آخر الكلام

على يديكَ الطيرُ يلهمُني الصبر والبصيرةَ والدعاء إلى الشهيد الأسمى سماحة السيد حسن نصر الله

بقلم غسان عبد الله

أطلقْ..‏ كلّهم ناموا‏.. فرعداً.. كي أفجِّرَ صحوَهمْ‏

برقاً.. لأفتح أعينَ الأحجار..‏

أو وعداً..‏ لأُلقي حلميَ الأبديَّ يبلَعُ وهمهمْ‏

ويدِي.. لأخرجَها بلون الماءِ‏ أعتصرُ السرابْ‏

أطلِقْ نداءَكَ..‏ ذا وجيبُ القلبِ يخفقُ‏ والرؤى انفتحتْ على أفلاكها‏

انهمرتْ على شفتيَّ‏ وانبجسَتْ حروفاً،‏ أنجماً زُهراً،‏ كواكبَ..‏

ها يدي لمستْ حرير الشمسِ‏ تنسج للهُيام شراعَهُ الضوئيَّ‏

ها خدّي استراحَ على فراشِ قصيدةٍ‏ شَرِبَتْ زُلالَ الغيمِ‏

لا طَلَلاً.. لأرثيَ‏.. لا غمامَ يفُكُّ عقدةَ جدولي‏.. لا خيلَ تقتحِمُ النهارَ‏

ولا بذارَ لتربتي كيما أفكَّ رموزَها..‏ لا شيءَ..‏

لم أُبصرْ سوى كتلٍ من الأطيانِ‏ بلّلها المهينُ‏

وغادرتْ فردوسَها‏.. التصقتْ بقاع الوقتِ‏ حجَّرها السباتُ‏

فمشعلاً.. كيما أضيءَ كهوفَها‏

ناراً.. لأصهرَ قيدَها‏.. شمساً لأبتلع الضبابْ‏..

أطلق نداءَك في دمي‏ حرفاً.. فحرفاً..‏ كي أسيلَ على ثرى الرؤيا‏

وأُطلِعَ أخضراً من أزرقٍ‏.. وقرنفلاً من زنبقٍ‏

قمراً شهيَّ الومضِ..‏ قيثاراً من الأهدابِ‏

نوراً باهراً..‏ شمساً من الضحكاتِ‏.. أو سيلاً من النيرانِ‏ أشربه فأغدو مارداً‏

سأعيدُ تَشْكيلَ الفصولِ‏ في دمي.. صياغةَ الأشكالِ‏..

فصلاً من رفيفِ الضوءِ.. فصلاً من غضار الوقتِ

أصنعُ من عذابِ القلبِ‏ وتَعَبِ الجوراحِ غلالَ المواسِم والفصولْ‏

أطلِق نداءَكَ في دمي.. كأنّما سال الفراتُ على جبينيَ‏

لم يكن برقاً.. ولكنْ..‏ كان إيذاناً ببدءِ مواسم حُمِّلتُها‏

مذ كنتَ تخطبُ عبر الشاشةِ.. وكان النورُ يسري في خلايايَ الشفيفةِ‏

كنتُني.. قبلَ اغتراب الروحِ‏.. قبل الجدبِ‏.. قبل غيابِكَ..‏

فاهطلْ وسافر في دمي‏ هذا حضورُكَ – سيدي – أيقَظَ الأعشابَ‏..

فتّحَ أعينَ الأزهارِ، ألهَمَها الشذى‏

ما غادَرَ الفقراءُ من كفَّيكَ بَعدُ‏.. ولم تزل فيكَ اختلاجاتُ المواسِمِ‏ تسلُبُ اللبّ اللّبيبَ‏

وفي حضوركَ..‏ ألفُ داليةٍ تسرّح شعرها..‏ بل ألفُ زنبقةٍ ترونِقُ عطرَها..‏

وعلى يديكَ الطيرُ يلهمُني الصبر والبصيرةَ والدعاء..‏

وكلما أرمي شباكي الجائعاتِ على ندائكَ‏

أرتوي ألقاً، وأقتَنِصُ الغمامْ‏

أطلق نداءَك في دمي‏.. الآن أُبْصِرُني..‏ وأُبْحِرُ في مجاهلي القصيَّةِ‏

ها دمي حين حضوركَ صارَ وردياً‏

وها روحي.. بنفسجةً‏.. وذي عينايَ..‏ أجنحةً نمت لهما‏

وذي كفيَّ تلامِسُ وجنةَ الصحو البهيةَ‏

ها دعاءٌ..‏ ها صلاةْ..‏

الآنَ تختلجُ روحي في آياتكَ بالصبرِ..

وتنطلِقُ خيولِ الفجرِ في الروحِ نحو ملكوتِ الصلاةْ..

الآن يمتزِجُ انهمارُكَ وانهماري‏ في غمارِ الأمنياتْ‏.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *