بعد المسرحية الهزلية في شرم الشيخ لا سلام بالمنطقة
بقلم محمد الضيقة
لن يحقق الحدث الأقرب إلى مسرحية هزلية في شرم الشيخ ما سعت إليه واشنطن وحلفائها في المنطقة لجهة نزع سلاح المقاومة، لأن كل ما حصل وكل البروباغندا حول السلام في الشرق الأوسط التي تشدق بها كافة الحاضرين لن تترجم إلى الواقع..
لأن لا عهد ولا اتفاق مع واشنطن وربيبتها إسرائيل، ولا يمكن الركون لوعودهم، خصوصاً أنه لم يمضِ ساعات على الاتفاق حتى شرعت إسرائيل في قصف قطاع غزة مجدداً، وما زالت تفرض حصاراً غذائياً وطبياً على المواطنين.
أوساط سياسية متابعة أوضحت أن ما شهده شرم الشيخ اكتسب بعداً يتجاوز العلاقات البينية للحضور ليلامس بطريقة غير مباشرة الساحة اللبنانية فيما خص مسألة نزع السلاح ومسألة السلام. هذا التوازن الذي طبخته واشنطن وحلفاؤها يشير إلى أنهما يريدان فرض السلام بالقوة، حيث تحاول إدارة ترامب الاستثمار في الأحداث التي يشهدها الإقليم لترسيخ نفوذها وذلك على حساب شعوب المنطقة التي سلبتها النظم القائمة إرادتها، وحولتها إلى مجموعات متنافرة ومتناقضة، حيث كل مجموعة تبحث عن مصالحها دون أي اعتبار للوطنية أو القومية أو حتى الأمة الإسلامية.
وتشير الأوساط إلى أن ما حدث في شرم الشيخ يعتبر نموذجاً للمشاريع التي تهدف إدارة ترامب تنفيذها في المنطقة، ويعطي في الوقت ذاته إشارة جدية للمقاومة في لبنان للتمسك بسلاحها، لأن الخطط الصهيو/أمريكية وبالتواطؤ مع بعض الأنظمة العربية ما زالوا مصرين على تجريد المقاومة الإسلامية من سلاحها، أي الورقة الوحيدة القادرة على أن تحمي لبنان من العدوانية الصهيونية.
وأكدت الأوساط أنه من الصعب على كيان العدو أن يلجأ إلى حرب كبيرة ضد لبنان لاعتبارات كثيرة، إلا أن أبرزها هو الأزمات العديدة التي يعاني منها جيش منهك، انهيار اقتصادي، هجرة معاكسة، انقسامات داخلية، هذا إلى جانب اقتراب انتخابات الكنيست الصهيوني في أيار المقبل.
وأضافت الأوساط أن ما ألمح إليه الرئيس جوزاف عون حول إمكانية إجراء مفاوضات غير مباشرة مع الكيان الصهيوني بحجة التحولات الدراماتيكية التي يشهدها الإقليم، ليس بالضرورة أن تحدث انقساماً داخلياً على الرغم من أن موقفه شكل منعطفاً في المسار بين القوى السياسية، فالواقعية الإستراتيجية التي تحدث عنها رئيس الجمهورية في ظل هذه المتغيرات الخطيرة، لا تعني أبداً الشروع في دق أبواب واشنطن من أجل تكرار ما حصل أثناء ترسيم الحدود البحرية والتي لم يستطع لبنان الاستفادة منها ولا على أي صعيد، بل المطلوب قراءة تداعيات التدخلات الأمريكية ومن معها من أجل وضع صيغة لمواجهة ما يُخطط للبنان ضمن الإمكانات التي يملكها وفي مقدمتها الحفاظ على المقاومة وعلى سلاحها، وهذا هو الخيار الأمثل، حيث من المطلوب – تقول الأوساط – هو الشروع في أن تلجأ الرئاسة الأولى إلى الاتصال والتشاور مع المكونات السياسية اللبنانية كافة والتحضير لعقد مؤتمر وطني يكون بند واحد على جدوله وهو صياغة إستراتيجية للدفاع عن لبنان.
وتؤكد الأوساط أن المرحلة لا تشبه العام 1982 حيث يحاول البعض الترويج لاجتياح بري صهيوني لجنوب لبنان، فواقع لبنان مختلف، وما زالت هنالك المقاومة قادرة على التصدي وتملك من أسباب القوة لتلحق الهزيمة بالجيش الصهيوني، وهذا الواقع من أن واشنطن وحلفاءها غير قادرين على فرض أي اتفاق إذعان على لبنان مشابه لاتفاق 17 أيار جديد.
