عبرة الكلمات 426
بقلم: غسان عبد الله
أمنيات النفس
لا شيء أقسى أو أمرّ على الغريب من الغروبِ.. زمنٌ مواتٌ مثقل بالحزن كالحلم العروبي! لا يقظة فيه ولا نومٌ!.. رماديّ الندوبِ.. فكأنه جسد النهار يموتُ.. كُفِّنَ بالشحوبِ.. أو أنه شبحٌ يُطلُّ فيختفي أُنس الدروب!.. كم ذا أمنّي النفس أن أحيا احتفالاً.. للقلوب.. وأرى بلادي.. ثورتي.. تصحو وتبدأ بالشبوب لا أن تكون ـ فيندم الشهداءُ ـ كالشاة الحلوب!.. كم ذا أمنّي النفس راحلتي.. يهدهدها ركوبي وتحطّ بي.. في مُلتقى شوقي بلا دمع سكوب! وهناك.. أهلاً بالغروب ولو يعانقه غروبي!.
مجيء.. إلى القدس
كأنكِ حُلْمٌ.. كأني عِلمٌ! أجيء إليكِ مفتتحاً عهود القلب والرؤيا ومنتعلاً حذاء الوقت!.. أجيء إليكِ منتشلاً بقايا الروح.. مختتماً فصول الموت!.. أجيء إليكِ مبتهجاً صدىً أو صوتْ ومنتظراً ظهورَ صاحب الزمانْ.
عيتا
في تُربِكِ يتجدَّدُ خِصْبُ الأرضِ المحروقةِ.. فرحاً!.. تتعالى أسماء الشهداء.. المنصوبة رايةْ!.. عيتا.. هاتي قبساً من لونكِ كيما تتناسق أصوات المخلوقات وينبت وردٌ أحمر في الصخر الأسود!.. هاتي قبساً حتى ينبجس الينبوع وينجب ألف نهارٍ.. ونهار!.. لونكِ يختزن الألوان السبعةَ.. وشقائقُ نعمانٍ تشقُّ الصخر الأسودَ.. تسحق كل الساعات الرملية تعلن زمناً للرقّة والقسوة في آنٍ!.. تعلن غوايةَ تموزٍ ونهايةَ اليهودِ.. وتعلنُ: “من تراب الأباةِ.. ولادةُ الإنسانْ”.
غرتانِ
غرتانِ تضيئانِ هذا الصباحْ: على مدخلِ الروحِ واحدةٌ.. وعلى غيمةٍ تتوهّجُ في منزلي.. غرتانِ تضيئانِ هذي الجراحْ: على شجرٍ وعلى قمرٍ.. فيعيدُ دمي نجمةً شرّدتْها المسافاتُ خلفَ البحارْ.. غرتانِ تضيئانِ: واحدةٌ للظلامْ وواحدةٌ للنهارْ.. فكيفَ إذن لا يزهّرُ بي فرحٌ وكلامْ وأنا راحلٌ نحو أفْقِ الغدِ الهاطلِ؟!.. غرتانِ تضيئانِ في منزلي.