عبرة الكلمات 432
بقلم غسان عبد الله
الحياة
الحياةُ ليستْ سوى ثوبٍ مستعملٍ يُمكن أن نعطيه لمتسوّلٍ أو نعلّقَهُ بين الحلِلِ الرسمية، والبنطلونات، ومعاطفِ الفراءِ التي تجاوزَتْها الموضةُ.. ستَجِدُ فيها العثة طعاماً لها.
الشِّعر
لستُ من دعاةِ الشعر.. أقولُ، بالمقارنةِ الى الأسرارِ التي تسحقُنا، الشعرُ مثلُ قطرةِ الندى على وَشْكِ السقوطِ.. يُترجِمُ متعةً عابرةً: متعةَ أن تكون ما لستَ أنت، أو ما لا ترغبُ بلا جدوى في أن تكونَهُ أبداً.
اتّهام
لم أعدْ أُسائِلُ أمثالي من البَشر.. فأنا أُخاطِبُ النباتاتِ، والحيواناتِ، والكواكبَ، والبحارَ. الأجوبةُ التي أتلقّاها منها، هي أيضاً ناقصةٌ وغبيةٌ ولا علاقةَ لها بقلقي. لكني لا ألومُها، بل أتّهمُ البشرَ الذين هم على شاكلتي: تافهون، هامشيّون، وفاشلون.
موعد مع الأعداء
كنت دائماً أحلم بأن أبيع مكتبتي، أن أنسى أقاربي، وأغادر إلى ميناءٍ صغيرٍ على ضفّةِ المتوسِّط. حيث أشتري مقهى رديئاً أرمّمُهُ وأُعيدُ طلاءَهُ بلون أزرق فاتح. وستحمل لافتة هذه الكلمات: “على موعد مع الأعداء”. ستكثُرُ المشاجرات، وتتطاير شظايا الصحون، وسيكون عليّ أن أطلب الشرطة أو الإسعاف ثلاث مرّاتٍ على الأقل في الأسبوعٍ. لم تتحقّقْ أمنياتي هذه: الزبائنُ يتبادلون التحيةَ، يعانقُ بعضُهم بعضاً، يشربونَ الشَّاي ويقهقهونَ. حتى أنا، اعْتَدْتُ على سُمنَتي وعلى نفاقِ مزاجي الرائق.
سعادة كبرى
السعادة الكبرى للإنسان الذي يفكر تقتضي أن يتساءل مراراً في اليوم: «مَن أنا؟» دون أن يأمل الحصول على جواب نهائي من نفسه.