آخر الكلام

منفى الروح

بقلم غسان عبد الله

على ملامح الحبيبةِ!! آهِ‏.. كيف أميلُ من لَهَفٍ إليها‏ ثُمَّ يكسرني الأسى من كثرةِ المَيْلِ!!؟‏

حفرتُ فوقها عُمْراً يتيماً‏ بين ما رَسَمَ الأسى‏ في مُقلةٍ حُزناً،

وما رسم البُكا في دمعةِ الذُلِّ‏..

أَمُدُّ يدي لأقطفَ وردةً‏.. من أيِّ مُستنقع‏؟!.. فأيَّةُ وردةٍ يوماً‏ ستمنحُ عطرَها لمشرَّدٍ مثلي؟!‏

وأَيَّةُ فرحةٍ مجنونةٍ ترضى وجهاً‏ لا يمرُّ به النَّدى كيما‏ يَبُلَّ أَنينَها بالماءِ،‏

أو يُلقي إليها دمعةَ الفُلِّ؟‏

أُحِسُّ بأنَّ نظرةَ مَنْ‏ يمرُّ أمام عيني‏ نهر أسئلةٍ وَشَكٍّ:‏

أين يقذفنا رصيفُ اللَّيْلِ‏ إلى الشَّوارعِ‏ أين تقذفنا الشَّوارعُ آخر اللَّيْلِ؟!..

أُصيخُ السَّمْعَ للجارِ الذي جنبي‏ لماذا ماتَ مُتكئاً على قلبي؟!..

يغوصُ بكلِّ حديثٍ حميمٍ،‏ ثُمَّ يرحلُ في جُنونِ الحُلْمِ‏

وآخرُ ما رأيتُ قُصاصةً تبدو‏ مُمزقةً بقبضتهِ‏

لكثرةِ ما تحدَّت قبضةُ المسكينِ‏ أشباحَ العذابِ، وكُلَّ أهوالِ العناء‏

بجملةٍ ستظلُّ تنزفُها أصابعُهُ الحزينةُ‏ حرقةً في الصَّدْرِ‏ عن أَمَلٍ يجيءُ،

يقولُ مطلعُها:‏ إذا جارَ الزَّمانُ عليكَ لا تركعْ.‏.

تُرى يا عاشقُ في آخر الزَّمنِ الذي‏ ألقى عصاهُ على الطَّريقِ،‏

وهام بين الرِّيحِ والمنفى‏ يُلاحقُ من تبقَّى من شتاتِ العشقِ

يصرخُ: عُدْ‏ وذاك يغوص في رمل الهُروبِ..

فمن‏ إذا ناديتَ في ريحِ المنافي‏ عاشقاً لبسَ أساه

فمن سوف ينهضُ من رمادِ أساهُ،‏ أو يسمعْ؟!‏

كأني حين أكتبُ على الدفاترِ‏ أين نحن الآنَ..‏

لا أدري..‏ لماذا لا أرى نفسي‏ سوى في بؤرةٍ أقبعْ!!؟‏

كثيراً ما ملكنا في الينابيعِ‏ المفاتيحَ التي تُفضي لذاكرةِ الغمامِ،‏

ولم نُفَسِّرْ ما يقولُ العُشْبُ للرَّملِ‏..

كثيراً ما تُسَرِّبُ ثرثراتُ النَّهْرِ‏ أُغنيةً لقُبَّرَةٍ،‏

وتعبثُ بالهديلِ أصابعُ النَّخْلِ‏ سوى نحنُ الذين نقولُ:‏

ما للشمسِ خائفةً تُغادرنا،‏ ولا تدنو من الظِلِّ؟!..

كثيراً ما حلمتُ بأنني أمشي‏ على نهرٍ من الياقوتْ..

كثيراً ما حلمتُ بأنَّ دَرْبَ العودةِ الكبرى‏ إلى الإنسانِ

من الروحِ الممزَّقةِ مُمْتَدٌّ إلى عمقِ الأحزانْ..

من أحزانٍ من أشجانٍ، من دموعٍ ‏من القلبِ الذي يبدو بوسع الكونِ‏ ثُمَّ يضيقُ كالتَّابوتْ‏..

وكنتُ إذا صحوتُ عرفتُ‏ أني حالماً سأموتْ..

فهل يوماً تُغطي العُرْيَ‏ في تلك الملامحِ التي انكسرتْ‏ وُرَيقةُ تُوت؟!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *