حبر على ورق 518
بقلم غسان عبد الله
لحظة واحدة
بالشجرِ يتصبّحُ الوجهُ، بالطّيورِ المرقطةِ، والشمسِ النديّةِ فوق القمم، نعمةٌ يعيشها الحطّابُ هذه الآونة، ومضاربُ الهنود الحمر.. لحظةً واحدةً، أيتها الغبطةُ اليافعةُ، لو تجمدين كمرساةِ في مجاري الرياح.
رفيقة السفر
تحت النافذةِ حديقةٌ، عند سياجها شجرةُ تفّاحِ، طويلاً يتأمّلُ ثمارها السّاقطةَ ولا يرتوي، ربّما لأنّها سترحلُ معه في المركبِ إلى القاطعِ الآخر.. إنها رفيقة السّفر.
عصفور
على طرف الغصنِ عصفورٌ داكنُ اللون، ربّما سُمّنَة، تحت غبشٍ صباحيٍّ يتشمّس، يفلّي ريشَهُ، بأظافره يغسلُ منقارَهُ من فتاتِ الثّمر البري، يتوقّف، يرفعُ رأسه، قليلاً ينحني، يطير، لا أحد يعرف إلى أين.. لا ذاكرةٌ تُثقِلُهُ، ولا أفكارٌ حالكة.
غربة
الكلمةُ الشعريةُ اعترافٌ، إنها عجينةٌ العالمِ الدّاخلي، دمُهُ وشرايينُهُ، ومع هذا، هي شيءٌ آخر عندنا، بينها وبين “شاعرِها” مسافاتُ النّجوم، غربةٌ لا تقوى عليها جسورُ الأرضِ ومعابرها.
المرة الأخيرة
قريباً يجمّع أوراقه، يحزمُ حقيبته، وفي الطائرةِ إلى بلاده، إلى بلادِ الشمسِ والوجوهِ الأليفةِ.. بعد عزلةٍ أقسى من مصائب عمياءٍ يعودُ إلى ترابه، إلى هوائهِ وعيونِ مائه، إلى مقعدِهِ تحت العتبةِ وإلى المسبحةِ، إليها، إليهم يعود.. وداعاً يا أناشيدَهُ، وذكرياته.. إنها المرةُ الأخيرةُ، فالجسدُ خريفيٌّ، وفي سماءِ القلب باردةٌ حجارة النبض.
