فضاءات فكرية

الجريمة في وضح النهار، والإنكار في الظلام: مستقبل رواية غزّة.. ضرورة تجريم إنكار الجريمة

بقلم: محمد صادق فضلي / مستشار سابق لوزير الخارجية الإيرانية

عباس جواديان / خبير شئون الشرق الأوسط

اليوم لم يعد هناك مواجهة مع العسكريين، بل النساء والأطفال الأبرياء والعزّل وسكّان غزّة المدنيون هم الذين يقفون في طوابير للحصول على الطعام والماء وعند وقوفهم في هذه الطوابير يتحوّلوا إلى أشلاء بفعل القصف الصاروخي أو الغارات الجويّة يوميا التي يشنّها الكيان الإسرائيلي قاتل للأطفال. في هذه الأيام، أصبح الجوع والعطش القاتل سبباً رئيسياً لموت الكثير من النساء والأطفال الفلسطينيين في غزّة والمراكز الصحية والمستشفيات (التي لم يعد لها وجود فعلي) أو المدارس، المساجد، وغيرها.. أصبحت هدفاً مباشراً للقصف الوحشي الصهيوني.

ومنذ بداية هذا العدوان البربري وحتى اليوم، استُشهد أكثر من ستين ألفاً من النساء والأطفال وسكان غزّة المظلومين والأعزل في غزة، وأصيب مئات الآلاف بجروح؛ وكأنّ أرواح البشر في غزّة معروضة في مزاد علني وقد بخست قيمتها، والتعذيب حتى الموت لم يعد قضية تستوقف العالم “المتحضّر” المزعوم أو المدّعين الدفاع عن حقوق الإنسان، الذين يتفرجون بدم بارد – بل الأسوأ من ذلك يدعمون هذا الكيان المتوحّش في ارتكاب سلسلة من أفظع الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية غير المسبوقة.

وفي الوقت نفسه، يصرّ قادة الكيان الصهيوني بكل وقاحة على وصف الفلسطينيين بأنّهم “حيوانات بأشكال بشرية”، ويدعون صراحةً إلى إبادة سكّان غزّة وتهجيرهم قسراً وجماعياً إلى صحراء سيناء وأماكن أخرى، مع عزم راسخ على الإبادة الكاملة لشعب غزّة؛ وليس هذا إلا إبادة جماعية وتطهيراً عرقياً.

ورداً على هذه الجرائم الفظيعة ضد الإنسانية، أدانت أعداد كبيرة من الدول والرأي العام وضمائر الشعوب الحرة في العالم هذه الممارسات، بينما انحازت بعض الدول – خصوصاً الغربية بقيادة أمريكا – إلى جانب الكيان، والأدهى من ذلك أنّ هذه المجموعة من الدول وظّفت إمبراطورية الإعلام والدعاية لصناعة رواية مزيّفة لهذه الجرائم.

أخطر أساليب النظام الداعم للإبادة والكوارث الإنسانية هو تبييض الجرائم أو إعادة كتابة التاريخ وتحريف الوقائع.

والسؤال المطروح:

ماذا يمكن أن يُقال للذين حُرموا من الحقيقة بفعل التعتيم الإعلامي المخزي؟ وماذا سيجد الباحثون في المستقبل عندما يدرسون تاريخ هذه الفظائع؟ ما هي الحقيقة؟ وما هي مسؤوليتنا؟ إنّ ما يحدث هو إبادة جماعية واضحة، تضع كلّ مشاهد أمام مسؤوليته إزاء هذه الجرائم. فماذا يجب أن نفعل؟ هل يكفي التنديد اللفظي فقط أو إرسال مساعدات إنسانية؟ هل يكفي التوضيح والشرح؟ هل تكفي الأدوات الدبلوماسية والسياسية ان تكون فعالة وحدها؟

بناءً على هذا الشرح، تبرز في الذهن قضايا أساسية تفرض نفسها:

• مواجهة إنكار الإبادة في غزّة: واجب العالم تجاه الجريمة الصامتة ضد الحقيقة والكرامة.

• تبييض الإبادة: المشروع التالي بعد الجريمة في غزّة، والذي يجب التصدّي له بكل وسيلة قانونية وسياسية ودبلوماسية.

تقديم الرواية الصحيحة والواقعية للإبادة واجب على الجميع؛ رواية حرب ربما يجب إعادة كتابتها، المسألة هي: الحقيقة أم التحريف؟

• جهاد من أجل حفظ ذاكرة غزّة.

طرح القضية: ضرورة تجريم إنكار الجريمة

في القرن الذي تُعرض فيه الإنسانية وحقوق الإنسان والكرامة البشرية كقيمٍ عالمية مشتركة، تحوّل قطاع غزّة إلى رمز لأبشع صور اللامبالاة العالمية تجاه معاناة البشر. فمنذ تشرين الأوّل/أكتوبر 2023، لقي آلاف الأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين حتفهم في القصف المتواصل، فيما اقترب عدد المشرّدين من مليوني إنسان، وحُرموا بشكل منهجي ومنظّم ومقصود من الوصول الي أبسط المقوّمات الحياة الإنسانية.

إنّ تدمير البُنى التحتية الحيوية، والحصار الإنساني الشامل، والاستخدام المفرط للأسلحة الفتّاكة في المناطق المأهولة بالسكان، واستعمال الحرمان من الماء والغذاء كسلاحٍ قاتل، إلى جانب الشواهد والأدلة الميدانية الواضحة كالهجوم على المستشفيات والمدارس، قصف المخيمات، تدمير المخازن الغذائية ومنع دخول الأدوية والمواد الأساسية، كلّها حقائق قائمة مؤلمة تُجسّد أزمة إنسانية وحقوقية كبرى، وتدلّ على إبادة جماعية وتطهيرٍ عرقي لشعبٍ يسعى منذ أكثر من سبعين عاماً الي التحرّر من الاحتلال الصهيوني العنصري.

من المنظور القانوني، فإنّ كلّ إنسان – بغضّ النظر عن جنسيته أو دينه أو قوميته – يستحقّ الحماية لحقه في الحياة والكرامة والعيش في أمان. والحرمان المتعمّد لشعبٍ بأكمله من هذه الحقوق، إلى جانب التصريحات العلنية التي تعبّر عن الكراهية العنصرية والعرقية والنيّة المعلنة لإبادة هذا الشعب المظلوم، يُعتبر دليلاً واضحاً على وقوع جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.

تنصّ المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها على أنّ:

كلّ فعل من الأفعال التالية إذا ارتُكب بقصد تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية كلياً أو جزئياً يُعتبر إبادة جماعية، وهذه الأفعال تشمل: قتل أفراد الجماعة، إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بأعضائها، إخضاعها عمداً لظروف معيشية قاسية بقصد القضاء عليها كلياً أو جزئياً، فرض تدابير تهدف إلى منع الولادات داخلها، أو نقل أطفالها قسراً من جماعة إلى أخرى“.

وبالاستناد إلى التعريف اعلاه، فإنّ الوضع القائم اليوم في غزّة يُجسّد بشكلٍ صارخ جميع عناصر هذه الجريمة. وقد أكّدت ذلك جهات عدّة، بدءاً من محكمة العدل الدولية (ICJ) والمقرّرين الخاصين للأمم المتحدة، وصولاً إلى المنظمات الدولية غير الحكومية مثل منظمة العفو الدولية (Amnesty International)، والمنظمات الحقوقية الفلسطينية (كالحق، ومركز الميزان لحقوق الإنسان، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان)، والمراكز القانونية الدولية (مثل Center for Constitutional Rights)، بل وحتى مؤسستين صهيونيتين(1) هما “بتسيلم” (B’Tselem) و”أطباء من أجل حقوق الإنسان” (PHRI)، فضلاً عن علماء القانون ومؤرّخي عمليات الإبادة الجماعية، وزعماء وساسة وقادة دول، و أوساط أكاديمية وباحثين كثر. جميع هؤلاء أجمعوا على أنّ ما يرتكبه الكيان الصهيوني اليوم في غزّة هو إبادة جماعية واضحة.

إنكار الإبادة وخطر تحريف الحقيقة

إنّ ما هو أخطر من الإبادة نفسها، هو إنكارها أو تحريفها أو محاولة التقليل من شأن حقيقة وقوعها. وإنكار الإبادة الجماعية لا يُعدّ فقط إهانةً صارخةً لضمير الإنسانية وازدراءً لدماء الضحايا ومعاناة الناجين فحسب، بل يشكّل أيضاً أرضيّة خطيرة لإعادة إنتاج هذه الفظائع في المستقبل. لقد أثبتت التجارب التاريخية أنّ إنكار مثل هذه الجرائم الفادحة ضد الإنسانية كان في حد ذاته أداةً فعّالة للإفلات من العقاب، وممهّداً لتكرار العنف في الأجيال اللاحقة.

أمام الحقائق المروّعة للحرب في غزّة، فإنّ المسؤولية لا تقع على عاتق المجتمع الدولي فقط لوقف الجرائم ودعم الضحايا، بل هناك أيضاً واجب إنساني وأخلاقي كبير لمواجهة تحريف الحقيقة وإنكار الكارثة. ومن هذا المنطلق، فإنّ إنكار الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في غزّة – على الرغم من الأدلّة القاطعة والموثّقة – يجب اعتباره مشاركةً في استمرار معاناة الضحايا وجريمةً بحدّ ذاتها.

أحد أخطر أساليب النظام الداعم للإبادة والكوارث الإنسانية هو تبييض الجرائم أو إعادة كتابة التاريخ وتحريف الوقائع. لقد أظهر تاريخ القرنين الماضيين، من هيروشيما وناغازاكي إلى آسيا الوسطى وإفريقيا وأوروبا، عن الحقائق قد تم تقديمها من قبل الجناة وأنصارهم بشكل طمس حقيقة الإبادة الجماعية. قد يقولون لاحقاً عن غزّة: إنّه لم تقع فيها إبادة جماعية، بل إنّ ما جرى كان “ضرورة” أو “خطأ” أو حتى “ردّ فعل مناسب”!.

ويمكن الجزم بأنّ هذا المشروع قد بدأ بالفعل؛ فعلى الرغم من الأدلة المتزايدة والتقارير الموثقة الصادرة عن المنظمات الدولية، فإن بعض الحكومات والتيارات السياسية أو وسائل الإعلام العالمية المؤثرة وللأسف، قد أطلقت مشروع إنكار الإبادة الجماعية في غزّة، حيث تقاضت كلياً عن وقوع الإبادة الجماعية حفاظاً على مصالح الفئات الحاكمة أو قدمت بشكل مأساوي جرائم الكيان الصهيوني بشكل معكوس واستبدلت مكان “المجرم المحتلّ العنصري” بـ “الضحيةً التي تدافع عن نفسها دفاعاً مشروعاً”.

منذ بداية حرب غزة، لجأت وسائل الإعلام الغربية إلى استخدام مصطلحات مثل “الدفاع عن النفس” و”محاربة الإرهاب” لتبرير العدوان الإسرائيلي. وقد يصبح هذا الخطاب لاحقاً إطاراً سائداً في الذاكرة الجماعية، محولاً الإبادة الجماعية إلى رواية هامشية؛ كما حدث في استعمار الجزائر.

يُضاف إلى ذلك أنّ اللوبيات الصهيونية في الولايات المتحدة وأوروبا دأبت على ربط أي انتقاد للكيان بـ “معاداة السامية”، وهذا السلاح الدعائي يمكن أن يُستخدم مستقبلاً لإسكات أي محاولة لإبراز حقيقة الإبادة في غزّة. ومع مرور الوقت، تضعف حساسية الرأي العام العالمي، ويتحوّل السرد السائد عمداً ليُقال: “لقد كانت حرباً مأساوية حيث قُتل فيها من الطرفين ضحايا”. غير أنّ البيانات غير المزوّرة تكشف بوضوح أنّ الغالبية الساحقة من الضحايا هم من المدنيين الفلسطينيين.

وفي هذا السياق يبرز سؤال جوهري: أليس صمت العالم أمام هذه المأساة قبولاً بإبادة جماعية واضحة؟.

إنكار الإبادة في النظم القانونية وضرورة التجريم

في العديد من الأنظمة القانونية، يُعتبر إنكار الإبادة الجماعية جريمة جنائية قابلة للملاحقة، وقد وُضعت تشريعات خاصة لذلك. هذه القوانين تستند إلى مبدأ أساسي يقوم على منع خطاب الكراهية، وحماية الحقيقة التاريخية، وصون كرامة الضحايا، وهي مستمدّة من المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) التي تُلزم بحظر نشر الكراهية وإنكار الجرائم الخطيرة ضد الإنسانية.

وبناءً على ذلك، وفيما يتعلق بغزة أيضاً، مع الكمّ الهائل من الوثائق، وحجم وشدّة الجرائم، وكثرة الشواهد التي تحمل سمات الإبادة الجماعية، وتقارير الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، يجعل من الضروري أن يُعتبر إنكار الإبادة الجماعية في غزّة مشاركة في استمرار العنف وإنكاراً لمعاناة الضحايا، وبالتالي جريمة بحدّ ذاتها. فلا يجوز التساهل مع إنكار الحقيقة في غزّة. إنّ هذا الإجراء يشكّل خطوة مهمّة في سبيل:

•     تحقيق العدالة التاريخية،

•     حفظ الذاكرة الجماعية،

•     توفير أداة للمساءلة الدولية،

•     الحيلولة دون تكرار الجرائم الصامتة في المستقبل.

•     فالإنكار اليوم لا يُعدّ مجرّد طمسٍ للحقيقة، بل هو في حدّ ذاته إهانة للضحايا وتشويه للتاريخ، وغالباً ما يشكّل شكلاً من أشكال العنف اللفظي واستمراراً للجريمة نفسها.

وتظهر ردود الفعل على الإبادة الجماعية بأشكال مختلفة نابعة من شعور البشر بالمسئولية. هذه المسئولية يمكن تفسيرها ليس فقط من منظور ديني؛ ولكن أيضاً من النواحي القانونية والسياسية والاخلاقية والتاريخية. إنّ فاجعة غزّة ليست مأساة إنسانية عابرة يمكن المرور عليها بصمت، بل هي اختبار للضمير الإنساني وللقيم العالمية. ومن هنا تتوزّع المسؤوليات على مستويات متعدّدة:

في العديد من الأنظمة القانونية، يُعتبر إنكار الإبادة الجماعية جريمة جنائية قابلة للملاحقة، وقد وُضعت تشريعات خاصة لذلك

المسؤولية الدينية والعقائدية:

تقع على عاتق العلماء ورجال الدين ومرجعيات العالم الإسلامي والمسيحي واجب إدانة الجرائم بوضوح، واعتبار الصمت عنها مشاركة في العدوان. الأديان جميعها تدعو إلى حماية الإنسان وكرامته، ومن ثمّ فإنّ الدفاع عن شعب غزّة المظلوم واجب شرعي وإنساني.

المسؤولية السياسية: (عضوية الدول الاسلامية في المنظمات والمعاهدات الدولية بما في ذلك: منظمة التعاون الاسلامي والأمم المتحدة واتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، وما إلى ذلك، وضرورة الرد على جرائم الإبادة الجماعية في غزة). على الحكومات، ولا سيما في الدول الإسلامية والعربية، أن تتحمّل مسؤولياتها التاريخية تجاه غزّة. فلا يجوز الاكتفاء بالإدانة الكلامية، بل يجب اتّخاذ مواقف عملية: من طرد السفراء، وقطع العلاقات، وفرض العقوبات، واستخدام الأدوات الدبلوماسية والقانونية في المحافل الدولية.

المسؤولية الأخلاقية:

القضية الفلسطينية التي تجاوزت الانتماء الديني، أصبحت قضية إنسانية وأخلاقية عالمية ولكن بالنسبة للدول الإسلامية، التي تعرضت في كثير من الأحيان للاستعمار أو الاحتلال أو انتهاكات حقوق الإنسان، فإن اللامبالاة تجاه معاناة الشعب الفلسطيني تعتبر رمزاً للسقوط الأخلاقي والسياسي.

المسؤولية في إعادة الإعمار والدعم والمتابعة القانونية: خصوصاً بسبب امتلاكها قدرات مثل: الثروة الوطنية والمالية، والقوة الدبلوماسية في المنظمات الدولية، وإمكانية تشكيل تحالفات اقليمية.

