما يجري للبيئة ومجالاتها الحيوية من استنزاف وضغط (وهو ضغط ناجم طبعاً من الحاجة المتزايدة والماسة للثروات الطبيعية التي تؤمن الغذاء والطاقة والماء وغيرها) بما ينذر بعواقب وخيمة على كل المستويات والأصعدة، ويهدد بتفجير الصراعات والحروب كما قلنا.
والواقع يؤكد أن تلك الحاجة سبب جوهري للصراعات، ففي السابق حدثت حروب كبرى لأن نتيجة محاولات الدول السيطرة على المنافذ والمضائق البحرية، ومختلف طرق التجارة بين الدول والقارات، ولاحقاً –إلى يومنا هذا- جاء النفط والغاز وخطوط الطاقة ومصادر مياه الشرب وغيرها، لتكون كلها من أهم الدوافع والمسببات لإشعال الحروب واندلاع الصراعات وبناء التحالفات وإدخال المجتمعات في حروب أهلية، فقط من أجل تحقيق تلك المصالح.
تحديات بيئتنا ومشاكلها المتفاقمة:
وبالعودة للمجال البيئي العربي، وهو موضوعنا الأساس، تقول وتؤكد الأرقام والمعطيات والبيانات الحديثة التي قدمها وتوصّل إليها كبار الباحثين العلميين المختصين في مجال البيئة العربية، أن مشاكل وتحديات البيئة العربية تتحدد فيما يلي:
– مشكلة زيادة مساحة التصحر حيث تبلغ مساحة الصحراء في الوطن العربي أكثر من 11 مليون كيلومتر مربع، وهذا يشكل حوالي 70% تقريباً من المساحة الإجمالية لعالمنا العربي البالغة 14,7مليون كم مربع.. طبعاً جاء التصحر أيضاً نتيجة للزراعة المكثفة غير المستدامة، والرعي الجائر، وإزالة الغابات، والاستخدام المفرط للمواد الكيميائية، مما أفقد التربة خصوبتها وحول مساحات شاسعة إلى أراضٍ قاحلة.
– عدمُ وجود استثمار حقيقي للمساحات الصحراوية الواسعة في مجال الطاقات النظيفة (رياح – شمس) التي يمكن استغلالها لتوليد الطاقة الكهربائية، وتأمين بدائل نظيفة غير ملوثة للبيئة والمناخ.. مع أنه بدأت خلال الآونة الأخيرة بعض المشروعات البسيطة على هذا الصعيد.
– تزايدُ عدد السكان العرب ووصوله إلى عتبة الـــــ400 مليون، قياساً بمائة مليون عربي فقط في عام 1960م.. أي أنه وخلال خمسة عقود فقط بلغت الزيادة حوالي 400%. ستون% منهم تحت سن الخامسة والعشرين، مما يقتضي تأمين متطلبات أساسية لهم كالطعام والشراب (المياه النظيفة) والمسكن والتربية والنقل والكهرباء ووسائل الصرف الصحي وغيرها من الخدمات البلدية المطلوبة.. أي مطلوب تأسيس بيئة ومجال حيوي سليم ومعافى وآمن لهم..!!.
– مشكلة تأمين المياه النظيفة اللازمة للاستهلاك البشري في ظل النقص الكبير للموارد المائية الجوفية (حيث يفتقر حوالي 55 مليون عربي لمياه شرب نظيفة صالحة للاستهلاك البشري)، وذلك نتيجة الاستنزاف الجائر لها من قبل الإدارات الحكومية العربية المتعاقبة (عدم تأمين مياه للزراعة من مياه الصرف المعالجة مثلاً، والزراعة تستهلك في سوريا مثلاً حوالي 92% من مجموع إمدادات المياه، وفي تونس حوالي 80%) ونتيجة تغيرات المناخ التي ضاعفت من مخاطر قلة وندرة المياه، فضلاً عن نوعيتها السيئة.. وقد لاحظنا خلال الموسم المطري (2024-2025م) حالة انحباس مطري كبير لم تشهد له المنطقة –خاصة هنا في بلاد الشام- منذ أكثر من ستة عقود، حيث جفت الينابيع، والأنهار، ودخلت المنطقة في أزمة مياه وزراعة لا قبل لها بها..!!.
– وجودُ حوالي 70 مليون فقير عربي من عدد السكان. أي أن حوالي 18% من العرب يعيشون حالة شديدة من الفقر المدقع..
– يعاني حوالي 100 مليون عربي من عدم وجود خدمات صرف صحي حقيقي (لا مجارير ولا محطات معالجة ولا غيرها، بل أقنية وأنهار وسواقي وبحيرات تلقى في معظمها نواتج الصرف الصحي والمياه المبتذلة التي قد يشرب منها كثير من الناس في بعض البلدان العربية).
– 20% معدل ونسبة البطالة العربية بين السكان، وهي تصل إلى حوالي 30% بين صفوف الشباب.. أي أن هناك أكثر من 110 مليون عربي بلا عمل..
– سجلت الاقتصادات العربية ارتفاعاً بسيطاً في الناتج المحلي الحقيقي للفرد لم يتعد الـ(0,5 %) من عام 1980 وحتى نهاية عام 2004.
– يوجدُ أكثر من 53 مليون عربي لابد من إيجاد فرص عمل لهم خلال السنوات العشر القادمة.. أي في حدود عام 2023م.
– مشكلةُ شحّ المياه وندرتها وسوء وتدهور نوعيتها عند الغالبية العظمى من سكان الوطن العربي، وكلنا يعرف التهديدات الجدية بالحروب المائية القادمة الناجمة أساساً عن شح هذا المورد الطبيعي الذي لا حياة بشرية من دونه.. ويضاف طبعاً إلى شح المياه مشكلة أخرى أكثر وأشد خطورة وهي تلوث وتناقص الموارد المائية، حيث تتسرب الملوثات الكيميائية والمبيدات والمخلفات الصناعية والصرف الصحي إلى مكامن المياه الجوفية والأنهار والبحار، مما يجعلها غير صالحة للشرب أو الحياة المائية.
– فقدانُ التنوع البيولوجي، مع انقراض الأنواع النباتية والحيوانية بمعدلات غير مسبوقة بسبب تدمير موائلها الطبيعية، والتلوث، والصيد الجائر، وتغير المناخ.
– تراكمُ النفايات الصلبة خاصة البلاستيك الذي يغزو المحيطات، ويختنق به الكائنات البحرية ويدخل في السلسلة الغذائية.
وفي تحليل أولي لهذه الأرقام والمعطيات – التي أقل ما نقول عنها بأنها كارثية للغاية، والتي تعترف بوجودها كل حكومات العرب، ولكنها تفشل في الحلول والمعالجة – يمكن أن نتحدث هنا عن أمرين مهمين وحيويين للغاية:
الأول- النتائج والعواقب الكارثية:
إن آثار وتداعيات هذا التدهور ليست مسألة نظرية أو مستقبلية قد تحدث في قادمات الأيام، بل هي واقع نعيشه يومياً في حياتنا ويومياتنا، ويمكن ملاحقته ومتابعته في كل مكان:
– فعلى مستوى تغير المناخ: نلاحظ أنه هو المعطى الأثر تعبيراً ووضوحاً عن مأساة التدهور البيئي سواء عندنا نحن العرب أو في باقي أنحاء العالم.. وهذا ما أدى ويؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض، وذوبان الجليد القطبي، وارتفاع منسوب مياه البحار، مما يهدد المدن الساحلية والجزر المنخفضة لاحقاً.. كما يتسبب في زيادة وتيرة وشدة الظواهر المناخية المتطرفة مثل الأعاصير والفيضانات وموجات الحر والجفاف، التي تدمر المحاصيل وتشرد السكان وتزهق الأرواح.
– وعلى مستوى ندرة الموارد الطبيعية، يمكن القول بأن الحصول على المياه العذبة بات مسألة صعبة بل تحدياً حقيقياً تعيشه كثير من الدول في العديد من مناطق العالم خاصة هنا في منطقتنا، كما أن استنزاف التربة الخصبة يهدد الأمن الغذائي، حيث تصبح الأرض أقل إنتاجية في وقت يحتاج فيه عدد متزايد من السكان إلى الغذاء.
– وعلى صعيد الخسارة غير القابلة للتعويض، نجد كيف تنقرض بعض أنواع الكائنات الحية، ما يشكل خسارة أبدية للتنوع الجيني والتوازن البيئي.. حيث أن كل نوع يلعب دوراً في شبكة الحياة المعقدة، وإزالته يمكن أن تتسبب في انهيار كامل للنظام البيئي. تخيل عالمًا بلا نحل لتلقيح المحاصيل، أو بلا غابات لتنقية الهواء وتنظيم المناخ.
طبعاً لن نستطرد كثيراً، لنطيل مقالنا هذا، إذ أن الكوارث كبيرة على صعيد صحة الإنسان، واقتصاده، وأمنه، وخاصة التداعيات الاجتماعية والسياسية الخطيرة، مع حالات النزوح والهجرة القسرية التي تقدر بملايين الناس “لاجئين بيئيين” ممن يفرون من المناطق التي أصبحت غير قابلة للعيش نتيجة الجفاف أو الغرق أو التصحر وندرة المياه وانعدام زراعة أراضيها.. وهذا بالمحصلة أفضى إلى هذا التراجع الكبير في الأمن الغذائي وسوء التغذية حول العالم. ومن محدداته ضعف الكفاءة في مراحل الإنتاج والتصنيع والتخزين والتوزيع، والنزاعات، والتقلبات والأحوال المناخية القصوى، وحالات التباطؤ والانكماش الاقتصادي.. وأزمة الغذاء تفاقمت بفعل الفقر، واتساع حالات عدم المساواة في الدخل، والقدرة الإنتاجية والتكنولوجيا والتعليم والصحة وغيرها.
الثاني: المسؤولية وآلية المعالجة:
يمكننا القول هنا – في منطقتنا العربية – بكل هدوء أعصاب ومن دون لف ولا دوران، بأن المسؤول الحقيقي عن حدوث وتنامي كل تلك الأزمات الخطيرة هو البنية السياسية والإدارية العربية القائمة، أي الإدارات والمؤسسات الرسمية، وأعني بها حصراً الإدارات السياسية الجائرة واللاعلمية واللامسؤولة للموارد الطبيعية العربية الهائلة، ومناخ الجشع والطمع الذي عبّر عنه سلوك كبار التجار والملاكين، ومافيات الفساد والإفساد العربية الجالسة على يمين أو يسار نخب الحكم العربي المستبدة، التي تشاركت معها على هدف واحد هو تحقيق مزيد من الربح الفاحش ولو على حساب تدمير بيئة بأكملها، خاصة في ظل نخب سياسية حاكمة لا تفكر بمنطق الدولة والمؤسسات بل بمنطق العصابات والمافيات..
وهذا ما حدث بالفعل، فقد قامت شبكات اقتصادية وسياسية زبائينية على مدى عقود في تدمير وقتل البيئة من خلال عمليات النهب العاري المنظم والمتواصل لقدرات وخيرات الوطن العربي، من دون أي رادع أخلاقي أو قانوني، لأن الرغبة الجامحة في تحقيق الربح السريع القصير الأمد هو الذي كان – ولا يزال – يتحكم بمجمل الصورة العامة لمجال استخراج واستثمار تلك الثروات الكبيرة التي كان تمتلكها أرضنا العربية المعطاء.. ومن خلال المدى الزمني الطويل لهذا الاستنزاف الجائر والنهب العاري لتلك الثروات، فقد تم إقفار البيئة والموارد الطبيعية، وقلّت قيمتها بالنسبة للأجيال العربية القادمة، هذا إن بقي منها شيء أصلاً..!!.
أين الحل في ظل هذا الواقع المتدهور للبيئة العربية والدولية؟
وأما عن الحلول والمعالجات، فلا بد من توفر وعي بيئي ومسؤولية عملية وإرادة قوية للعمل.. خاصة على صعيد الحكومات وسياساتها الرسمية، فهي صاحبة القرار.. ولهذا يجب عليها:
1- الانتقال فوراً إلى مجال الطاقة النظيفة، والاستثمار الضخم في مجالاتها المتعددة والمتنوعة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة مياه البحار، والمصادر المتجددة الأخرى، من أجل التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.. مع ضرورة إصدار تشريعات صارمة، تفرض من خلالها جملة قوانين بيئية صارمة على الصناعات لخفض الانبعاثات ومعالجة النفايات..
2- حماية النظم البيئية، وذلك من خلال توسيع نطاق المحميات الطبيعية، وزراعة الغابات على نطاق واسع، واستعادة الأراضي المتدهورة.
3- عدم استنزاف الإنسان للمياه الجوفية، من خلال منعه من حفر الآبار الارتوازية وزيادة الضغط على مكامن توضع المياه.
4- تعاون المجتمع الدولي مع بعضه، فهذا هو الباب الرئيسي للحل والمعالجة الناجحة.. حيث يجب على كل الدول الوفاء بتعهداتها والتزاماتها التي تم إقرارها في كثير من الاتفاقيات الدولية خاصة منها اتفاق باريس للمناخ واتفاقية التنوع البيولوجي.. كما يجب على الدول المتقدمة مساعدة الدول النامية من خلال التمويل ونقل التكنولوجيا لمواجهة التحديات البيئية.
طبعاً، هناك فرق بين هذا الواقع النظري الذي نتطلع إليه كحل معالجة، وبين الواقع القائم، حيث أن كل النصائح والرؤى العلمية الموجهة للحكومات والنظم العربية – وكثير من الدول الغربية – المعنية بأمر التغيير لم يلق آذاناً صاغية، ولم يكن له أدنى تأثير، ولم يعد يجدي نفعاً، لأن تلك السلطات وأزلامها متورطون جميعاً – مع كثير من شركات العولمة العابرة للقارات – في عملية قتل وتدمير مجالنا الحيوي الاستنزاف الجائر للثروة، ولا يهمهم سوى الربح السريع والنهب المتراكم والتهريب المتواصل للثروة للخارج.. إذ ليس من المعقول أن تطلب من اللص أن يكف عن السرقة بطريقة أخلاقية وعظية، ومن دون أن وجود عقوبات قوية، وتفعيل صارم وحقيقي لبنود القوانين والأنظمة القائمة.. أي لم يعد يكفي أن تعظ الحكومات شعوبها بأن تحافظ على البيئة هكذا بطريقة بسيطة من دون نظم ومؤسسات وقوانين، خاصة وأنها (تلك الحكومات) تعتبر أن البيئة هي آخر شيء يعنيها، ويبعث على اهتمامها.. وما دامت وزارة البيئة في حكوماتنا العربية تحظى بأقل الميزانيات السنوية، وبأقل الشخصيات كفاءة ووعياً وعلمية لإدارة ملف البيئة في بلدانها.
نعم، يجب التوجه فوراً نحو التنمية الاقتصادية الخضراء الأقل اعتماداً على الكربون (إراحة الناس من الانبعاثات الغازية الضارة)، ودعم أنظمة الإدارة البيئية المتكاملة لتوفير بيئة صحية للمواطنين، وتفعيل سياسة التنمية المستدامة، وإدراج البعد البيئي في المشروعات التنموية والتوسع في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مجال البيئة، وأهم من ذلك كله هو الارتقاء بالسلوكيات البيئية للمجتمع بنشر الوعي البيئي بين الأفراد والمؤسسات، وتبني سياسات مالية داخلية محفزة وداعمة للمنشآت الصديقة للبيئة، وتغليظ العقوبات الموقعة ضد الانتهاكات والممارسات البيئية الخاطئة.
وقديماً قالوا العقل السليم في الجسم السليم. ونحن نقول: “الإنسان السليم في البيئة السليمة“.
