آخر الكلام

خذْ يا شهرَ الضراعةِ أغلى تلاواتي

بقلم غسان عبد الله

أيْقَظَتْ ألحانُ روحي‏ إشراقةَ القلبِ عند عتباتِ شهرٍ كريمْ،‏

وما عادّتْ مع النّور اغتراباتي،‏ وأسرارُ نشيدي.‏.

وما عادَ يؤنسني غيرُ دعاءِ الحزينْ..

وعُدْتُ طفلاً‏ أغسْلُ الذنب بدمعي،‏ وأكتُبُ كما الشعراءِ بطاقتي..

ألثمُ وجنةَ السَّحرِ ثم أقولُ: الله.. الله.. وأستقيمْ..

أشمُّ العطفَ‏ منْ أنفاسِ الصيامِ..‏ أُشعِلُ على النوافذِ قنديلَ قصيدي 

وأرى في زحمة المشْوارِ وحياً،‏ أرسلتْهُ الرّيح فانسلَّ رقيقاً.‏. في ينابيع وريدي.‏

‏عُدْتَ يا شهر المكرماتِ، والأيّامُ طَيفٌ‏ لمصابيح التجلي.‏

وأضأْتُ العيدَ بصومٍ وذكرٍ،‏ فالمفردات في قلبي، كأنها نشيدي..

سأنْشِدُ.. يا شهر الخير القادمِ.. كلُّ نوافذي ستضيئُ.. فيكَ أنوارُ عيدي..

عُدْتَ والليالي مفعماتٌ بالأسى.. والقلبُ صلاةُ تائبٍ،‏ في السَّحَرِ ومطلعٌ لصبحٍ أكيدِ..

الليالي مفعماتٌ بالأسى.. لكنَّكَ شهرٌ يغيِّرُ شكلَ الأسى.. تنضحُ بكلِّ دعاءٍ فريدِ.. ‏

واهتزّ عرش الحُبّ،‏ أدمنْتُ صلاةَ الغُفيلةِ..‏

 وبعثرتُ سلاماً منْ سلاماتي لأيامِكَ أزهرَ فيها وجودي..‏

وأحلاماً على أكتافِ موْجٍ،‏ مِنْ جنونِ البحرْ،‏  

والرّبانُ يرخي الحبلَ للرّيحِ،‏ ويرميني على الشّطآنِ،‏ فأحتّكَّ بحفّاتِ شرودي..‏

وتناجيني،‏ نداءاتٌ منَ الرّوحِ،‏

إلى منْ تنتمي،؟؟!‏ قلتُ:‏ احتراقُ الوقْت،‏ يمشي في تجاعيد جبيني،‏

وعلى كلّ شعابٍ،‏ رهبةٌ تقرع أبوابي،‏

وأنسى عند أعتاب جوابي،‏ حذرَ البوحِ‏ وأسرارَ اتّقادي.‏

اججتني صلاة الليل قبل أن يشتد عودُ الغفوةِ العمياءِ،‏

أعلنْتُ:‏ بأنّي لغةٌ للعشْقِ،‏ أهتزّ على عرْشِ المسرّاتِ،‏

أنادي:‏ يا أيام الله الجليلاتِ جودي‏..

وأبوح الآن بالسّر: فخذْ يا شهرَ الضراعةِ أغلى تلاواتي..‏

 وأذِّن لصلاة الفجرْ يا عشْقُ،‏ وسلّمْني رماد الأرضِ،‏ بارك في سجودي.‏

‏خُذْ تحيّاتي،‏ ودَعْني،‏ أحْملُ العبء على أكتافِ صمتي‏

قِطَعاً منْ غَضَب النَهر،‏ وأكياساً منَ الفقْرِ،‏ وأحجارَ المَعابدْ.‏

ليتني،‏ أصطادُ مِنْ لياليكَ يا شهرُ،‏ بريقَ الوَعْدِ،‏

ألتفّ وجيباً‏ يُخصِعُ النبضَ المعانِدْ.‏

‏أترفضني،‏ ولماذا؟!‏ كيفَ؟؟!‏ لا أدري!!‏

فقد أصبحتُ رسْماً،‏ بيْنَ لوْحاتِ التجليّ.‏

صرتُ عنواناً على الرّمْل،‏ وأخباراً مع الطيرِ،‏

تلوّنتُ بلون الرونق الأنقى وجمّعْت رحالي،‏

فوق أوجاعي عبرتُ الجوَّ،‏ في أدعيةٍ من روضة العمر،‏ وأسفار مجاهدْ.‏