المسؤولية القانونية: إنّ المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، ملزم قانونياً بملاحقة الكيان الصهيوني على جرائم الحرب والإبادة الجماعية، وبفرض عقوبات رادعة. كما أنّ إنكار هذه الجرائم ينبغي أن يُعامل بصفته جريمة دولية خطيرة.

النقاط المذكورة اعلاه تعبر عن أبعاد مسئولية الدول والشعوب تجاه جريمة الإبادة الجماعية في غزة. وبذلك، يتّضح أنّ غزّة ليست مسألة فلسطينية فحسب، بل هي قضية إنسانية وأخلاقية كبرى تمسّ كل إنسان حرّ في العالم.

الخاتمة والتوصيات

يظهر السجل التاريخي أن إنكار الإبادة الجماعية يتم متابعته بشكل مشروع شامل من قبل المجرمين والجناة مع مرور الوقت. إن بواكير إنكار إبادة غزة أصبحت واضحة بالفعل. علي الرغم من أن كل ما يفعله الصهاينة اليوم في غزة يعتبر، وفقاً للمعايير القانونية الدولية، إبادة جماعية في العصر الحديث، إلا أن الغرب لا يزال يصر على أن هذه الإجراءات هي “دفاع عن النفس”.

إن ميل الغرب إلى تبرئة الكيان الصهيوني من تهمة “الإبادة الجماعية” يعود إلى سببين: أولاً، لأنه استخدم أدوات حقوق الإنسان للضغط على دول أخري لم تتبع معايير الديمقراطية الليبرالية التي يريدها. وثانياً، لأن هذه الجريمة في القانون الدولي، الذي صاغوه هم أنفسهم، تعتبر أيضا واحدة من “أخطر الجرائم الأربع”، وقد تم تسجيلها في نظام روما الأساسي ” هيكل المحكمة الجنائية الدولية “، وهي جريمة حظرها القانون الدولي باتفاقية خاصة في عام 1951(2).

وفي مواجهة إبادة غزة، جميع الأمم تتحمل مسؤولية؛ لكن هناك واجب لا يمكن إنكاره وهو أثقل يقع على عاتق المسلمين والدول الاسلامية. اللامبالاة أو التواطؤ الخفي لبعض الحكومات الإسلامية مع الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني ستكون وسمة عار تاريخية ستبقي في ذاكرة الأمم الإسلامية والأجيال القادمة.

لذلك، يُقترح أن تقوم مجالس الدول الإسلامية وغيرها من المؤسسات التشريعية إطلاق حملة “تجريم إنكار هذه الإبادة الجماعية”. وفي الخطوة التالية ومن خلال علاقاتها مع دول العالم الأخرى إلى جانب طرح القضية مع المؤسسات الدينية والمدنية، يمكنها أيضا طرحها ومتابعتها في المجالس التشريعية والبرلمانية في العالم، التي تعتبر منصات مهمة لدعم فلسطين ومتابعة قضية الإبادة الجماعية في غزة. مؤسسات مثل الإتحاد البرلماني لدول منظمة التعاون الإسلامي PICU، والإتحاد البرلماني الدولي IPU، والجمعية البرلمانية الأسيوية APA، و البرلمان العربي هي من بين المحافل التي يمكن أن تكون وجهة لذلك. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن العديد من المحافل السياسية والدولية في الدول غير الإسلامية، مع كشف الوجه الحقيقي لإسرائيل وبروز النوايا الحقيقية لهذا النظام الفصل العنصري المزيف، أصبحت مستعدة الان للانضمام إلى حملة تجريم إنكار الإبادة الجماعية في غزة.

الهوامش:

1- أفادت قناة الجزيرة، في تقرير لها، بأن مؤسستين صهيونيتين “بتسليم” و “أتباع لحقوق الإنسان – إسرائيل” اعترفتا في تقرير بأن إجراءات الكيان الصهيوني ليست دفاعية بحتة، بل لها تابع التطهير العرقي.

2- الجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، وجريمة العدوان، هي الجرائم الأربعة التي يشير إليها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *