عبرة الكلمات 510
بقلم غسان عبد الله
المطلق العذب
على وهدةٍ من رؤى الروحِ كان يغني.. وكان يحثُّ الخطى نحو الأرضِ التي سَرْبَلَتْهُ بماءِ الحنينْ.. على غفلةٍ تلتقيهِ العصافيرُ تهديهِ ما أغْفَلَتْهُ المواسمُ سرّاً.. وكان يثور.. مع الغيثِ كان يجيءُ وحيداً، وعميقاً ينتفضْ.. تُرانا عشقناهُ حلماً وكنّا نسينا دمَهُ المهراقَ.. وكنّا.. وكنا.. وكنا.. شربنا المَدَامَةَ عزَّةً من راحتيهِ.. وكنّا.. إذا جُنَّ لَيْلُ الاحتلالِ إليهِ نجرُ الخطى والحنينْ.. هو الآنَ سيِّدُ هذا المدى.. مداهُ… رؤاه.. وكلَّ الذي لا يجيءُ من كلامٍ سلسبيلْ.. يُغيِّبُنا ولا نغيبْ.. ينادي.. يجيءُ الصدى، ثم يوغلُ فينا.. فيا سيِّدَ العُمقِ.. هذا زمانُكَ.. أدْلِجْ إلى سُدْرَةِ الفجرِ مُطْلَقَكَ العذبَ.. دمَكَ الجليلْ… إنّا نسينا.
القمر والجب
وَجِلَ الخُطا طلُعَ القمرْ.. مترامشَ العينينِ أربكهُ السفرْ.. كلُّ الشموسِ تُجَامِل القمرَ الحبيبَ وما مِنَ الجيرانِ مَنْ يبدي ثباتاً لاستنادِ الظهرِ في وقت الخطرْ..!! متلفتاً زحفَ القمرْ.. كمْ صفقوا لطلوعهِ لكنهم ـ قبل اكتمال صعودِهِ ـ رفعوا الدعاءَ توسَّلاً لرجوعِهِ.. آهٍ من الجبِّ العريقِ وسطوةِ الحرّاسِ..!! ما عدتُ أعرفُ، بينهَم، رجلي تئنُّ من الأذى، أم راسي؟!!.
تعالي
دعي في يَديَّ يديكِ، أخافُ الضّياعَ بهذا الزِّحامْ.. فهذا زمانُ التوّجّسِ.. هذا زمانُ الفِصامْ.. تعالي، فإنَّا معاً قد نسيرُ برَغمِ الظّلامْ.. تعالي، لأحميكِ منهمْ وأنتِ تردِّين عنّي السقوطْ. فهذا زمانُ التسّلق.. هذا زمانُ السقوَطْ..!!!، أراني أُطلُّ على الهاويةْ.. فمُدّي جناحيكِ يا غاليةْ.. أخاف تغلبَ حاجاتِ يومي على مطمح الساقيةْ.. أراهم تمادوا بتبرئةِ الانزلاقِ، وها قلة باقِيةْ..!!.. تفضّلِ فيءَ الحيادِ الأصمْ. لتهربَ بالعافيةْ..!! أريدُ البقاءَ بغيرِ سقوطٍ وغيرِ حيادٍ يساوي العدمْ!.
النهر السجين
لهذا الذي شابَ قبل الأوانْ.. تئنُّ جروحي، وتعوي بكلِّ المحافلِ روحي، لنهر أقيل من الفيضان..!!! أصيح وقد مسني ضر نار الجفافْ. إلهي: أيسجنُ نهرُ؟!.. أيغزوه مثلي انتهاك وقهرُ؟!… أيعرف أن ينثني، أو يخافْ.؟!.. دعوا النهر لا تحبسوا ماءهُ، فإن السجون ستُغرق سجانها، وإن الملوكَ ستفقد تيجانها إذا فقدَ النهر سيماءَهُ… دعوه، كما يشتهي، لا يحب الرسنْ. يحب التوثب والانطلاق ويمقت أي وثاق. وإن أوثق النهر يوماً أَسِنْ…؟!.
