آخر الكلام

عروجٌ إلى سماواتٍ من تجلي، وأقمار لا تعرف الخسوف

بقلم غسان عبد الله

تستحيلُ الأرضُ لي شجناً.. وتصبحُ نشوةُ الأشعارِ لي وطناً

لماذا أيها العشقُ المعلَّقُ في انبثاقِ الضوءِ تغلِقُ بابَكَ بوجهِ مَن صبروا..

تجعلني أتمتمُ في انتظارِ الريحِ.. لتفتحَ بابَكَ الموصَدَ.. وأنتظرُ..

لماذا.. غمامُ السماءِ حين يبابِ العشقِ لا ماءٌ ولا مطَرُ..

صوتك كونٌ غمامةُ عشقٍ على شغاف القلبِ أرقُبها.. وهيهات.. هيهات.. تنهمرُ..

سلاماً عزيزَ الروحِ.. سلاماً أيها القمرُ..

انتشرْ في القلب.. أنتَ تمائمي في الغابةِ الجدباء

سلاماً أيها المطرُ المفاجئُ والأريجُ العَطِرُ..

جفتِ الشطآنُ، والتحفَ الحنينُ الشوكَ..

سلاماً يا ارتعاشَ ولادةِ الآتي ونبضَ الشوق

سلاماً يا أغاني البحرِ تقرعُ سمعَ هذا الليلَ

سلاماً أيها المتفردُّ المتعددُّ الأصواتِ، والعشقُ المسافرُ في معاني الوجدِ.. والقمرُ..

وفوقَ مصارعِ اللحظاتِ أنتظرُ اشتعالي في السكون

أديرُ وجهَ الغيب.. تفلتُ من يدي مثل الخلودِ.. أو مثلَ الهطولْ..

وأنتَ لهفتي التي بَقِيَتْ، حَمَلْتُ رموزها..

ووسيلتي.. والغايةُ القصوى، بقربِ مرقدِكَ سيِّد العشقِ تستظِلُّ الأمنياتُ بقامتي..

وتسيرُ بيَ الوعرَ الموزَّعَ في الفصولْ..

أنا الحريقُ المستفيقُ من الرماد..

بموجِ بحرِكَ طهَّرْتَني.. وبهمس الدعاءِ الذي يطولْ..

هذه النسماتُ منكَ.. تحملُ ليَ الزمانَ موحداً

في حجم بسمة طفلٍ ضمَّ أباهُ حين عراهُ الذهولْ..

وعند نوافذِ المساءِ.. التحمَ بأضلُعِهِ ونامَ في أمان..

زارهُ ملاكٌ من فيضِ الرحماتِ.. آنَسَ وحشة القلبِ في الليلِ الطويلْ..

هل تستريح خطاي؟؟! هذي لحظةُ الحلمِ المباغتِ وامتلاكُ عناصرِ الأشياء

شاقتني البحارُ المستمرة في الضجيج.. ودورةُ الخصب المعبَّأ في النخيلْ..

أرَّقني خطابُ “إلى اللقاء مع الأحبةِ”.. وشاقني خبرُ الرحيلْ.

حرُّ الليالي موجِعٌ‏.. يا سيدي.. والموتُ في جسدِ القصيدة راعفٌ ثقيلْ..

يرعى الضراعةَ بين الضلوعِ وأوردةِ القلب..

وتظلُّ نهراً في دمي.. وتظلُّ لحناً يرقُصُ الفقراءُ في ساحاتِهِ

وأظلُّ أعزُفُهُ فأفقأُ عينَ هذا الليلْ..

يا زمني المخبَّأَ في تلافيف الدقائقِ والثواني

بين الدخول إليكَ (يا زمن انبعاثِ الغيم)،

والسعيِّ المُلِحِّ وراءَ أنداءٍ تسَّاقطُ من ثغركَ الجليلِ

تنبتُ الأشجارُ في الأرض الخرابْ

تشققُ الصحراءُ.. تحتضر الرمال

وحين تبزغُ روحُكَ الخضراءُ.. تهتز الأفلاكُ..

يفقد العشقُ العصيُّ رباطة الجأش ويمشي في السرابْ

موسومةٌ طرقي بما لم يتضح في الوقت

تلبسني المخاوف مرةً.. وأسيرُ في بيدائها حيناً،

فتلبسني المفاوزُ سائرَ المرات.. ويترُكني الأصحابْ..

يجتاحني اللهبُ المقدس، أبصرُ الأشياءَ ماثلةً

أكوِّنُ في العيونِ رؤىً ملونةً.. أفجِّرُ في الذهولِ الدهشةَ الأولى

أفتِّشُ في القصيدة عن قصيدة.. في الكتابِ عن جوابْ..

أقرأ وجد المسافات إليكَ كاليمامِ.. هديلاً فهديلْ

وحين يطلُع غداةَ حياةٍ صوتُكَ الهاتفُ من بين طيات الزمان اللهيفْ

يرتعدُ في ثواني المساء اشتعالٌ غريبٌ

كومض كويكبٍ، أو كجرحِ سوسنةٍ أدركها الرضابْ،

ويكون لرونقِ العشقِ، للسَّمَر الذي لا يفارقُ الروحَ، سحرٌ..

يكون ارتحالٌ في لحظات الوجد، لظلِّ الحنان الوريفْ

انعتاقٌ من أسر ظلام الروح،

عروجٌ إلى سماواتٍ من تجلي، وأقمارٍ لا تعرف الخسوف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *