إقليميات

“بركات طوفان الأقصى”: تحريرٌ ونصر لمحور المقاومة

بقلم: زينب عدنان زراقط

الجنوب لبّى، – سنخوض البحر معك – خاض المقاومون الطوفان… فأينعوا أفواجاً من الشهداءِ – على طريق القدس -، مُتلألئين بين طيّات الأمواج بفرحة تحريرٍ ونَصر!

كالعادة، سيد المقاومة الإسلامية، السيد حسن نصر الله، سبّاقٌ في قراءة المشهد وهو مدرك لمبتغى أمريكا الكامن بتحقيق مصلحتها الاقتصادية والغنيمة بالنفط والغاز من تحت أرض المعركة المحتدمة، فقدّم الحلّ الذي كان يتلعثم به البيت الأبيض وترتجف أوصال مبعوثيهم من المجيء إلى لبنان، خوفاً من الحرب القائمة في جنوبه على شفا حفرةٍ من نار، بإمكانها أن تلتهم “إسرائيل” وما يتواجد لهم من مصالح في الشرق الأوسط.

وعلى عجلٍ تلقّت واشنطن الرسالة، وسرعان ما جاءت بمبعوثها إلى لبنان، من بعدما أبلغ “الاحتلال الإسرائيلي” بأن مفاوضات ترسيم الحدود مع لبنان قد بدأت… فهل يستعيد لبنان أرضه المتنازع عليها مع إسرائيل ببركة “طوفان الأقصى”؟ وهل تنعكس بنصرٍ مضاف على بقية بُلدان المقاومة أيضاً؟.

نصرُ لُبنان

من هوكشتاين إلى جوزيب بوريل حتى بلينكن، مبعوثي أمريكا إلى الشرق الأوسط، أتوا لبحث منع اتساع الحرب بين إسرائيل وغزة لتتحول إلى صراع إقليمي، ولتحديد حلٍ يضمن حصة أمريكا ومصلحتها.

فالحرب الشاملة تعني “يوم القيامة” في منطقة تزود العالم بمعظم احتياجاته من النفط والغاز. تدمير لبنان لا يقدم ولا يؤخر في خارطة العالم، لكن تدمير إسرائيل يعني محو كل الجهد الغربي في المنطقة منذ ما يقارب القرن من الزمن، يعني نهاية هذا الاستثمار الضروري والحيوي للغرب الجماعي برمته. وفق هذه الرؤية أتى هوكشتاين وبعده بوريل واليوم يأتي بلينكن للمنطقة.

وصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى لبنان – من بعد عدة زيارات سابقة إلى الخليج – سعى فيها بدايةً وبشكلٍ عبثي كي لا تتفلت الأمور من يد أمريكا مع الإسرائيلي في حربها على غزة، إلى أن وصل الى لبنان مدركاً أن لا حل لديهم، سوى الخضوع لمقترح “حزب الله” الذي تلقّفوه كعصاة النجاة الوحيدة المتوفرة أمامهم.

الأمريكي بات مدركاً تماماً بأن الحلّ لا يُمكن حدّه بجغرافيا غزة أو حتى فلسطين، بل هي من رأس الناقورة شمالي لبنان عند الحدود البحرية للبحر الأبيض المتوسط، مروراً بـ “غزة” حتى اليمن! وللداخل من العراق وسوريا حصّتهم أيضاً.

وفي التفاصيل، أنّ أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله قد أشار في الحفل التأبيني لرحيل أحد قادة المقاومة – أواخر الأسبوع الماضي – إلى أنه “الآن هذه فرصة كما قلت في لبنان نحن عندما ذهبنا وفتحنا الجبهة لم نفتحها بالبداية بنية تحرير الـb 1 والغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، لكن هذه من بركات التقرب إلى الله ونصرة المظلومين في غزة”. ليأتي المبعوث الأمريكي بعد أيامٍ قليلة إلى لبنان، يتشدّق بموضوع “ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، فيما أفاد موقع “أكسيوس” الأمريكي عن مسؤولين “إسرائيليين” بأن هوكشتاين أبلغ رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو نيته بدء مفاوضات غير مباشرة بشأن الحدود البرية مع لبنان. وبالطبع إن كل ما يهمّ الأمريكي من بعد ما قد وصل إلى حدّ الاستنزاف المجتمعي والدولي – العالمي، ووضع موضع اتهام ومُسائلة، هو في سعي دائم كي يلتهم ما يجده أمامه ويستغله، وترسيم الحدود يعني مزيداً من حقول النفط المتاحة لإسرائيل كي يبتلعها هو.

طوفان الأقصى سيطرد القوات الأمريكية…

أمّا عن المقاومة في العراق التي دخلت معركة طوفان الأقصى ضدّ العدو الأمريكي – الصهيوني، في 18 تشرين الأول 2023، من بعدما كانت قد بدأت في 7 تشرين الأول في غزة، ليكون هدفها الذي تسعى إلى تحقيقه “وقف الحرب على غزة”. وحتى تاريخ اليوم قد تمكّنوا من استهداف كل قواعد الاحتلال الأمريكي في العراق وسوريا، بالمُسَيَّرات قصيرة المدى، ومتوسطة المدى إلى الصواريخ الباليستية وضرب “إيلات” في فلسطين المحتلة وأهداف في البحر المتوسط – تحديداً حقل كاريش المحتل – وصولاً إلى أهداف في الجولان السوري المحتل وفي البحر الميت.

خوض المقاومة العراقية المعركة هو تحدّي ومؤازرة “غزة” في وجه العدو الأمريكي بشكلٍ مباشر في معركة طوفان الأقصى، حمل العراق إلى فرصةٍ تاريخية للتخلص من القوات الأمريكية وقواعدهم المحتلة في أرضة منذ حوالي العقد من الزمن، تحت عنوان القضاء على داعش، – التي هم صنعوها – لدخول العراق وشفط نفطه… فكانت فلسطين ونصرة “غزة”، هي نقطة الفصل كي تُعلن حرباً مُباشرةً ضد القواعد الأمريكية في منطقتنا، كون أن أمريكا هي راعية عدوان غزة وممولتهُ.

إلى اليمن الذي شلّ حركة الاقتصاد داخل الكيان المحتل، وأربك أمريكا وفرض عليها الاعتراف بعجزها عن إيقاف حركته المناضلة في الضغط على إسرائيل لوقف عدوانهم عن “غزة”.

“اليمن” – العزيز – الذي أصبح سيّد البحر الأحمر، في وقفة عزٍ وشموخ، باستخدامه ورقة الحصار البحري على الكيان الصهيوني، بمنع مرور السفن التجارية من البحر الأحمر وباب المندب، وهي وسيلة لم يستخدمها اليمني طيلة سنوات الحرب والعدوان عليه – بقيادة أمريكا وإسرائيل وبريطانيا والسعودية والإمارات -، فقد ظل البحر الأحمر وباب المندب ممراً للسفن الحربية والبوارج الأمريكية التي تقصفه ليلاً ونهاراً، تقتل وتدمر، دون أن يغلق مضيق باب المندب أمامها، وأمام السفن التجارية المتوجهة نحو دول العدوان، والذي كان بمقدوره أن يضغط على هذه الدول، ويجعلها تستسلم.

ولكن الأمر قد اختلف مع فلسطين، ما استدعى اليمن من دون تردد لاستخدام ورقة البحر الأحمر وباب المندب، ومنع السفن التجارية الصهيونية أو المتجه نحو الكيان الصهيوني، وهو ما ألحق الضرر الاقتصادي الكبير عليها، وكبدها الخسائر الاقتصادية الهائلة والموجعة ما استدعى أمريكا بنفسها لتهديد اليمنيين، واستشهد أفراد من القوات البحرية في مواجهة مع القوات الأمريكية، فمن أجل فلسطين يُعلن اليمن الحرب المباشرة مع أمريكا، التي طال أمد انتظاره لها.

في نهاية المطاف، سيدرك الأمريكي أن مُعاندتهُ لم تنفعه بشيء، بل جعلته في موضع الذليل وكُسرت هيبته، لأن كل تهديداتهم لن تُثنيَ اليمنَ عن موقفِه الداعمِ والمساندِ لمظلوميةِ الشعبِ الفلسطينيِّ، وستبقى القواتُ المسلحةُ اليمنيةُ مُستمرةً في منع السُّفُن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة من المِلاحة في البحرينِ العربيِّ والأحمر.

ختاماً، “أسطورة تلاحم محور المقاومة”، قصة القوم الذين استضعفوا في هذه الأرض، ومن ثمّ كانوا الوارثين، فإن كان الأمريكي قد التمس الإذن من لبنان كي يأتي بملف مفاوضات ترسيم الحدود الشمالية كي يضمن سهمه من النفط والغاز الإسرائيلي، فهل من المستبعد أن نجد الأمريكي في اليوم التالي على طاولة حوارٍ مع حكومة صنعاء والحكومة العراقية أيضاً وكذلك في سوريا، لرفع حصار والمفاوضات مقابل جنيها حصصاً وأسهماً لقاء ما تبتغي من نفط وغاز؟.