آهٍ من قلبي.. أملِكُ قلباً أكبرَ من أن أُعلِنَهُ
بقلم غسان عبد الله
لي قلب جاهليّ العصف، أعمى..
ضجّ بالحبّ تليداً فغدا من ضجّة الحّب أصمّا
وَانِيَ العزمِ، خراباً كجبيني..
من عناءِ الغزو والصحراءِ في صدري مجعّدْ
ضاقَ صبراً بشجوني بأناشيطِ المرارات التي تنصب أشراكاً لأطيار جنوني،
بتباريحِ فصولِ العشقِ، بالكون غدا سجناً لطيرِ الروحِ موصدْ
بائس قلبيَ، قد أتلفه عيشُ الصعاليك صغيراً
فتهاوى من سماء الحلْم.. من أفْق الأغاني خافت النبْضات مجهدْ
واجف الخطو، شريداً.. طوّح الفقرُ أزاهيرَ براريه، وشرّدْ..
واستبدَّ الحزنُ في أغواره العزلاء..
لم يترك سوى بُقيا لقلبٍ كفَراشٍ خائر الحلم، ممدّدْ
هو ذا يبكي على جذوة عمرٍ من دموعٍ..
وشفا عتمة قبر في ضلوعي نام فيها وتوسّدْ
طالما هامَ على وجهِ أمانيه شقيّاً
ليس يدري أيلمُّ العطرَ في دربِ الغزالاتِ ليشقى.. أم ليسعدْ؟
كم لها حنّ شغوفاً من جواهُ؟! كم بها صبّاً تغنّى؟! وأغانيه دماهُ كم تمنّى! كم تهجّدْ!
ناسكاً يستمطرُ العمرَ غصوناً فارعاتٍ..
يبتدي منهنّ للعشق صلاةٌ… بوحها ليلُ احتراقٍ.. ظلّها شايٌ وعسجدْ
عبثاً فرّتْ سنونُ الحُلْمِ والرؤيا عِجافاً
لم تَدَعْ إلاّ سراب الطيفِ منقوشاً على حيطان معبدْ
يتراءى الطيف في قفرِ الخلايا.. في ابتهالات المرايا
لحُبَيْباتٍ، صفيّاتٍ سرقنَ اللحظةَ الخضراءَ من كرْم حفيّ
هزّه وقعُ الخطى والعطرُ من جوعٍ.. فصلّى وتشهّدْ
أشعل الأوراد باللهفة مسحوراً وأوقدْ..
ملأ الأقداح باللهفةِ من نار خباياه جهولاً ثمّ بالنور تجدَّدْ
علّهُ يورقُ في نبضِ النُّسيمات حقولاً من دعاءٍ ووجيبٍ كلّما غنّى لها وردٌ تورّدْ
علّه يوقظ لو حيناً من الخفقةِ قبلَ الصحو لو في غابةِ الرؤيا تلاشى وتبدّدْ
قبل أن يدركه غدر المُلِمَّاتِ.. صَرَفْنَ الوقتَ واللحظةَ، جفّفن الهواءْ
وتركْنَ الكرْم أشتاتَ حريقٍ في سحيقٍ من هباءْ.. بالصباباتِ مصفّدْ
آه من قلبيَ كم هبَّ لجوجاً عاصفَ الرغبةِ إذ قُلْتُ تأوّدْ
كم طوى في بحرهِ من كالحِ الخيبةِ ألوانَ قروحٍ
نزفها الحتف صراخاً في فضاء.. بالجراحات تلبّدْ
كم على شطّ الهوى أرغى – إذ النوء تولاّه – وأزبدْ
وعلى جمر الغضى أزهق ورد الوقت – لا يدري - وبالجمر توحّدْ
وتناهى في رمادٍ مدلهمِّ الموتِ يذوي
كلّما هبّت شَرودٌ في فيافيهِ تغنّي قام من أشلائه حيّاً، وعربدْ
هو قلبي الذي لا تراهُ ويراكَ في المفرداتِ فيسْعَدْ..
نعم يا سائلي.. أنا أملِكُ قلباً أكبرَ من أن أُعلِنَهُ..
وأصغرَ من أن يُعلِنني على أشرعةِ المساءِ العاشقَ المسهَّدْ
لي قلبٌ كما أنت يا صاحِ.. لي قلبٌ جاهليُّ العصفِ، أعمى
ضجّ بالحبّ تليداً فغدا من ضجّةِ الحبِّ أصمّا
وانيَ العزمِ، خراباً كجبيني.. من عناءِ الغزوِ والصحراءِ في صدري مجعّدْ
هو قلبي طائرُ العنقاءِ من موتِ رمادِ الموتِ يولدْ
كلَ يومٍ بالخفقِ الجميلِ يتجدّد.
